أثار رحيل الموسيقي والمسرحي اللبناني زياد الرحباني، الأسبوع الماضي، موجة من ردود الفعل المتضاربة بين السوريين. زياد، ابن السيدة فيروز، رمز الطرب اللبناني والعربي، كان يمثل للكثيرين رمزًا للتمرد والرفض، لكن موقفه الداعم لنظام الأسد خلق صراعًا داخليًا: كيف نرثي فنانًا خذلنا سياسيًا؟
جيل كامل في سوريا حلم بثورة تشبه موسيقى زياد، لكنه اختار الوقوف إلى جانب "القاتل لا الضحية". هذا التناقض يضاعف المأزق، خاصة مع الهالة الرمزية المحيطة به كونه ابن فيروز. المشاعر لا تخضع للمنطق السياسي، وقد نحزن رغم كل شيء، أو نغضب من أنفسنا لأننا حزنا.
في نفس الفترة، شهد السوريون حدثًا آخر: اعتقال ناشطة سورية معروفة بأسلوبها الحاد في الكتابة ودفاعها عن شخصيات أمنية سابقة. ورغم استياء الكثيرين من كتاباتها، فإن اعتقالها يثير سؤالًا: هل يستحق الإنسان الدفاع فقط عندما يكون "بطلًا"؟ وهل يبرر الابتذال التوقيف خارج القانون؟
الموقف الأخلاقي هنا أوضح: لا يحق لأي سلطة اعتقال من تشاء دون محاكمة عادلة. القانون لا يُطبق بحسب الشعبية، والعدالة ليست حكرًا على من نحب. ما يجمع الحالتين هو التوتر الداخلي الذي نواجهه في المواقف الإشكالية، حيث تختلف المشاعر عن المبادئ.
نحزن لأننا بشر، ونغضب لأننا جُرحنا، لكننا نُحاسَب على المواقف التي نختارها. في هذا السياق، يمكن التوقف عند حادثة مشابهة في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، حين توفي ألبرت شبير، وزير التسليح النازي، ورغم إدانته بجرائم الحرب، وصفته "نيويورك تايمز" بأنه كان "صديق الناس".
المشاعر البشرية معقدة، لكن القيم الأخلاقية يجب أن تكون واضحة. أن نحب أو لا نحب.. هذا لا نقرره. لكن أن نكون عادلين.. هذا خيار سيصنع الفرق.