الثلاثاء, 5 أغسطس 2025 04:04 PM

حمص على شفا العطش: انخفاض تاريخي في منسوب عين التنور يهدد المدينة

حمص على شفا العطش: انخفاض تاريخي في منسوب عين التنور يهدد المدينة

تواجه محافظة حمص أزمة مياه حادة، حيث دقّت ناقوس الخطر إزاء الانخفاض غير المسبوق في منسوب مياه نبع "عين التنور"، الذي يُعدّ المصدر الرئيسي لمياه الشرب في المدينة. وقد وصل المنسوب إلى نحو 32% فقط، مما يهدد حياة أكثر من مليون ونصف المليون نسمة يعتمدون عليه منذ عقود.

استجابةً لهذا التدهور الخطير، أطلقت المؤسسة العامة لمياه الشرب حملة توعية عاجلة، تحث السكان على ترشيد استهلاك المياه والتكيف مع نظام الضخ المتقطع، حيث أصبحت المياه تصل إلى المنازل يوماً وتنقطع يوماً آخر.

مدينة حمص، التي عُرفت تاريخياً بـ"جارة العاصي" و"مدينة الينابيع"، لم تعد تشهد تدفق المياه المعتاد. فقد انخفضت كميات الضخ اليومية من 130 ألف متر مكعب في صيف العام الماضي إلى 80 ألف متر مكعب فقط هذا الصيف، أي بتراجع قدره 45%، وفقاً لبيانات مؤسسة المياه.

وصف المهندس محمد عبد الوهاب حسين، مدير الموارد المائية في حمص، الوضع بأنه "الأخطر منذ مئة عام"، موضحاً في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن هطول الأمطار هذا العام لم يتجاوز 141 ملم، مقارنةً بالمعدل الطبيعي البالغ 400 ملم، مما أثر سلباً على تدفق نهر العاصي الذي سجل أقل من 0-5 م³/ث عند سد الرستن في نهاية حزيران 2025.

لم تكن الأزمة الحالية مفاجئة للخبراء، حيث حذرت دراسات سابقة من احتمال خروج نبع عين التنور عن الخدمة بحلول عام 2025 إذا لم تُتخذ إجراءات بديلة. ورغم وجود مشروع استراتيجي يُعرف بـ"أعالي العاصي"، يهدف إلى استجرار مياه النهر وتنقيتها لتغطية نصف حاجة المدينة، إلا أن المشروع ظل حبراً على ورق بسبب الإهمال الرسمي. كما لم تفلح الآبار الاحتياطية في إنقاذ الموقف، حيث تضم حمص 52 بئراً، لكن غالبيتها خارج الخدمة نتيجة الحرب والإهمال. وفي محاولة إسعافية، أعيد تشغيل 12 بئراً فقط حتى الآن، مع وعود بإعادة تأهيل مزيد من الآبار في أحياء كرم الزيتون وباب السباع وكرم شمشم خلال الأسابيع المقبلة.

الأزمة المائية في حمص ليست مجرد مشكلة محلية، بل جزء من مشهد أوسع فرضه تغيّر المناخ والجفاف المتكرر في سوريا، والذي بات يحدث مرة كل عشر سنوات بعد أن كان نادراً قبل عقود. ومع كل يوم ينخفض فيه منسوب عين التنور، يزداد القلق من مستقبل أكثر قسوة إذا لم يتغير نمط الاستهلاك ويُعتمد على خطط استراتيجية حقيقية.

يقع نبع عين التنور على بعد نحو 32 كم جنوب غرب مدينة حمص بمدينة القصير، ويعد المصدر الرئيسي لمياه الشرب لمدينة حمص ومناطق الريف الشمالي. وتغذى النبع من مجموعة ينابيع جوفية يعود تاريخ تكوّنها إلى الحقبة الكريتاسية، ويستخدم محطة ضخ ومعالجة خصصت لضمان سلامة وجودة المياه.

ومع انخفاض منسوبه اليوم، تقف حمص أمام معركة مياه حقيقية، حيث قد تحدد كل قطرة تُوفّر اليوم مصير المدينة غداً. وبالرغم من اليد العاملة لإعادة تشغيل الآبار البديلة، تبقى الإشكالية بحاجة إلى حلول استراتيجية تنقذ حمص من احتمالات شح أسوأ في المستقبل.

فارس الرفاعي - زمان الوصل

مشاركة المقال: