الإثنين, 4 أغسطس 2025 08:15 PM

منتدى الاستثمار السوري السعودي: شراكة استراتيجية وفرص واعدة لإعادة الإعمار والتنمية

منتدى الاستثمار السوري السعودي: شراكة استراتيجية وفرص واعدة لإعادة الإعمار والتنمية

دمشق-سانا: شهدت دمشق حدثاً اقتصادياً استثنائياً هو الأضخم منذ فجر الحرية، حيث انعقد منتدى الاستثمار السوري السعودي في قصر الشعب يوم الخميس الماضي. يحمل المنتدى دلالات ورسائل سياسية واقتصادية هامة، ويقدم إجابة واضحة على التكهنات بشأن الوضع في سوريا، مؤكداً على أن البلاد ماضية في التنمية وإعادة الإعمار رغم التحديات، وذلك عبر شراكة استراتيجية مع المملكة العربية السعودية تمهد لشراكات إقليمية ودولية واعدة.

المنتدى بالأرقام: مشاركة واسعة من رجال الأعمال والمستثمرين السعوديين

ضم الوفد السعودي أكثر من 130 رجل أعمال ومستثمراً يمثلون أكثر من 20 جهة حكومية سعودية، ونحو 100 شركة من كبرى شركات القطاع الخاص، برئاسة وزير الاستثمار السعودي خالد بن عبد العزيز الفالح. وصل المستثمرون السعوديون إلى دمشق يوم الأربعاء الـ23 من تموز، حاملين مشاريع استثمارية في مجالات شتى، وكان من بينها مشروع مصنع "فيحاء" للإسمنت في مدينة عدرا الصناعية بريف دمشق، كأول مشروع لصناعة الإسمنت الأبيض في سوريا. تبلغ الطاقة الإنتاجية للمشروع نحو 150 ألف طن، بقيمة استثمارية بلغت 20 مليون دولار، ويوفر 130 فرصة عمل مباشرة، وأكثر من 1000 فرصة عمل غير مباشرة، في القطاعات اللوجستية المساندة والمستفيدة، وفقاً للرئيس التنفيذي لمجموعة شركات "إسمنت المنطقة الشمالية" عبيد سبيعي.

بالتزامن مع زيارة الوفد السعودي إلى سوريا، أعلنت شركة إسمنت البادية عن إطلاق استثمارات تفوق قيمتها الـ 200 مليون دولار أمريكي للتوسع بأعمالها والبدء ببناء خط إنتاج ثانٍ للشركة، بما يرفع طاقتها الإنتاجية لما يفوق الـ 5 ملايين طن إسمنت سنوياً، بحسب رئيس مجلس إدارة شركة إسمنت البادية عماد عبد القادر المهيدب. كما شهد مساء الأربعاء وضع وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار ووزير الاستثمار السعودي خالد الفالح حجر الأساس لمشروع برج الجوهرة في حي البحصة وسط دمشق.

47 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة تتجاوز 6 مليارات دولار

انعقد المنتدى الاستثماري السوري السعودي صباح الخميس الـ24 من تموز بحضور السيد الرئيس أحمد الشرع، وشهد توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة أكثر من 6 مليارات دولار، تشمل مختلف القطاعات وفي مقدمتها الطاقة والسياحة والصناعة والتجارة والعقارات والأمن السيبراني، ما سيوفر 50 ألف فرصة عمل مباشرة و150 ألف فرصة غير مباشرة. وأشار وزير الاستثمار السعودي إلى أن القيمة الإجمالية للاتفاقيات ومذكرات التفاهم تُقدَّر بنحو 24 مليار ريال سعودي، منها 11 مليار ريال في مجال البنية التحتية والتطوير العقاري، بينها ثلاثة مصانع إسمنت جديدة، إضافة إلى مشاريع في الاتصالات والتحول الرقمي بقيمة تقارب 4 مليارات ريال.

ولفت وزير الاستثمار إلى توقيع مذكرة تفاهم بين شركة "تداول" السعودية وسوق دمشق للأوراق المالية، وإلى إعداد مشاريع نوعية في القطاع الزراعي تشمل مزارع نموذجية، وصناعات تحويلية. وأعلن الوزير عن مشروع استثماري ضخم لشركة "بيت الإباء" السعودية، التي أسّستها عائلة سورية في السعودية، لبناء مشروع سكني تجاري متميز في حمص، تُخصّص عوائده للبرامج الاجتماعية لدعم الشعب السوري.

الاستثمارات في دمشق

أوضح استشاري الاستثمار بمحافظة دمشق محمد عساف أن هناك خططاً استثمارية في 3 مسارات تتضمن إعادة إعمار المناطق المدمرة، وبناء منشآت سياحية وأبراج دمشق في البرامكة، ومدينة ثقافية في موقع معرض دمشق القديم، إضافة إلى مدينة طبية في ضاحية قدسيا، ومدينة ترفيهية في العدوي، إلى جانب مدينة سياحية على سفح قاسيون، ومدينة أكاديمية في معربا، ومدينة إدارية في السومرية. تتنوع المشاريع الاستثمارية لتشمل مشروع خط إمداد الغاز من دير علي إلى دمشق، ومشاريع المياه وتحلية مياه البحر، إضافة إلى خط إمداد الكهرباء من مزارع الطاقة الشمسية، ومشروع مترو دمشق بطول 17 كيلو متراً، يضاف إليها مطار جديد في دمشق يتسع لـ 30 مليون مسافر سنوياً إلى جانب تأهيل مطار دمشق الدولي ليتسع لنحو 5 ملايين مسافر سنوياً، وتأهيل مطار حلب الدولي ليصل إلى مليوني مسافر سنوياً، واستثمار مطار المزة العسكري وتحويله إلى مطار مدني للطائرات الخاصة وطائرات رجال الأعمال والطيران العامودي.

الانعكاسات الإيجابية

من المتوقع أن تسهم الاستثمارات الجديدة في إحداث تحسن ملموس في الواقع المعيشي للسوريين، عبر إعادة إعمار العديد من المناطق المدمرة، وتقليص نسبة البطالة بإيجاد آلاف فرص العمل في مجالات البناء والخدمات والصناعة.

توقيتٌ دحضّ الأوهام

جاء المنتدى الاستثماري السوري-السعودي في توقيت مهم لدعم استقرار سوريا اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً في خضم توترات أمنية شهدتها محافظة السويداء سببتها مجموعات خارجة عن القانون تملك أجندات انفصالية ضيقة استغلها الاحتلال الإسرائيلي لشن اعتداءات على دمشق ودرعا والسويداء، ووسط حملات تحريضية على وسائل التواصل الاجتماعي شارك فيها نحو 300 ألف حساب لنشر محتوى مضلل بهدف خلق الفتنة والانقسام بين أبناء الوطن الواحد.

تعزيزٌ لخطوات سوريا الجديدة نحو البناء

منذ التحرير في 8 كانون الأول 2024 شهدت سوريا تحولات جذرية، داخلياً بالعمل المتواصل على إلغاء جميع القيود التي فرضت في عهد النظام البائد وحالت دون تطوير الاقتصاد، وسن قوانين استثمارية تشجع المستثمرين العرب والأجانب على القدوم إلى سوريا للاستثمار فيها، وخارجياً بتعزيز العلاقات مع الدول، عبر زيارات أجراها السيد الرئيس أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني، توجت برفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن البلاد، ويأتي المنتدى الاستثماري السعودي ليشكل حقيقة لا يمكن إنكارها ومؤشراً واضحاً على أن النهضة والانفتاح هما واقع سوريا اليوم.

مشاركة المقال: