هارون العربيد – السويداء
تحوّل مقام عين الزمان، وهو مكان ذو أهمية روحية لدى طائفة المسلمين الموحدين الدروز في مدينة السويداء جنوبي سوريا، إلى مركز إيواء مؤقت لعائلات نزحت من بلدات في الريف الغربي، والتي شهدت أعنف المعارك منذ سنوات. يصف نازحون، في حديث مع نورث برس، ما حدث في قراهم بأنه "اجتياح ممنهج"، مشيرين إلى استخدام دبابات وأسلحة خفيفة وثقيلة أحرقت المنازل وقتلت المدنيين، مما أجبر الآلاف على الفرار سيرًا على الأقدام نحو المدينة.
مساعدات خجولة
يعيش النازحون في مقام عين الزمان، الذي يمثل أعلى سلطة دينية للطائفة الدرزية، في ظروف معيشية صعبة، حيث يعانون من نقص في الطعام والأغطية، ويعتمدون على تبرعات الأهالي. ويؤكد القائمون على المقام أنهم غير قادرين على تلبية الاحتياجات المتزايدة. هنيدي الحلبي، وهو نازح من بلدة الثعلة بريف السويداء، جلس على أرض المقام والدموع في عينيه وهو يروي: "يوم الأربعاء، 16 تموز، دخلوا بكل شيء: دبابات، راجمات، أسلحة ثقيلة. لم يأتوا ليحاربوا مسلحين بل ليقتلوا المدنيين.. خرجنا لا نحمل شيئاً". ويضيف الحلبي لنورث برس: "نعيش الآن على ما يقدمه الناس من طعام وماء في مقام عين الزمان"، ويناشد الأمم المتحدة والمجتمع الدولي قائلاً: "أنقذونا".
ظلت السويداء طيلة سنوات الحرب السورية بمنأى عن المعارك بشكل عام، لكنها شهدت خلال الأسبوعين الأخيرين اشتباكات بدأت بحادثة اختطاف واشتباكات بين مسلحين من عشائر البدو، ثم تعقدت الأمور بدخول القوات الحكومية وتوسع دائرة الاشتباكات مع الفصائل الدرزية، وسط اتهامات متبادلة بارتكاب الطرفين انتهاكات وعمليات قتل وتهجير. تشهد المدينة منذ حوالي عشرة أيام وقف إطلاق نار هش، لكن لا تزال تظهر مشاهد قاسية لعمليات تصفية في شوارع المدينة واكتظاظ المشفى الوطني بالجثث، ويقول سكان من المدينة إن الخدمات الرئيسية مثل الماء والكهرباء والطحين والمحروقات "شبه مفقودة".
شهادات مروعة
يقول لؤي الحلبي من قرية حزم: "ما يجري ليس فرض أمن بل عمليات قتل. صعدوا بالدبابات فوق السيارات وذبحوا الناس أمامنا. اليوم ننام على الأرض بلا غطاء ولا طعام". بينما تضيف سمية اليوسف، وهي سيدة خمسينية من قرية المجيمر: "أي دولة تدخل على شعبها بالدبابات والمدافع؟". وتتابع: "نحن موحدون مسالمون، لم نرفع السلاح. لماذا يذبحوننا؟ ما جرى لا تفعله حتى الوحوش"، وفقًا لما تصفه في شهادتها.
ويذكر أيمن غيث، من قرية ولغا، أن الهجوم عليهم بدأ ليلاً، "كان الهجوم منظماً وكأنهم مدربون ومدعومون من دول". يناشد جميع من تحدثوا لنورث برس تقديم المساعدة لهم والعودة إلى قراهم التي نزحوا منها، ويشددون على ضرورة حمايتهم من الهجمات.
ويقول القائمون على مقام "عين الزمان" إنه كان على مدى عقود رمزًا للروحانية والسلام، بينما تحول اليوم إلى نقطة تجمع لنازحين وناجين من موت محقق، ويدعون إلى تقديم العون والمساعدة لمن لجأوا إلى المقام الروحي.
تحرير: تيسير محمد