الخميس, 6 نوفمبر 2025 10:43 PM

سوريا: رؤية طموحة لتحويل الساحل المتوسطي إلى مركز تنمية بحرية متكامل

سوريا: رؤية طموحة لتحويل الساحل المتوسطي إلى مركز تنمية بحرية متكامل

بفضل موقعها الاستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط، تمتلك سوريا إمكانات كبيرة لتصبح دولة بحرية رائدة. تتبلور الرؤية في تحويل سوريا إلى مركز متوسطي بحري متقدم، يستثمر موقعها الساحلي لتطوير البنية التحتية البحرية، وتعزيز التكامل الإقليمي في مجالات التجارة والصناعة والحرف والسياحة والطاقة.

يقترح الباحث الاقتصادي الدكتور شادي أحمد، عبر صحيفة الثورة، تحويل الساحل المتوسطي السوري إلى محور نمو مستدام ومتعدد المصادر في قطاعات اللوجستيات والصناعة والتجارة والزراعة والسياحة، مع الأخذ في الاعتبار الاستدامة البيئية والعدالة الاجتماعية وحماية الأمن الغذائي والطاقة. ويهدف المشروع إلى زيادة إجمالي الناتج المحلي، وخلق فرص عمل متخصصة، ورفع الصادرات عبر الموانئ، وتحسين جودة الحياة للسكان الساحليين خلال 10 سنوات.

الموارد المتاحة

تتميز المنطقة الساحلية بموارد طبيعية هامة، مثل مناطق صيد الأسماك، ومناخ متوسطي مناسب للسياحة والزراعة (الحمضيات والزيتون)، وإمكانات الطاقة الشمسية والساحلية وطاقة الرياح. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر البنية التحتية في ميناء طرطوس وميناء اللاذقية أصولاً استراتيجية قابلة للتطوير، مع شبكات طرق رئيسية تربط الساحل بالداخل. أما بالنسبة للعامل البشري، فتتوفر قوى عاملة ذات خبرة في الصيد والزراعة وبعض الصناعات الخفيفة والخدمات، بالإضافة إلى كوادر تعليمية ومؤسسات محلية. ومع ذلك، يجب مراعاة تأثير الهجرة والنزوح على الكم والنوع. كما يجب الأخذ في الاعتبار التحديات مثل البنية التحتية المتضررة، ونقص التمويل، والقيود على الاستثمارات الأجنبية، بما في ذلك العقوبات.

مبادئ التنفيذ

يركز الباحث أحمد على القيمة المضافة المحلية من خلال التعليب والتجهيز المحلي، وتطبيق نماذج تمويل تعتمد على الشراكات بين القطاعين العام والخاص، واستثمارات من المغتربين، وصناديق التنمية الإقليمية، وقروض مشروطة بتنمية المهارات. ويشمل ذلك تعزيز البنية التحتية الاقتصادية، وإنشاء مناطق لوجستية مع حوافز ضريبية، وبناء منشآت تبريد، وتوفير كهرباء مستقرة، واعتماد نهج مرحلي وموجه بالمشروعات، مع التركيز على المشروعات النموذجية القابلة للتوسع، مع ضمان الاستدامة البيئية والمرونة المناخية وحماية السواحل وإدارة الصرف والمحافظة على الموارد السمكية.

الفرص المتاحة

يعرض الباحث شادي أحمد فرصًا قطاعية عملية، مع التركيز على الأولويات الاقتصادية، مثل اللوجستيات والموانئ ذات القيمة المضافة العالية والربحية السريعة، وتحديث مرافق الشحن، وخدمات التبريد، وتعبئة المنتجات الزراعية، وإنشاء مناطق صناعية مرتبطة بالميناء. وتشمل الفرص أيضًا الصناعات الغذائية والتعبئة وتصنيع السردين والأسماك والعصائر وحفظ الحمضيات والزيتون، ومصانع التسميد العضوي. بالإضافة إلى ذلك، هناك فرص سياحية من خلال تطوير منتجعات متوسطة الحجم سياحية وثقافية وبيئية، وفرص لإعادة تأهيل المدن الساحلية ومنحها وظيفة اقتصادية. وفي مجال الزراعة ذات القيمة المضافة، تبرز فرص الاستثمار في محاصيل موجهة للتصدير كالزيتون والحمضيات، وفي الطاقة المتجددة الموزعة على مشروعات شمسية على الأسطح والمزارع لتوليد طاقة رياح ساحلية صغيرة للتجمعات الصناعية. وتعتمد جميع هذه المشروعات على الخدمات البشرية المعززة بالتعليم الفني ومراكز التدريب المهني ولوجستيات صيانة السفن.

الانتصارات السريعة

يقسم الدكتور شادي أحمد مدة التنفيذ إلى ثلاث مراحل: سريعة (0-2 سنوات)، ومتوسطة (2-7 سنوات)، وطويلة (7-15 سنة). تركز المرحلة الأولى، المسماة "الانتصارات السريعة"، على مشروعات قابلة للتنفيذ بسرعة، مثل إنشاء مراكز تبريد وتغليف أسماك، وإحداث محطة طاقة صغيرة لتأمين الكهرباء للمناطق الصناعية، وتدريب 500 فني لوجستي وصيانة معدات تبريد. والنتائج المتوقعة هي زيادة الصادرات المعبأة وتأمين مئات فرص العمل وتحسين الأسعار لصيادي السمك والمزارعين.

التوسع والربط

أما المرحلة المتوسطة، المسماة "التوسع والربط"، فتشمل مشروعات تطوير منطقة صناعية بجوار الميناء ومصنع تعبئة عصائر وتعبئة الزيتون للتصدير، ومزرعة استزراع سمكي تجارية بمقاييس صناعية، وشبكات شحن كهرباء متجددة جزئية. والنتائج المتوقعة هي خلق سلسلة قيمة محلية لجذب مستثمرين إقليميين وزيادة عائدات الموانئ. وسيتم قياس المؤشرات بقيمة الصادرات الزراعية والسمكية ومعدل تشغيل المصانع وعدد الشركات الصغيرة والمتوسطة المساندة.

التنوع والتحول

فيما تركز المرحلة الطويلة، المسماة "التنوع والتحول"، على مشروعات مثل محور لوجستي إقليمي متكامل، وميناء ذكي، ومجمع صناعي غذائي متكامل، وشريط سياحي مستدام، ومركز تدريب مهني إقليمي. وستكون نتائج هذه المرحلة تحولاً اقتصادياً إقليمياً، وتأثيراً مضاعفاً على الداخل السوري عبر الروابط التجارية، واستدامة مالية محلية. ويمكن قياس مؤشرات النجاح بنمو سنوي في الناتج المحلي وانخفاض البطالة وزيادة مساهمة الصادرات في إجمالي دخل المنطقة.

المؤسسات المطلوبة

يحدد الدكتور شادي أحمد مؤسسات مطلوبة لقيادة المشروع المقترح بإحداث هيئة تنمية ساحلية مستقلة بصلاحيات تخطيط وتنفيذ، ويحتاج المشروع لدعم وتطوير من الغرف الصناعية والزراعية والتجارية الساحلية لربط القطاع الخاص بالمشروعات وآلية تمويل محلية عبر صندوق تنمية ساحلي لجمع موارد من الدولة ومن المغتربين، ومُمولين دوليين وبرامج تقنية صغيرة ولجنة بيئية ومجتمعية لدمج السكان المحليين وضمان عدالة الوصول للفرص.

أدوات التمويل

يحتاج المشروع لأدوات تمويل تجارية عملية تتكون من الشراكات العامة والخاصة تكون موجهة لموانئ و مناطق لوجستية، ومحطات طاقة متجددة، وتبرزالحاجة لقروض مُيسّرة ومِنح تقنية للتدريب، وللبنية التحتية الصغيرة وإلى حوافز ضريبية وجمركية مشروطة للمنشآت التي تثبت التصدير أو التوظيف المحلي وإلى استثمارات من المغتربين لتمويل مشاريع متوسطة الحجم وإجراءات صغيرة لدعم المشاريع الصغيرة، وقروض ميكروية ومنح تقنية للسيدات ورياديي الأعمال.

المخاطر

يعرض الباحث الدكتور أحمد للمخاطر المحتملة وطرق الوقاية منها مثل ضمان عقود واضحة، وتأمين استثمارات عبر شراكات محلية، وقواعد عمل مرنة، وأيضاً المخاطر البيئية التي تتطلب دراسة الأثر البيئي وإلزاميته، وبرامج حماية السواحل، وصيانة المخزون السمكي، ومخاطر تمويلية تتطلب ضمان مصادر تمويل متنوعة وعدم الاعتماد على جهة واحدة، وتقف المخاطر الاجتماعية كتحديات تفرض مشاركة المجتمع المحلي وتوظيف الأيدي المحلية، وبرامج شبكة أمان اجتماعي للفئات المتضررة.

مؤشرات قياس

ويقدم الباحث مؤشرات قياس عملية ومباشرة كنسبة النمو السنوي للناتج المحلي بالمنطقة وعدد الوظائف الجديدة في مهن فنية ومهنية وأيضاً تحديد قيمة الصادرات من المنتجات المعلبة والمغلفة، وكمية الأسماك المصدرة بعد المعالجة.

قيود لابد من الاعتراف بها

لكن هناك قيود أساسية يجب الاعتراف بها صراحة وقد حددها الخبير الاقتصادي شادي أحمد تتمثل بالتمويل المتدرج والقدرة الإدارية وهما العائق الأكبر، وكذلك فإن الوضع القانوني قد يؤخر الشراكات الدولية؛ لذلك يجب التركيز الأولي على جذب المستثمرين المحليين والمغتربين. وفي القيود تبرز الموارد المائية والبيئية المحدودة وأي توسع زراعي يجب أن يكون زراعياً مُحسَّناً للري أو موجها نحو محاصيل أقل استهلاكاً للماء. المنطقة الساحلية لديها مزيج نادر من أصول لوجستية وطبيعية يمكن تحويله إلى محرك نمو إن توافرت إرادة تنظيمية، ونموذج تمويل عملي يركيز على سلاسل القيمة المحلية ويجب أن يبدأ التنفيذ الفعلي بمشروعات نموذجية قابلة للقياس خلال 12-24 شهراً تكون أنموذجاً يثبت جدواه الاقتصادية ويفتح الباب للتمويل.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الثورة

مشاركة المقال: