الخميس, 29 مايو 2025 12:46 AM

هيومن رايتس ووتش تنتقد "هيئة العدالة الانتقالية السورية": فرصة مهدورة لعدالة شاملة للضحايا

هيومن رايتس ووتش تنتقد "هيئة العدالة الانتقالية السورية": فرصة مهدورة لعدالة شاملة للضحايا

أصدرت السلطات الانتقالية السورية مرسومين رئاسيين بإنشاء هيئتين حكوميتين جديدتين: "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية" و"الهيئة الوطنية للمفقودين". تحمل هاتان الهيئتان إمكانية تحقيق تقدم كبير في كشف الحقائق حول الفظائع التي شهدتها سوريا ومحاسبة المسؤولين عنها.

إلا أن صلاحيات هيئة العدالة الانتقالية، كما يحددها المرسوم، تبدو محدودة بشكل يثير القلق، وتستبعد فئات واسعة من الضحايا. ففي حين وعد "الإعلان الدستوري السوري" الصادر في مارس/آذار، والذي يهدف إلى تنظيم المرحلة الانتقالية، بإنشاء هيئة تتضمن "آليات فاعلة تشاورية مرتكزة على الضحايا، لتحديد سبل المساءلة، والحق في معرفة الحقيقة، وإنصاف الضحايا والناجين"، يقتصر مرسوم 17 مايو/أيار على الجرائم التي ارتكبتها حكومة الأسد فقط، مستثنياً ضحايا الانتهاكات التي ارتكبتها الأطراف الأخرى.

كما يفتقر المرسوم إلى توضيح كيفية إشراك الضحايا بفاعلية في صياغة عمل اللجنة أو المشاركة فيه، أو حتى ما إذا كان سيتم ذلك أصلاً. وقد استقبل إنشاء "الهيئة الوطنية للمفقودين" بتفاؤل حذر، لكن نجاحها سيعتمد على الشفافية، واعتماد إطار عمل قائم على الحقوق، ومشاركة حقيقية للضحايا، تماماً كما هو الحال مع الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية. وبدون هذه العناصر، لن يتمكن هذا الجهد الهام من تلبية تطلعات السوريين المشروعة.

تؤكد الفظائع الأخيرة وتصاعد الخطاب الطائفي على الحاجة الملحة إلى عملية عدالة انتقالية شاملة – عملية تخدم جميع السوريين، وليس فئة معينة منهم. تقف الحكومة السورية الآن أمام خيار حاسم: إما تبني عملية حقيقية تركز على الضحايا وتعترف بحقوق جميع الناجين، أو إدامة الإقصاء وتعميق الانقسامات. والمسار الذي يجب اتباعه واضح.

لقد قاد النشطاء والمحامون والناجون السوريون النضال من أجل العدالة لسنوات طويلة. لقد وثقوا الانتهاكات، ودعموا العائلات التي تبحث عن أحبائها، وتفاعلوا مع آليات العدالة الدولية. لذا، فإن مشاركتهم ليست مجرد خيار، بل ضرورة حتمية.

ينبغي على السلطات السورية الاستفادة من التجارب الناجحة للتعاون بين آليات "الأمم المتحدة" ومنظمات الضحايا – مثل "المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في الجمهورية العربية السورية" التابعة للأمم المتحدة – وضمان أن يكون للناجين والمجتمعات المتضررة دور محوري في تصميم عملية العدالة الانتقالية وأهدافها وتنفيذها.

كما يجب على شركاء سوريا الدوليين أن يوضحوا أن دعمهم لهذه الجهود سيعتمد على تبني نهج شفاف وشامل ويركز على الضحايا. هناك فرصة حقيقية لتحقيق العدالة، لكنها ستضيع إذا استبعدت العملية أي فئة من الضحايا أو همشتها.

* هيومان رايتس ووتش.

مشاركة المقال: