الجمعة, 27 يونيو 2025 11:43 AM

من قلب اليأس إلى واحة الأمل: لاجئ سوري يحول خيمته في الزعتري إلى جنة خضراء

من قلب اليأس إلى واحة الأمل: لاجئ سوري يحول خيمته في الزعتري إلى جنة خضراء

في قلب صحراء قاحلة، حيث تتلاقى قسوة الطبيعة مع تحديات الحياة، يسطع بصيص أمل في مخيم الزعتري، يحكي قصة إصرار وعزيمة. هنا، بين مساكن الكرفانات وخيام اللاجئين التي تحمل في طياتها حكايات الفقد والتهجير، أخذ الشاب "حمزة الخليّف"، وهو لاجئ من درعا، على عاتقه مهمة تحويل الألم إلى دافع، والقحط إلى بستان.

عندما وصل "حمزة" إلى المخيم في عام 2013، وجد واقعًا يسوده الفوضى والتشتت. شوارع غير منظمة، ومساكن متراصة، وأرض لا تبشر بالخير. ولكن مع بداية ظهور ملامح التنظيم، بدأ حلم "حمزة" يتبلور. حصل على مساحة صغيرة، فرضتها الظروف، لكنه وسعها بأحلامه، وبدأ تدريجيًا بزراعة النعناع والزيتون، لتتحول المساحة لاحقًا إلى حديقة غناء، تتزين بنافورة مياه مستوحاة من تصميم البيوت الدمشقية القديمة.

يروي "حمزة" لـ "زمان الوصل" أن ذكرياته في درعا، حيث كانت عائلته تعتني بالأشجار وتحب الزراعة، هي التي ألهمته لتحويل ركنه الرملي إلى لوحة فنية خضراء. أشجار الليمون والتين والرمان، وشجيرات الياسمين والورد الجوري، والأعشاب العطرية تفوح في أرجاء المخيم. وتضم حديقته أيضًا نباتات نادرة، مثل القفص الصدري، وعصا موسى، والبوتسا، وأشجار قبار الصيف، التي تتحدى الجفاف كما يتحدى قاطنو المخيم ظروفهم القاسية.

يشير "حمزة" إلى ندرة المياه، مما أضفى على عملية الري طقوسًا خاصة. ففي الشتاء، تُسقى الحديقة كل ستة أيام، بينما في الصيف، قد تمتد الفترة إلى أسبوعين أو أكثر. ومع كل قطرة ماء، يرتوي النبات، وتتعزز الآمال.

لا يهدف "حمزة" من زراعته إلى التجارة، بل إلى العطاء. فثمار العنب والزيتون لا تُباع في الأسواق، بل تُقدم كهدايا محبة لمن يحتاجها. ففي هذا المخيم الذي يعاني من ضيق العيش، تتجلى روح الكرم، وتزهر مع كل شجرة حكاية.

ويعبر "حمزة" عن أسفه لموت بعض الورود التي جلبها للزراعة، خاصة تلك المخصصة للصالونات، حيث ذبل بعضها بسبب الطقس وتغير المناخ، والبعض الآخر بسبب البرد أو انقطاع الكهرباء، لأن بعض أنواع الورد تحتاج إلى إضاءة مستمرة، وهو أمر غير متوفر في مخيم الزعتري.

ويضيف "حمزة" وهو يجلس بجوار نباتاته، متأملًا الفاصولياء والذرة والطماطم: "أريد أن أرى اللون الأخضر من جديد... الأخضر يذكرني بالوطن".

وهكذا، في واحدة من أفقر مناطق الأردن، يثبت اللاجئون أن الحياة لا تحتاج سوى إلى بذرة أمل، وشخص يؤمن بأن الصحراء أيضًا يمكن أن تتحول إلى حقول مزهرة.

فارس الرفاعي - زمان الوصل

مشاركة المقال: