ا.د. جورج جبور: معلم اليونسكو والأصل السوري ليوم اللغة العربية
تجمع السعودية وسورية المستقلة علاقات تاريخية وثيقة. يُذكر أن الملك عبد العزيز كان له دور في إقناع الرئيس روزفلت بدعوة سورية إلى مؤتمر تأسيس الأمم المتحدة في سان فرانسيسكو عام 1945.
عند ذكر مؤتمر سان فرانسيسكو، أتذكر ما قاله أستاذنا سانديفر في قاعة الدرس عام 1964، خلال حلقة بحث عن الأمم المتحدة خاصة بمجلس الوصاية في الجامعة الأمريكية في واشنطن. كان سانديفر عضواً في الوفد الأمريكي إلى ذلك المؤتمر الذي صاغ الميثاق. وأخبرنا أن المادة 78 من الميثاق تعرف باسم "مادة فارس الخوري".
في مجلد عن الأمم المتحدة يقترب من 700 صفحة، أصدرته هيئة للموسوعة العربية في سورية، وأهداني مشكوراً مديرها العام نسخة منه، لم تجد الموسوعة في صفحاتها الكثيرة متسعاً للدور السوري.
عام 1945: السعودية تقدمنا للعالم. عام 2006: كلمات عن "أشباه الرجال". في 2016: الخصومة في أوجها بين دمشق والرياض.
تلقيت دعوة عبر البريد الإلكتروني، مؤرخة في 10 تشرين الأول 2010، للمشاركة في احتفالية يوم اللغة العربية في باريس. وجه الرسالة إليّ "رئيس الخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية في اليونسكو"، وهو الأديب السعودي د. زياد بن عبد الله الدريس، الذي اعتدت قراءة مقالاته الأربعائية في جريدة الحياة.
لم يكن سهلاً على صاحب فكرة اليوم تجاهل دعوة هي من نتائج ما دعا إليه. أجبت د. زياد، واتصل بي هاتفياً في الموعد المحدد. طال الحديث وكان نافعاً، وأهم ما فيه أنه أبدى استعداده لبحث موضوع تعديل الموعد الراهن ليوم اللغة. اقترحت عليه المتنبي، وأشعرني بإمكانية الموافقة، لكنه ذكرني بتفضيلي لابن خلدون. شرحت له أنني في ذلك المقال كنت أستنهض همة الكسو ومركزها في تونس، وأن الاستنهاض يكون أحياناً بالاستفادة من نعرة. ابن خلدون يستحق، ولا بد من الاستفادة من تونسيته لإقناع الكسو بهجران يوم اليونسكو لصالح رمز شامخ عربي تونسي. لوّح السعودي بتلبية مطلبي الأهم بتعديل الموعد احتراماً لأنفسنا. شعرت أننا سنصنع للمتنبي تمثالاً ضخماً، ثم نجلس شكسبير إلى يمينه وبوشكين إلى يساره. قبلت الدعوة وسافرت.
في الجلسة الأولى، كان موقعي إلى يسار رئيس الجلسة، وإلى جواري وزير خارجية المغرب الأسبق. وصلت إلى المنصة في الثلث الأخير من الجلسة، وذكرت عن جامعة حلب وعن يوم اقرأ، وعن العدول عنه تدريجياً إلى 18 كانون الأول، وختمت مطالباً بالمتنبي.
فرح الجمهور وأيد. لكن صديقنا ختم الجلسة بالقول إن اليوم لن يتغير فقد أصبحت له تقاليده. وفي وقت لاحق، وردني من وزير خارجية المغرب السابق تأييد مكتوب للمتنبي. بهتت صداقتي الهاتفية القوية مع د. زياد، واستمرت صلة الحد الأدنى المهذب.
أتوجه إلى د. زياد بالتحية من هنا، فقد مني رقم هاتفه في عداد ما أفقدني الجوال من أرقام. وهو لا ريب أكثر مني خبرة بشؤون العالم الرقمي، وسيعرف طريقه إلي كما عرفه ذات يوم. فإذا تبلورت حماسة سعادة مدير عام هيئة الكتاب في فعالية تعقد يوم 11 آب، فسأسأله مخاطبة السفارة السعودية في دمشق لكي يكون معنا في الفعالية ذلك الأديب الذي اقترن اسمه باحتفالية اليونسكو، صاحب ثاني كتاب بعد كتابي "يوم اللغة العربية" يحمل عنواناً فيه الكلمات الثلاث الحلبية الأولى: "يوم اللغة العربية"، تلك الكلمات التي خاطبت بها القمة العربية في 15 آذار 2006.
وإلى الآن لم تصل رغم تمنيات بالوصول عبر عنها في مخاطبات إليَّ أ. د. خالد مدكور، أمين عام اتحاد مجامع اللغة العربية. هل في دقائق أعطيت لي من المنصة كان كل تعليمي لليونسكو ولمضيفي ما حجب عنهم من علم ع الأصل السوري؟ كلا. فالى غد الذي. اطلق عليه "يوم القراءة".
دمشق. صباح 10 آب 2025
(موقع اخبار سوريا الوطن-1)