الإثنين, 11 أغسطس 2025 03:58 PM

اللاذقية تستعيد خضرتها: خطة لإعادة تأهيل الغطاء النباتي بعد الحرائق

اللاذقية تستعيد خضرتها: خطة لإعادة تأهيل الغطاء النباتي بعد الحرائق

أعلن مدير الحراج في وزارة الزراعة، المهندس مجد سليمان، عن تشكيل لجان فنية متخصصة عقب انتهاء حرائق اللاذقية التي اندلعت في 8 آب. تهدف هذه اللجان، التي تضم خبراء وأكاديميين حراجيين، إلى تقييم الأضرار التي لحقت بالمساحات الزراعية والحراجية، ووضع خطة فعالة لاستعادة الغطاء النباتي المتضرر.

تفاصيل الخطة المقترحة

أوضح مجد سليمان في تصريحات لوكالة الأنباء السورية (سانا) أن المديرية ستتدخل على المدى القصير في المناطق القريبة من القرى المتضررة، وذلك بزراعة أنواع حراجية متعددة الأغراض مثل الخرنوب، والسماق، والبطم، والغار، مع إشراك المجتمع المحلي في هذه الجهود. ونظرًا لتزامن الحرائق مع فترة الحمل البذري لبعض المخروطيات (الصنوبر، والبيوتي، وأنواع من عارضات الأوراق)، ستركز الخطة طويلة الأمد على حماية المواقع المحترقة، وإتاحة الفرصة للتجدد الطبيعي، ومنع قطع الأشجار، والحفاظ على التنوع البيولوجي، والمياه، والتربة من الانجراف.

بعد حماية المواقع لمدة سنتين، ستقوم الفرق الفنية بجمع البذور من الأشجار السليمة في موقع الحريق أو المناطق المجاورة، بهدف الحفاظ على الطرز الوراثية، علمًا أن المنطقة تضم نحو 630 طرازًا وراثيًا نباتيًا. وأضاف أن المناطق الحراجية التي تعرضت لحرائق متوسطة الشدة ستتجدد طبيعيًا عبر إنبات البذور الموجودة في الفرشة الغابية أو من الأعضاء الحية في التربة، بينما المناطق التي تعرضت لحرائق عالية الشدة سيتم تجديدها بنثر البذور أو باستخدام كرات الطين. وستعطى الأولوية للتجدد الطبيعي مع إبقاء الجذوع دون قطع لفترة أطول، وفي حال نمو أنواع حراجية تتفوق على النوع السائد سيتم التدخل بنثر البذور أو بزراعة الغراس المناسبة، بناء على دراسات للغطاء النباتي وكيفية نموه في المناطق المتضررة.

جهود إنتاج الغراس والتحريج الصناعي

وضعت وزارة الزراعة خطة لإنتاج الغراس والتحريج الاصطناعي، ولاستصلاح الأراضي، وزراعة أكثر من 53 نوعًا حراجيًا، وتحريج مواقع في مختلف المحافظات. تتضمن الخطة المقترحة للموسم 2025- 2026 نحو 1000 هكتار، بينما تعمل المديرية على دعم الفرق الحراجية من خلال الدورات التدريبية الفنية، وتزويدهم بالعمال، وتقديم إمكانيات لوجستية عدة لتلبية مهامهم وفق الإمكانيات المتاحة.

أكد رئيس دائرة الحماية في مديرية الحراج، المهندس مهيدي اليوسف، أهمية وعي المجتمع المحلي في حماية الغابات والحد من آثار الحرائق عبر الإبلاغ السريع، والمشاركة في الإطفاء، وتقديم الدعم اللوجستي، والإرشاد للفرق المختصة.

آراء الخبراء حول الخطة

الخبير التنموي أكرم عفيف، يرى أن الخطة المطروحة تتسم بالعمومية، وتحتاج إلى الخوض في التفاصيل. ويقترح شراكة "حقيقية" وفاعلة مع المجتمع المحلي عبر استثمار طاقات السكان المقيمين في الغابة أو في منطقة قريبة منها، عبر تدريبهم على كيفية التعامل مع الحرائق لقدرتهم على الوصول للمناطق ومعرفتهم بها ومعرفة احتياجات الأراضي. كما يمكن تكليف الفرد بزراعة مساحة محددة يستفيد منها ويصبح مسؤولًا عن سقايتها، ويمكن مساعدته بتوفير الصهريج للمياه، ويطلب منه أن يقوم بسقايتها. ومن جهة أخرى، يرى العفيف أنه يجب إنشاء خزانات لحصاد مياه الأمطار، بحيث تقام خزانات أرضية قرب الطرق المعدة في الجبال، لتجميع مياه الأمطار التي تهطل على هذه الطرق، وتستخدم هذه الخزانات في الحالات الطارئة، خاصة في حال نشوب الحرائق، وبهذا ليس هناك حاجة إلى الانتظار عند البئر الارتوازي لتعبئة سيارات الإطفاء، ثم العودة بعد إفراغها لإعادة التعبئة. هذا الأسلوب يتيح إشراك مئات آلاف الأشخاص القادرين على العمل والتدخل السريع، إضافًة إلى عشرات آلاف الآليات المتوفرة، وفي الوقت الحالي، المجتمع أصبح جاهزًا، فقد كان هناك تدخل مباشر من الأهالي لإخماد الحرائق بحسب قوله.

الغابات قادرة على التجدد الذاتي

فيما يتعلق بقدرة الغابة على تجديد نفسها، أكد العفيف ذلك، مضيفًا أن إحدى النظريات في مجال الحفاظ على الغابات تقول بضرورة ترك الغابة وشأنها بعد الحريق، ويتحفز نمو بعض الأنواع الحراجية مثل الخرنوب والغاز بفعل الحريق، كما تعتبر من الأنواع المنتجة والآمنة بيئيًا، ويستطيع المجتمع المحلي الاستفادة منها، لافتًا إلى إعادة النظر في زراعة الصنوبر، فبالرغم من أهميته فإن ثماره أثناء الاشتعال تتطاير لمسافات قد تصل إلى مئات الأمتار، مسببة حرائق جديدة. وأوضح الخبير التنموي أن زراعة الفول بعد أمطار الشهر العاشر تنشط التربة عبر إنتاج السماد الأخضر (الدبال)، وتوفر دخلًا وغذاءً للأهالي إذا كانت كمية الأمطار كافية، ما يمهد لإعادة الغطاء النباتي. كما أن تربية الماعز والأغنام الجبلية تحد من انتشار حرائق الغابات، لأن النار لا تنتقل من شجرة إلى أخرى مباشرة، بل تنتقل عبر الأعشاب الجافة، إضافة إلى دورها في تحسين دخل الأسر وتقليل اعتمادهم على قطع الأشجار للتدفئة، حيث ستصبح لديهم القدرة المالية لشراء بدائل للتدفئة، بحسب قوله.

أرقام حول أضرار حرائق اللاذقية

أعلنت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، في 4 آب، عن تضرر أكثر من 14 ألف هكتار نتيجة للحرائق التي اندلعت في ريف اللاذقية في 3 تموز. وأعلن وزير الطوارئ وإدارة الكوارث، رائد الصالح، في 15 تموز، السيطرة الكاملة على حرائق محافظة اللاذقية بعد 12 يومًا من العمل المتواصل. وسجلت الغابات والحراج النسبة الأكبر من الضرر، بمساحة بلغت 11,675 هكتارًا، أي ما يعادل 82.55% من إجمالي المساحات المحترقة. وجاءت الأراضي الزراعية في المرتبة الثانية، حيث بلغت المساحة 2,152 هكتارًا، أي بنسبة 15.21%، أما نسبة الأراضي العمرانية فبلغت الأضرار بها 193.78 هكتار، أي ما يعادل 1.37% من المساحة الإجمالية المحترقة، بحسب الإحصائية. الأضرار شملت 53 هكتارًا من المسطحات المائية ما يعادل 0.37%، وطال الضرر 67.94 هكتار من الأراضي ذات الاستخدامات المختلطة، بنسبة 0.48%. وبلغت نسبة الأراضي القاحلة والمهملة والمتحولة 1.93 هكتار، بما يعادل 0.01% من المساحة المحترقة، وفق الإحصائية.

مشاركة المقال: