الثلاثاء, 15 يوليو 2025 02:16 PM

تصاعد التوتر في السويداء: هل تدفع المنطقة ثمن صراعات إقليمية جديدة؟

تصاعد التوتر في السويداء: هل تدفع المنطقة ثمن صراعات إقليمية جديدة؟

شهدت السويداء تصعيداً للأحداث، يذكر بما جرى في الساحل في شهر آذار الماضي، حيث وثقت "رويترز" وقوع مجازر ذات طابع طائفي وانتقامي. وقد وضعت فعاليات المدينة، ممثلة بـ"مشيخة العقل" و"المجلس العسكري"، إطاراً مؤقتاً لمنع تكرار سيناريو الساحل، وعرضته على حكومة دمشق التي وافقت عليه، ليتم الإعلان عن اتفاق لإنهاء العنف والتوتر.

الاتفاق نص على تعهد الحكومة بـ"تأمين طريق دمشق السويداء" والسماح لأبناء السويداء بـ"الانتشار بأسلحتهم في محيط المدينة للقيام بمهام الشرطة"، وهو ما اعتبر محاولة لتعزيز الثقة بين سلطة المركز وبعض الأطراف. فوجود عناصر محلية لضبط الأمن يسهم في إشاعة الهدوء، خاصة مع اعتراف السلطة بوجود "فصائل متفلتة لا يمكن السيطرة عليها". طريق دمشق السويداء، البالغ طوله 85 كم، يمثل شرياناً حيوياً للمدينة ونشاطها الاقتصادي.

منذ بداية الأزمة، برز "العامل الإسرائيلي" كعنصر مؤثر في المشهد. وفي كانون الأول الماضي، صرح المحلل السياسي باراك رافيد على قناة "CNN" عن رسالة وجهتها "إسرائيل" إلى "هيئة تحرير الشام"، تحذرها بشأن الأكراد و"المجموعات الدرزية القريبة في مرتفعات الجولان والبعيدة في السويداء"، نظراً للعلاقات الوثيقة التي تربطها بالجالية الدرزية في إسرائيل.

وفي أعقاب أحداث نيسان في جرمانا وأشرفية صحنايا والسويداء، قدمت إسرائيل ما اعتبرته دليلاً عملياً على تلك التهديدات. ففي أيار، أعلن يسرائيل كاتس، وزير الحرب "الإسرائيلي"، تبني قواته للقصف الذي جرى في محيط "قصر الشعب"، مؤكداً أن الهجوم يهدف إلى حماية الدروز في سورية.

وذكر موقع "السويداء 24" أن التصعيد الأخير اندلع إثر حادثة سلب تعرض لها تاجر خضر من أبناء السويداء على طريق دمشق، بينما ذكرت مصادر قريبة من السلطة أن السبب هو اختطاف أشخاص من العشائر العربية المقيمة في محيط السويداء، رداً على الحادثة السابقة.

يشير البعض إلى هؤلاء الأشخاص بـ"البدو"، في محاولة لإبراز بعد حضاري يثير التوتر بين أبناء الطائفة الدرزية والعشائر العربية. وتشير الإحصائيات إلى أن الدروز يمثلون 85% من سكان المدينة وريفها، بينما المسيحيون 10%، والمسلمون (العشائر العربية) 5%.

أصدرت وزارة الدفاع السورية بياناً ذكرت فيه أن "الفراغ المؤسساتي" ساهم في تفاقم الفوضى، وأن استعادة الأمن والاستقرار هي مسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطنين. إلا أن البيان يتجاهل استمرار الفوضى رغم "اتفاق نيسان"، وتبادل الاتهامات بانتهاكه، وعدم وفاء السلطة بتعهدها بضبط الأمن على طريق دمشق السويداء.

أما شيخ العقل حمود الحناوي، فقد نقل عنه "المرصد السوري لحقوق الإنسان" قوله إن الدروز لا يسعون إلا إلى الخير ولا يرضون الظلم، وإن الكرامة لا تصان بالسلاح بل بالعقل. بينما تأخر موقف شيخ العقل حكمت الهجري، الذي يمثل الثقل الأكبر بين مشيخات العقل الثلاث، مطالباً بالحماية الدولية نظراً لخطورة الوضع.

وذكر موقع "السويداء 24" أن هجوماً واسعاً تتعرض له عدة قرى في ريف السويداء الغربي من اتجاه ريف درعا الشرقي، مع قصف بقذائف الهاون والطيران المسير. وأكد يحيى العريضي، الأكاديمي والسياسي، تعرض مدينة السويداء لهجوم عنيف بالمدفعية والراجمات والطائرات المسيرة من قبل ميليشيات قادمة من عدة مدن سورية، متهماً الحكومة السورية المؤقتة بالتغاضي عن هذه الهجمات.

برزت ظاهرة "الفزعة" بعد 8 كانون الأول، وتعني تداعي القبائل والعشائر لنصرة من يرون أنهم الأقرب لهم في أي نزاع، وهي ظاهرة خطيرة على النسيج المجتمعي السوري.

ما حدث في السويداء، وأوقع نحو 42 ضحية بينهم أطفال وسيدات وأكثر من 120 جريحاً، يمثل فشلاً لسياسات الحكومة في دمشق حيال الأطراف، وربما يشجع على تكرار مشاهد التنكيل بالجثث.

وسط هذه الأحداث، لم يصدر أي موقف "إسرائيلي"، مما يثير التساؤل عما إذا كانت السويداء ستكون أولى "فواتير" مستحقة الدفع، تم الاتفاق عليها في باكو؟

الديار – عبدالمنعم علي عيسى

مشاركة المقال: