السبت, 26 يوليو 2025 04:16 AM

انفتاح أمريكي على قطاع الطاقة السوري: فرص استثمارية بمليارات الدولارات

انفتاح أمريكي على قطاع الطاقة السوري: فرص استثمارية بمليارات الدولارات

تتجه أنظار شركات النفط والغاز الأمريكية، مثل "بيكر هيوز" و"هانت إنرجي" و"أرجنت"، نحو إحياء قطاع النفط والغاز وتوليد الكهرباء في سوريا. يرى البعض في هذه الخطوة فرصة استثمارية مغرية للاستفادة من مشاريع إعادة إعمار سوريا بعد رفع العقوبات، والتي تقدر قيمتها بتريليون دولار وفقًا لتقديرات وزير الاقتصاد والصناعة السوري الدكتور نضال الشعار. بينما يرى آخرون أنها فرصة سياسية لتعزيز الوجود الأمريكي في سوريا، خاصة في ظل غياب الدعم الروسي والإيراني بسبب التوترات الأمنية الأخيرة.

يثير هذا التحول تساؤلات حول أسباب الدعم الأمريكي لقطاع الطاقة في سوريا، وإمكانية نجاح هذه المساعي، وحجم قطاع الطاقة السوري الحالي، والدول المتنافسة على الاستثمار في النفط والغاز السوري.

بعد رفع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية عن سوريا في أعقاب سقوط نظام الأسد في كانون الأول (ديسمبر) 2024، تمكن البنك المركزي السوري من استعادة السيطرة على حوالي 15 مليار دولار من الأصول المالية السورية المجمدة بهدف إعادة الإعمار، وأتيحت الفرصة للمؤسسات المالية السورية للاتصال بالأسواق العالمية.

يقول الخبير في الاقتصاد السوري عبدالرزاق حبزة لـ"النهار" إن المصالح الأمريكية والسورية قد اتفقت في الوقت الحالي، وأن الحكومة السورية مهتمة بالتعاون مع أمريكا، لأن رفع العقوبات من قبل أمريكا سيتبعه رفع من قبل جميع الدول، ولأن سوق التجارة العالمية مرتبطة بأمريكا اقتصادياً وسياسياً وفي مجال الطاقة، كما هو الحال في علاقتها مع السعودية ودول الخليج ونظام البترودولار. ويرى أن العلاقة السورية مكملة للعلاقة الأمريكية بالسعودية والخليج، وبدون سوريا ستكون هناك حلقة مفقودة للمصالح الأمريكية في المنطقة.

4 أسباب لاهتمام الشركات الأمريكية

يشير حبزة إلى عدة أسباب لاهتمام الشركات الأمريكية بسوريا حاليًا، أهمها تعطش السوق السورية لإحياء قطاع الطاقة المتضرر بشدة، ووجود مخزون استراتيجي من النفط والغاز، ما يجعل السوق السورية واعدة للاستثمار. بالإضافة إلى الموقع الإقليمي لسوريا، الذي يهم أمريكا بشكل خاص، حيث تتشارك الحدود مع العراق والأردن وإسرائيل وتركيا، إلى جانب الخط الساحلي الكبير. وأخيرًا، علاقة أمريكا بـ"قسد" (قوات سوريا الديموقراطية) تمنحها القدرة على الاستثمار في آبار منطقة الجزيرة وتنفيذ خط أنابيب النفط.

دول عربية تغتنم الفرصة

يؤكد الخبير في الاقتصاد السوري حازم عوض لـ"النهار" أن الولايات المتحدة ليست الوحيدة التي ترصد قطاع الطاقة السوري، بل هناك دول أخرى مثل قطر وتركيا والسعودية والإمارات تسعى لاغتنام الفرص الاستثمارية في قطاعي الطاقة والموانئ في سوريا، لكن الهدف الأمريكي هو سياسي أكثر منه اقتصادي.

يذكر أن تحالفًا يضم "أوربيكون القابضة" القطرية، و"باور إنترناشيونال" الأمريكية، و"جينجيز إنرجي" و"كاليون" التركيتين، أبرم صفقة بقيمة 7 مليارات دولار في دمشق، بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع، في 29 أيار (مايو) الماضي، لبناء محطات طاقة متطورة (4 تعمل بالغاز وواحدة بالطاقة الشمسية)، ستوفر مجتمعة أكثر من 50% من احتياجات سوريا من الكهرباء، وترفع القدرة الإنتاجية الحالية للبلاد إلى ثلاثة أضعاف.

تكمن أهمية الصفقة في توفير مليارات الدولارات التي كانت تنفقها سوريا على الوقود الأحفوري لتشغيل محطات الكهرباء، حيث سيتم الاعتماد على الغاز والطاقة الشمسية لتشغيل المحطات الخمس وتوفير 10 آلاف ميغاواط، بينما يقدر حجم الإنتاج الفعلي حاليًا بـ 1.6 ألف ميغاواط، بانخفاض حاد عن متوسط الإنتاج الطبيعي البالغ 5,170 ميغاواط؛ بسبب نقص الوقود، مما يؤدي إلى انقطاع يومي للكهرباء لفترات تتراوح بين 2 إلى 4 ساعات.

قطاع الطاقة السوري بعد صراع 14 سنة

تشير البيانات إلى انخفاض إنتاج النفط السوري من 380 ألف برميل يوميًا قبل عام 2011 إلى 30 ألف برميل يوميًا حاليًا، وانخفاض إنتاج الغاز من 30 مليون متر مكعب يوميًا قبل 14 عامًا إلى 10 ملايين متر مكعب حاليًا، فيما تقدر احتياطيات النفط السوري بـ 2.5 مليار برميل.

من أبرز حقول النفط والغاز في سوريا: حقل السويدية في الحسكة (كان ينتج 116 ألف برميل يوميًا عام 2011، واليوم 7 آلاف برميل فقط)، حقل الرميلان في الحسكة (كان ينتج 90 ألف برميل يوميًا واليوم 9 آلاف فقط)، حقل العمر في دير الزور (كان ينتج 80 ألف برميل واليوم 20 ألفًا يوميًا فقط)، حقل التيم في دير الزور (كان ينتج 50 ألف برميل يوميًا وحاليًا 2,500 برميل فقط)، حقل الورد في دير الزور (كان ينتج 50 ألف برميل يوميًا وحاليًا 5 آلاف فقط)، حقل التنك في دير الزور (كان ينتج 40 ألف برميل يوميًا والآن 1,000 برميل فقط)، حقل كونيكو في دير الزور (كان ينتج 13 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا عام 2011 وهو الآن متوقف عن الإنتاج)، وحقل الشاعر في ريف حمص الشرقي (كان ينتج 9 آلاف برميل يوميًا والآن ينتج 3 ملايين متر مكعب من الغاز فقط).

5 خطوات لإعادة إعمار قطاع الطاقة السوري

يشير عوض إلى خطة سوريا الخمسية لإعادة إعمار قطاع النفط، والتي تتضمن: إرساء الأمن وتقييم الوضع واستعادة الأصول، وتأمين استقرار الإمدادات المحلية من خلال إعادة تأهيل مصفاتي حمص وبانياس وتأهيل شبكة الأنابيب الرئيسية وتوسيع نطاق الوصول إلى الغاز الطبيعي، وتطوير كيان مُدرج في بورصة نيويورك أو ناسداك وتأسيس شركة سورية وطنية بإسم "سوريا للطاقة" (Syrius Energy)، وتصميم عقود خدمات الأخطار وتقاسم الإنتاج مع الدول الحليفة، وتدشين صندوق سيادي خاص بالطاقة في سوريا له 30% من الأسهم بموجب الكيان المُدرج في البورصة الأمريكية، والاستعداد للتصدير والتكامل الإقليمي.

مشاركة المقال: