بعد توقف دام ست سنوات، يعود معرض دمشق الدولي في دورته الثانية والستين، وذلك في الفترة من 27 آب إلى 5 أيلول 2025. من المتوقع أن يشارك في المعرض حوالي 800 شركة من أكثر من 20 دولة، مما يجعله حدثاً اقتصادياً هاماً على الصعيدين المحلي والدولي.
الأبعاد الاقتصادية قصيرة المدى: من المتوقع أن يحفز المعرض الطلب المحلي وينشط القطاعات الخدمية المرتبطة بالسياحة الداخلية، مثل الفنادق والمطاعم ووسائل النقل والخدمات الأخرى. وكل وحدة نقدية تنفق في هذه المجالات ستساهم في توليد دورة اقتصادية مضاعفة من خلال ما يعرف بتأثير المضاعف الكينزي (Keynesian Multiplier).
الأبعاد الاقتصادية متوسطة المدى: يعتبر المعرض منصة مهمة لتوقيع مذكرات التفاهم والاتفاقيات التجارية مع الشركات الأجنبية، وخاصة في القطاعات الصناعية الخفيفة مثل الصناعات الغذائية والنسيجية والكيماوية. وإذا نجحت المتابعة المؤسسية لهذه المذكرات وتحويلها إلى عقود فعلية، فقد يفتح ذلك المجال أمام دخول الصادرات السورية إلى أسواق جديدة، مما يعزز ميزان المدفوعات ويقوي القدرة التنافسية للصناعات الوطنية.
معيار الثقة والانفتاح الاقتصادي: إن عودة المعرض في حد ذاتها تمثل إشارة رمزية على انفتاح الاقتصاد السوري وسعيه لاستعادة مكانته على الساحة الإقليمية والدولية. ومع ذلك، فإن التحدي الرئيسي يكمن في قدرة الدولة على اتخاذ إصلاحات هيكلية تتعلق بتبسيط البيئة التشريعية واستقرار إمدادات الطاقة وتحسين مناخ الأعمال، مما يعزز ثقة المستثمرين ويحفز تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر.
التحديات القائمة:
- محدودية التمويل وصعوبات التأمين على الصادرات.
- تقلبات سعر الصرف ومعدلات التضخم المرتفعة.
- القيود التنظيمية والإجراءات الجمركية المعقدة.
رؤية: إن إقامة المعرض لا تمثل تحولاً جذرياً في بنية الاقتصاد الوطني، لكنها توفر فرصة استراتيجية يجب استثمارها. وإذا توفرت المتابعة الجادة من مؤسسات الدولة والقطاع الخاص لتحويل هذا الحدث إلى مبادرة تنموية مستدامة، فيمكن أن يشكل نقطة انطلاق نحو تعزيز النمو الاقتصادي طويل الأمد. أما إذا بقي مجرد فعالية إعلامية، فإن تأثيره سيظل محدوداً ومؤقتاً.
وبناءً على ذلك، يمكن القول إن معرض دمشق الدولي 2025 هو اختبار للثقة الاقتصادية قبل أن يكون مجرد تظاهرة تجارية.
*الكاتب: محمد صلاح الدين أبو عيسى (باحث اختصاصي في الإدارة العامة والإدارة المالية والمصرفية)
(أخبار سوريا الوطن١)