السبت, 16 أغسطس 2025 04:43 AM

سنغافورة تحت الضغط: ارتفاع تكاليف المعيشة يضع الموظفين على حافة الهاوية

سنغافورة تحت الضغط: ارتفاع تكاليف المعيشة يضع الموظفين على حافة الهاوية

تواجه سنغافورة، المعروفة بانضباطها المالي وارتفاع معدلات الادخار، تحديًا متزايدًا يتمثل في اعتماد عدد كبير من العاملين على رواتبهم الشهرية لتغطية النفقات الأساسية، مع محدودية القدرة على الادخار.

أظهر استطلاع حديث أجرته شركة “ADP” المتخصصة في خدمات الرواتب أن حوالي 60% من الموظفين في سنغافورة يعتمدون بشكل كامل على رواتبهم لتغطية مصاريفهم. وتعتبر هذه النسبة أعلى من مثيلاتها في دول آسيوية كبرى مثل الصين وكوريا الجنوبية واليابان، وتتجاوز المتوسط الإقليمي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ البالغ 48%.

يعزى هذا الوضع إلى مجموعة من العوامل، بما في ذلك ارتفاع تكاليف المعيشة وتغير أولويات الجيل الجديد، الذي يفضل الإنفاق على التجارب الشخصية والرفاهية على التخطيط المالي طويل الأجل.

يقول “جوفان يو”، الموظف في شركة خدمات مصرفية رقمية: “في نهاية كل شهر، أستخدم راتبي لسداد بطاقات الائتمان، ودعم والدي، ودفع أقساط التأمين والاستثمارات… وبعد كل ذلك، لا يتبقى شيء للادخار. أريد أن أعيش حياتي وأستمتع بالسفر وتناول الطعام خارج المنزل.”

على الرغم من انخفاض التضخم إلى أدنى مستوياته منذ أربع سنوات، لا تزال سنغافورة تحتل مكانة متقدمة بين الدول الأعلى تكلفة للعيش، وفقًا لمؤشرات “Numbeo”، حيث احتلت المرتبة الخامسة عالميًا والأولى آسيويًا، مع ارتفاع مؤشر تكلفة المعيشة بنسبة 11% خلال عام واحد فقط.

يؤكد الخبير الاقتصادي في “مايبانك”، براين لي، أن ارتفاع الأسعار تجاوز نمو الأجور، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية للموظفين. وأشار إلى أن الدخل الحقيقي الوسيط تراجع بنسبة 0.4% سنويًا بين عامي 2019 و2024، مقارنة بنمو سنوي بلغ 2.2% في الفترة السابقة.

كما ساهم ارتفاع أسعار العقارات في تفاقم الوضع، حيث ارتفعت أسعار إعادة بيع الشقق العامة بنسبة 9.6% في عام 2024، مقارنة بنسبة 4.9% فقط في عام 2023، وفقًا لبيانات هيئة تطوير الإسكان السنغافورية.

تتجاوز القضية الأرقام الاقتصادية لتصل إلى تحول في الثقافة الاجتماعية. ووفقًا لخبراء تحدثوا لشبكة “CNBC”، أصبح الإنفاق في سنغافورة “طموحًا” أكثر من كونه ضرورة، حيث يسعى الكثيرون لمواكبة نمط حياة فاخر حتى لو تطلب الأمر الاستدانة أو استخدام خطط “اشترِ الآن وادفع لاحقاً”.

يشير جوشوا ليم، مدير الثروات في “فيليب كابيتال”: “الرفاهية أصبحت جزءاً من الصورة التي يسعى كثيرون لإظهارها… سيارات مرسيدس من بين الأكثر مبيعًا رغم تكلفتها العالية.” ويضيف: “لدينا ما نسميه ‘المنفقون بنسبة 100%’، وهم من ينفقون حتى ما لم يحصلوا عليه بعد ويعيشون على الدين.”

يرى “هي رويمينغ”، مؤسس مدونة “ذا ووك سالاري مان” المتخصصة في التوعية المالية، أن الجيل الحالي نشأ وسط حملات تسويقية مكثفة، مما جعله أكثر ميلاً للإنفاق وأقل اهتمامًا بالادخار.

وتقول “جويس آنغ”، الموظفة البالغة من العمر 34 عاماً: “لا أشعر بالحاجة الملحة للادخار مثل والديّ… لا أملك منزلاً، ولا شريكاً، ولا أطفالاً، لذا لا أرى ضرورة للتقشف. بإمكاني الادخار، لكنني لا أعتقد أنني بحاجة لذلك الآن.”

مشاركة المقال: