الأحد, 15 يونيو 2025 02:05 AM

ناتالي كولبي: الروائية التي أسرت جبران.. نظرة جديدة على علاقة الأديب بلوحاتها وكلماتها

ناتالي كولبي: الروائية التي أسرت جبران.. نظرة جديدة على علاقة الأديب بلوحاتها وكلماتها

هنري زغيب: في الذكرى الـ 94 لرحيله، لا يزال جبران خليل جبران محط اهتمام الباحثين والنقاد والدارسين، الذين يكتشفون باستمرار أسماء وشخصيات كان لها حضور، ولو عابرًا، في حياته، وتطل من خلال حديثهم عنه، تاركةً بصمةً لا تُنسى.

الباحثان الجبرانيان فرنشسكو ميديتشي وغْلِن كالِـم وجدا ذكرًا لجبران في الكتاب البيوغرافي "التذكارات" للكاتبة ناتالي سيدويك كولبي (1875-1942). فمن هي هذه السيدة؟ وما علاقتها بجبران؟

ناتالي سيدويك كولبي، الروائية المثقفة التي نشرت مقالاتٍ عديدة في كبريات الصحف، ولها قصص قصيرة وخمس روايات. ولدت في 4 فبراير 1875، وتوفيت والدتها في سويسرا عندما كانت في العاشرة من عمرها، فعادت إلى ستوكبريدج (ماساشوستس) وحملت اسم عائلة والدتها (سيدويك).

في التاسعة عشرة، أغرمت بالمحامي براينبريدْج كولْبي (23 سنة)، وتزوجا سنة 1895. لاحقًا عاشا في باريس، وكتبت عنه مقالات ساخرة، ما أزعجه وطلب الطلاق منها سنة 1928، لكن المحكمة رفضت الطلب. انتقل بعد أشهر للسكن في مدينة رينو (ولاية نيفادا الأَميركية) وحصل على الطلاق.

بعدما كان براينبردْج كولْبي سنة 1936 داعمًا للرئيس الأَميركي فرنكلين روزفلت، انقلب عليه في محاولته التجديد ولايةً ثانية، بينما ناصرَت ناتالي روزفلت، وكتبت: "أُؤْمن أَنَّ الرئيس روزفلت رجلُ دولةٍ فريدٌ ويستحقُّ التجديد". وكانت ناتالي عضو الهيئة الإِدارية في "نادي القلَم" الأَميركي، وتوفيت في منزلها النيويوركي صباح 10 يونيو 1942.

في 11 يونيو، نشرت "نيويورك تايمز" خبر وفاة الروائية ناتالي كولبي، وذكرت كتابها "التذكارات" الذي رسمت فيه ملامح كاريكاتورية ساخرة لعدد من الأشخاص في محيطها، بينهم زوجها.

في أواخر 1920، تعرَّف جبران بالمحامي براينبردْج كولْبي وزوجته ناتالي. بدأَت علاقته بهما منذ وقَّع جبران لهما على بعض كتبه، واشتَرَيَا منه رسمين بالقلم الرصاص، أَحدُهما لوجه ناتالي (1922). ثم أَخذَت ناتالي تدعوه إِلى مجالسها الأَدبية في بيتها، فراح يتعرف لديها بأُدباء وشعراء أَميركيين، وتوسَّعت شهرتُهُ بينهم.

في كتابها "التذكارات"، كتبَت عن جبران: "شاعر ورسام، تتلمذَ على رودان. هو قصير القامة إِنما قويُّ الشخصية. أَصبح مع الوقت صديقًا لي. أَذكر أَنْ كانت له عينان مشْبَعتان دائمًا بحُزنٍ بعيدٍ، تُؤَثِّران عميقًا في مَن يتفرِّس بهما، بينما على طرفَي فمه بسمةٌ هادئة دائمًا. كانت في لُكْنته الأَميركية ملامحُ من لغته العربية الأَصلية، خصوصًا حين يشعر بالضجر من الضوضاء في الجلسات. وكم كان ينفر من السلوك الأَميركي الحيادي حيال أُمور تستحق الاهتمام، لأَنه كان يتطلَّب لها حرارة في التلقِّي مثلما كان يشعر بها بين أَصدقائه. وهو كان يستحقُّ ذلك، لأن كتابه الرائع "النبي" بلغَ طبعته التاسعة ولا يزال يستقطب القراء. وعلمْتُ منه أَنَّ بين أَشهر المعجبين بالكتاب: الملكة البريطانية ماري التي كان فصل "الأَولاد" في "النبي" هو الأَقرب إِلى قلبها".

تصفه في عمله: "كان يفضِّل أَن يُمضي وقتًا طويلًا وحده في محترفه، مرتديًا مريول الرسم، يقرأُ أَو يرسم أَو يكتب، منغمسًا كليًّا في ما هو إِليه، غير مكترث بكل ما حوله. وأَذكر أَن بسمته على طرفَي فمه لم تستطع يومًا أَن تُخفي سُطوع النبرة النبوية في عينيه".

مشاركة المقال: