الجمعة, 30 مايو 2025 02:57 PM

قرار منع استيراد الخضار يحيي آمال المزارعين السوريين: هل ينجح في دعم الإنتاج المحلي؟

قرار منع استيراد الخضار يحيي آمال المزارعين السوريين: هل ينجح في دعم الإنتاج المحلي؟

أصدرت وزارة الاقتصاد والصناعة قراراً بوقف استيراد عدة أنواع من الخضراوات، بدءاً من مطلع حزيران القادم، في خطوة لاقت ترحيباً واسعاً بين أوساط الفلاحين الذين عانوا مؤخراً من كساد محاصيلهم، حتى أن بعضهم اضطر لتركها في الأرض لأن تكلفة نقلها باتت أعلى من سعر بيعها.

وبات من الممنوع استيراد "البندورة والخيار والبطاطا والكوسا والباذنجان والبصل والثوم". ويرى فلاحون في القرار محاولة جادة لتصحيح الخلل في السوق الزراعية ودعم الإنتاج المحلي، في وقت أصبح فيه الفلاح بحاجة إلى إجراءات ملموسة تحمي تعبه ومورد رزقه.

في المقابل أبدى البعض تخوفاً من أن يؤدي القرار إلى ارتفاع سعر تلك الخضراوات، خصوصاً أن سعر كيلو الكوسا اليوم يتراوح بين 3000 إلى 7000 ليرة، والثوم وصل إلى 8000 ليرة، والبندورة 5000، والبطاطا بين 3000 إلى 5000 ليرة، والباذنجان مثلها، والخيار 3000 ليرة.

الخبير الاقتصادي جورج خزام، قال إن بعض أنواع الخضار باتت تعاني من الكساد ما ألحق خسائر بالمزارعين، وأضاف في منشور له بالفيسبوك: «وكأن المزارعين يجب تدميرهم و إفلاسهم و تجويعهم و الانتقام منهم حتى تباع منتجات أرضهم بأقل من التكلفة».

ويرى خزام أن أسوأ رأي هو من يتمنى تجويع المزارعين ليشبع هو، على حد تعبيره، مضيفاً: «إذا كانت تكاليف إستيراد الخضار أرخص من تكاليف إنتاجها محلياً فهذا لا يعني بأنه يجب فتح أبواب الإستيراد لأن النتيجة هي زيادة البطالة و تراجع الإنتاج واستنزاف الدولار وبالتالي ارتفاع سعره مع ارتفاع الأسعار ومعه تراجع الاستهلاك والطلب والمزيد من تراجع الإنتاج».

ومن ناحية اقتصادية فإن الأموال من ثمن بيع المنتجات الزراعية المحلية بالليرة السورية أو بالدولار تبقى داخل السوق السورية، بينما ثمن المستوردات الزراعية بالدولار تخرج من السوق، وفق خزام، مشيراً أن التفكير بمنطق المصلحة العامة للدولة والشعب يقضي بدعم وحماية الزراعة والمزارعين والصناعة والصناعيين لمنع استنزاف الدولار.

القرار لا يكفي!

طالب الهندسة الزراعية في جامعة حلب، محمد الشيخ حميد، وصف القرار بأنه "إبرة بنج"، وأضاف في منشور له عبر الفيسبوك: «وقف الاستيراد ليس حلاً لوحده إطلاقاً واليوم نحن أمام كارثة حقيقية للمزارع السوري».

وقدم الشيخ حميد خطة طارئة لمعالجة ارتفاع المحلي مقارنة بالمستورد في سوريا، تتضمن إجراءات قصيرة الأجل مثل تقديم دعم مالي مباشر للفلاحين، وتوفير مستلزمات الإنتاج بأسعار مدعومة، إلى جانب ضبط الاستيراد وشراء المحاصيل المحلية بأسعار تضمن هامش ربح.

أما على المدى المتوسط، فدعت الخطة إلى وضع تخطيط زراعي واضح، وتشجيع الصناعات التحويلية، وتطوير بنى التسويق والتخزين، إضافة إلى دعم التصدير وتفعيل التأمين الزراعي، بهدف استقرار دخل المزارع، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتعزيز الأمن الغذائي عبر تقوية سلسلة الإنتاج المحلي.

وأكد الشيخ حميد أن دعم الزراعة المحلية اليوم ليس فقط ضرورة اقتصادية، بل أولوية وطنية لضمان سيادة الغذاء واستقرار المجتمع.

سعر المحروقات أبرز التحديات

بالمقابل أي خطة لدعم الزراعة لن تكتمل دون معالجة إحدى أكبر العقبات التي تواجه الفلاحين اليوم، وهذا ما تحدث عنه الخبير الاقتصادي محمد صالح الفتيح خلال لقائه مع شهر كانون الثاني الماضي، حين قال إن أحد أبرز التحديات التي تواجه الفلاح السوري اليوم هو ارتفاع تكلفة المحروقات، بعد رفع الدعم عن المازوت الذي ارتفع من 2000 ليرة، إلى 9200 ليرة، أي بزيادة تفوق 360%، ما يجعل الاستمرار في الزراعة عبئاً مالياً كبيراً على المزارعين.

للتخفيف من هذا العبء، دعا الباحث إلى تقديم دعم مباشر، سواء عبر تخفيض أسعار الوقود الزراعي أو عبر قروض ميسرة تمكّن الفلاحين من متابعة الإنتاج، وشدد على أهمية التوجه نحو الطاقة المتجددة، مثل الألواح الشمسية، كبديل عملي لتقليل الاعتماد على المحروقات التقليدية، وهو خيار بدأ بعض المزارعين باعتماده رغم محدوديته الحالية.

ويأمل الفلاحون أن يكون هذا القرار بمثابة الخطوة الأولى نحو وضع سياسة زراعية متكاملة، تمنحهم ما يستحقونه من دعم واستقرار، فنجاح القرار لن يقاس فقط بمنع الاستيراد، بل بما سيتبعه من إجراءات تضمن استمرار الزراعة كقطاع منتج وحيوي لا غنى عنه في تحقيق الأمن الغذائي للبلاد.

مشاركة المقال: