الجمعة, 8 أغسطس 2025 08:46 PM

سوريا: الأيتام ضحايا الحرب يواجهون الفقد والتهميش ونقص الرعاية

سوريا: الأيتام ضحايا الحرب يواجهون الفقد والتهميش ونقص الرعاية

إيمان زرزور: خلفت الحرب في سوريا، خلال سنواتها الطويلة، آثاراً مأساوية على جميع فئات المجتمع، والأطفال هم الأكثر ضعفاً وتضرراً، خاصةً أولئك الذين فقدوا آباءهم بسبب القصف أو المعارك أو التعذيب، ليصبحوا أيتاماً في بلد يعاني من الألم، ومجتمع يئن تحت وطأة النزوح والانهيار الاقتصادي.

إن فقدان الأب في الطفولة يترك ندوباً نفسية عميقة تستمر لسنوات عديدة، حيث يواجه العديد من الأطفال الأيتام مشاعر الوحدة والحزن والقلق والغضب، في ظل غياب أي دعم نفسي أو القدرة على التعبير عن هذه المشاعر. يظهر لدى البعض منهم سلوك عدواني واضح، بينما ينطوي البعض الآخر على نفسه، مما يؤثر على توازنهم النفسي والاجتماعي على المدى الطويل.

وتحت ضغط الفقر، يُجبر عدد كبير من هؤلاء الأطفال على العمل في الشوارع، أو التسول، أو جمع المواد البلاستيكية والمعادن، لتأمين قوت يومهم، بينما يفقد آخرون المأوى بعد وفاة المعيل، ويعيشون في خيام عشوائية، أو لدى أقارب غير قادرين على توفير الرعاية الكافية.

في مواجهة هذا الواقع المؤلم، ظهرت مبادرات إنسانية من بعض المنظمات والمجتمعات المحلية، تهدف إلى التخفيف من معاناة الأيتام، من خلال تقديم كفالات مالية، وخدمات طبية، ودعم نفسي، وبرامج تعليمية مجانية أو مدعومة. وعلى الرغم من أهمية هذه الجهود، إلا أنها لا تزال غير كافية، ولا تصل إلا إلى نسبة محدودة من الأطفال الأيتام المنتشرين في المناطق المتضررة من الحرب.

تعتمد العديد من الجمعيات على برامج كفالة شهرية، ولكنها غالباً ما تكون غير منتظمة، ولا تلبي الاحتياجات الأساسية، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة. كما أن غياب برامج الدعم النفسي المتخصصة يمثل فجوة كبيرة في الرعاية المتكاملة لهؤلاء الأطفال، الذين يحتاجون إلى أكثر من مجرد الدعم المادي.

على مستوى المجتمع المحلي، يواجه الأيتام نظرة شفقة مصحوبة بالعجز، حيث يصعب على معظم الأسر تقديم دعم حقيقي في ظل الفقر والبطالة، بل إن بعض الأطفال يُعاملون كعبء إضافي، مما يزيد من عزلتهم ويزيد من شعورهم بالرفض والتهميش.

من هذا المنطلق، يجب ألا تكون رعاية الأيتام مجرد استجابة موسمية أو حملة مؤقتة، بل عملية منظمة ومستدامة، تهدف إلى حمايتهم، وتوفير فرص التعليم، والرعاية النفسية، والتأهيل الاجتماعي، ليحظوا بفرصة لحياة متوازنة ومستقبل كريم.

الأيتام في سوريا لا يحتاجون فقط إلى الغذاء أو المأوى، بل يحتاجون أيضاً إلى الشعور بالأمان والانتماء والتعليم والرعاية المتكاملة. إنهم ليسوا مجرد أرقام في سجلات الحرب، بل هم أطفال يجب النظر إليهم كرافعة لمستقبل وطن أرهقته سنوات الجراح.

أخبار سوريا الوطن١-الثورة

مشاركة المقال: