الثلاثاء, 3 يونيو 2025 10:24 AM

من مخيم اللجوء إلى النجومية: شاب سوري يشعل السوشيال ميديا بمهاراته الكروية في لبنان

من مخيم اللجوء إلى النجومية: شاب سوري يشعل السوشيال ميديا بمهاراته الكروية في لبنان

عنب بلدي – هاني كرزي

"ملك التحديات"، هكذا عُرف الشاب السوري محمد الحجي من قبل متابعيه على "السوشال ميديا"، الذين أُعجبوا بموهبته الكروية رغم صغر سنه. ينشر محمد فيديوهات تُظهر قيامه بمهارات وتحديات استعراضية، قد يعجز عن القيام بها الكثير من لاعبي كرة القدم المحترفين.

محمد الحجي (24 عامًا) نزح من مدينة حلب في عام 2015 هربًا من بطش النظام، واتجه إلى لبنان، حيث أخذ على عاتقه مهمة إعالة أسرته.

الفقر حرمه من حلمه

الوضع المادي السيئ لمحمد الحجي، أجبره على العمل لتأمين مصدر دخل يساعد به عائلته، ولا سيما أن لديه شقيقًا فقط يعاني من إعاقة في ظهره، وبالتالي فإن محمد يعمل في لبنان لإعالة أسرته.

بعد وصوله إلى لبنان، عمل محمد في محل لصناعة الحلويات طوال أيام الأسبوع، لكنه لم يفقد شغفه بكرة القدم، إذ يخصص يوم العطلة الوحيد له كل أسبوع (الأحد) لاستعراض مهاراته في كرة القدم، ونشر الفيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي.

وقال محمد الحجي لعنب بلدي، إن طموحه كان دومًا أن يصبح لاعب كرة محترفًا في أحد الأندية ليثبت للجميع موهبته الكروية، لكن الكثير من العوائق منعته من تحقيق حلمه.

وأضاف الحجي أنه لم يتمكن من الانتساب لأي نادٍ في لبنان بسبب انشغاله بالعمل وعدم قدرته على التفرغ للرياضة، كما أن عدم امتلاكه المال حرمه من اللجوء إلى أوروبا، والانتساب هناك لأي نادٍ أوروبي كما فعل الكثير من اللاجئين السوريين.

ولفت الحجي إلى أن القوانين اللبنانية تتيح لأي نادٍ التعاقد مع لاعب أو اثنين أجانب فقط، مضيفًا، "لكي تتاح لك الفرصة لتكون أحد هذين اللاعبين الأجنبيين اللذين يُسمح للنادي اللبناني بالتعاقد معهما، يجب أن تكون لديك واسطة كبيرة".

فيديوهات بلا أرباح

رغم عدم تحقيق حلمه بأن يصبح لاعب كرة قدم، واظب الشاب محمد على تقديم مهارته الكروية عبر وسائل التواصل الاجتماعي (السوشال ميديا)، وبات يحظى بمشاهدات كبيرة على مختلف المنصات.

محمد الحجي دخل عالم "السوشال ميديا" منذ ثمانية أشهر فقط، وبالتالي لم يحصل على عدد كبير من المتابعين، حيث يتابعه 15 ألف شخص على "فيسبوك"، و52 ألفًا على "يوتيوب"، و26 ألفًا على "تيك توك".

وقال الحجي، إنه لا يحصل على أي أرباح حتى الآن من الفيديوهات التي ينشرها على منصات التواصل، مضيفًا أنه حين يبدأ بالحصول على الأموال مستقبلًا، فإنه سيترك عمله في الحلويات ويتفرّغ لتطوير مهاراته في كرة القدم، والانتساب لأي نادٍ رياضي.

وعن السبب الذي دفعه لتصوير الفيديوهات، قال الحجي، إنه كان يتابع فيديوهات لرياضيين يستعرضون مهاراتهم، فشعر بالحماسة وبأنه قادر على تقديم مهارات أفضل منهم، لذلك قرر نشر فيديوهات ليستطيع المتابعون مشاهدة موهبته.

يستيقظ محمد كل يوم باكرًا، حيث يقوم بتصوير فيديو في الملعب منذ السادسة صباحًا لمدة ساعة، ثم يتوجه إلى عمله في الثامنة، لافتًا إلى أن وضعه المادي كان يمنعه من استئجار ملاعب لتصوير فيديوهاته، لكنه استطاع لاحقًا بناء علاقات جيدة من أبناء منطقته، ما ساعده على التدرب وتصوير الفيديوهات ضمن أحد الملاعب مجانًا.

"ملك التحديات"

يتجه محمد في يوم العطلة إلى الملعب للقيام بالتمارين الرياضية وتحسين لياقته البدنية، إضافة إلى استعراض مهاراته التي يقوم بها داخل الملعب، أو في الشارع والساحات العامة، لافتًا أنظار المارة، حيث يقدم تحديات لتنفيذ الحركات مع جمهوره.

وقال محمد الحجي، إنه يحظى بتفاعل جيد على "السوشال ميديا" من قبل المتابعين، الذين يطلبون منه تنفيذ تحديات صعبة في كرة القدم، لذلك يحرص على تلبية كل طلبات متابعيه الذين لقبوه بـ"ملك التحديات".

وأوضح محمد أنه كان يحظى أيضًا بتفاعل وإعجاب حتى من اللبنانيين، خلال قيامه باستعراض مهاراته في الشوارع والساحات.

إضافة إلى استعراضه المهارات، تتضمن تسجيلات الشاب محمد عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحديات بتقليده لاعبي كرة قدم مشهورين، وتعليمه للمتابعين خطوات تنفيذ المهارات.

من التحديات الصعبة التي قام بها محمد الحجي ونشرها عبر حساباته، أنه قام بوضع الكرة على رأسه والجري بسرعة من أول الملعب إلى آخره ذهابًا وإيابًا، دون أن تسقط الكرة من رأسه، ثم قام بإسقاط الكرة على قدمه وتسديد ضربة مقصية في الهواء نحو شباك المرمى.

الشاب السوري محمد الحجي خلال استعراضه مهاراته الكروية- نيسان 2025 (محمد الحجي- فيس بوك)

تحدي ظروف الغربة

محمد الحجي نزح إلى لبنان منذ أن كان في التاسعة من عمره، وتحمل ظروف الغربة لوحده لسنوات، حيث كان يعمل في الحلويات لمساعدة أسرته في سوريا.

قال محمد إنه تعرّض في بداية قدومه إلى لبنان لكثير من المواقف العنصرية، كما أنه كان يعاني من صعوبة تأمين سكن له بسبب ضيق وضعه المادي، لكن كل ظروفه الصعبة لم تمنعه من ممارسة كرة القدم.

بعد سقوط النظام، يفكر محمد بالبقاء في لبنان، قائلًا إن أسرته لا تملك منزلًا في سوريا، وليس هناك فرص عمل جيدة هناك، حيث يرى أن دخله في لبنان سيكون أفضل من الدخل الذي سيحصل عليه في سوريا، لكنه قال إنه في حال تحسّن الظروف الاقتصادية فإنه سيعود إلى بلده.

وختم محمد الحجي حديثه بأنه يطمح لأن يلعب في نادي ريال مدريد الإسباني، مضيفًا أنه مع التصميم والمثابرة فإن الإنسان قادر على فعل المستحيل وتحدي أصعب الظروف.

الكرة الاستعراضية

محمد الحجي يمارس كرة القدم الاستعراضية أو الحرة، وتسمى بالإنجليزية “Freestyle football”، أي مهارات التعامل مع كرة القدم، وهي أداء وتلاعب بالكرة من خلال أجزاء الجسم، إضافة إلى بعض حركات الجمباز، وهذا الاستعراض شائع في العالم، ويحتاج إلى كثير من التدريب والجهد، وهي رياضة تجذب المشاهد سواء كان متابعًا لكرة القدم أم لا.

لهذه الرياضة عدة أساليب وتسمى بالحيل، منها يعتمد تحريك الكرة على الجزء العلوي من الجسم (الرأس، الرقبة، الأكتاف)، ومنها حركات تعتمد على الأقدام، وتتم خلال الجلوس والاستلقاء على الظهر، ومنها حركات تحريك الكرة في الهواء.

مهارات سورية في كل مكان

حمل السوريون حبهم لرياضات مختلفة خارج سوريا، وحققوا نجاحات لافتة وإنجازات فردية وجماعية خارج سوريا منذ بداية الثورة السورية، كالفوز الذي حققته الطفلة السورية لين ياغي في البطولة الفرنسية للشطرنج للشباب، في 2021.

السوري أحمد البيريني كذلك كان أحد الشبان الذين برزت موهبتهم بكرة القدم في لبنان، وحظي بجمهور واسع على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، منها 1.6 مليون متابع له على "تيك توك"، وأكثر من 225 ألف متابع على "إنستجرام".

حين وصل إلى لبنان، عمل البيريني بالإنشاءات والدهان وتركيب الرخام، ويعمل حاليًا حارس بناء سكني، لكنه لم يفقد شغفه، وتوجه لاستعراض مهاراته الرياضية عبر وسائل التواصل، وأبرزها "تيك توك".

كما دخل الشاب السوري محمد نور قرة، المقيم في السويد، موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية، كأسرع شخص يقطع مسافة 100 متر إلى الوراء على عجلتين باستخدام الزلاجة المضمنة (Inline Skates)، في تشرين الثاني 2021.

مشاركة المقال: