كشفت مصادر صحفية عن احتمال لجوء الحكومة السورية إلى شن عملية عسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مدعومة من تركيا، بسبب ما تعتبره مماطلة في الانخراط في حل سلمي يضمن وحدة الأراضي السورية وسلامتها. وقد أفادت الأنباء عن وقوع اشتباكات بين الجيش السوري وقوات قسد على ضفتي نهر الفرات في محافظة دير الزور، حيث استخدمت الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية.
يأتي هذا التصعيد بعد ورود أنباء عن حشود وتحركات للجيش السوري على الجبهات المقابلة لمناطق سيطرة قسد في ريف حلب، استعدادًا لاشتباكات محتملة، وهو ما نفته وزارة الدفاع السورية، مؤكدة أن هذه التحركات طبيعية. ونقلت صحيفة ميدل إيست آي عن "مصادر إقليمية وأمنية" أن مسؤولين أمريكيين حذروا قسد من أن التحالف الدولي قد لا يتمكن من حمايتهم في حال شن الجيش السوري هجومًا عسكريًا، ما لم يلتزموا باتفاق 10 آذار. وأكدت المصادر أن الاستعدادات لعملية من هذا النوع قد اكتملت بالفعل.
ويرى الدكتور محمود حمزة، المحلل السياسي السوري، في تصريح لموقع حلب اليوم، أن "قسد مثل نظام الأسد لن تقبل بحل سياسي سلمي وستظل تماطل حتى النهاية، فهناك حشودات واستعدادات عسكرية وحفر للأنفاق تحت الأرض في الحسكة ومناطق أخرى، وهي ترغب بتفجير الوضع عسكريًا". وفيما يتعلق بموقف الولايات المتحدة، أشار إلى أنها "بعثت رسالة واضحة لقسد بأن تتجه إلى دمشق، وطبعًا هذا مقابل أن تدعم الحكومة الأمريكية دمشق وتؤيد الرئيس أحمد الشرع، ولكن إلى جانب المحادثات مع الحكومة، تُعد قسد لحرب خطيرة جدًا قد تتسبب بسيل بحر من الدماء.. هؤلاء عصابة سيشعلون الحرب ويهربون إلى قنديل لأنهم لا يختلفون عن الهجري وفلول النظام وسيلاقون مصيرهم".
وبحسب ميدل إيست آي، طلب المبعوث الأميركي توم باراك من المسؤولين الأتراك مزيدًا من الوقت للجهود الدبلوماسية والمفاوضات مع قسد، لكن أنقرة تؤكد أن القرار بيد الحكومة السورية، وأن تركيا جاهزة لتلبية أي طلب دعم، رغم أنها لن تتدخل بشكل مباشر. وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد وقّع مذكرة تفاهم مع قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، في آذار، وافق فيها مبدئيًا على الاندماج مع الجيش السوري، ونقل السيطرة على الحدود والمؤسسات الحكومية والسجون وحقول النفط والغاز إلى السلطات المركزية. إلا أن قسد عادت لتغيير موقفها وتطالب بالحكم الذاتي ونظام حكم لامركزي، لا سيما بعد الغارات الجوية الإسرائيلية على دمشق وجنوب سوريا، وقال عبدي إنه يريد أن تبقى قوات سوريا الديمقراطية تحت هيكل قيادة منفصل.
وفي مؤتمر صحفي عقده مع نظيره السوري في أنقرة، حذّر هاكان فيدان، وزير الخارجية التركي، من أن صبر بلاده بدأ ينفد بعد فشل قسد في اتخاذ خطوات ملموسة لمعالجة المخاوف الأمنية التركية، وأشار إلى المقاتلين الأجانب الذين تعهدت قوات سوريا الديمقراطية بطردهم قائلاً: "نرى في الوقت الحاضر أن أعضاء قوات سوريا الديمقراطية القادمين من تركيا والعراق وإيران وأوروبا لم يغادروا سوريا.. على العكس من ذلك، نرى أنهم ينتظرون المشاكل المحتملة لتعظيم استفادتهم من جميع العمليات – سواء في دمشق أو أنقرة. لا ينبغي لهم أن يظنوا أننا لا نرى هذا؛ فنحن نراه". كما أكد أن قوات سوريا الديمقراطية تسعى للحصول على مساعدة إسرائيلية للحفاظ على السيطرة على المناطق ذات الأغلبية العربية بالقوة والحفاظ على علاقاتها مع حزب العمال الكردستاني، مضيفًا: "في بيئة لا يتم فيها معالجة المخاوف الأمنية التركية، فليس لدينا أي وسيلة للبقاء هادئين هنا".
وأفاد موقع ميدل إيست آي بأن تركيا والولايات المتحدة منحوا قسد في اجتماع سابق مهلة 30 يومًا لتسريع عملية الانضمام إلى دمشق، ومن المقرر أن تنتهي هذه المهلة خلال أيام. وكانت وزارتا الدفاع في سوريا وتركيا قد وقعتا أمس اتفاقية تعاون عسكري مشترك بين البلدين، وذلك في ختام زيارة وفد سوري رفيع المستوى إلى أنقرة.