الجمعة, 6 يونيو 2025 07:25 AM

فواز حداد يكشف خفايا الثقافة السورية في زمن الاستبداد بروايته "الروائي المريب"

دمشق-سانا: في أحدث أعماله الروائية، "الروائي المريب"، ينبش الأديب السوري فواز حداد في أعماق الواقع الثقافي السوري خلال حقبة النظام البائد، مسلطاً الضوء على آليات تدجين الثقافة وتحويلها إلى أداة دعائية للنظام وتبرير قمعه، وإخماد أصوات المثقفين الأحرار.

يُعد حداد من الأصوات الأدبية التي تفاعلت مع الثورة السورية منذ بدايتها، مؤمناً بأفكارها ومدافعاً عن مبادئها، وموثقاً لها في سلسلة من الروايات. "الروائي المريب" هي أحدث هذه الأعمال، حيث يعتمد حداد على تقنية الشخصية الغائبة، فبطل الرواية، أسعد العراد، حاضر بغيابه، ينشر روايته الأولى ثم يختفي، تاركاً وراءه أسئلة حول انتماءاته الفكرية، خاصةً أنه استمر في النشر خارج المؤسسات الثقافية التابعة للنظام، ورصد تاريخ سوريا منذ الانتداب الفرنسي وصولاً إلى الانقلابات العسكرية.

تكشف الرواية كيف استنفرت طبقة "المتثاقفين" المنتفعين من النظام البائد لكشف هوية "الروائي الشبح"، وعندما فشلوا، لجأوا إلى مهاجمته وتشويه سمعته وروايته، لأنه فضح نفاقهم للسلطة التي كانت تحتقر الثقافة والمثقفين.

يوضح حداد أن "الروائي المريب" ليست سيرة ذاتية، لكنها ليست منفصلة عنها تماماً، فالروائي يستعير أحياناً من حياته، مشيراً إلى أن الرواية تتناول أجيالاً من المثقفين وتيارات أدبية تحولت إلى مفاهيم. ويؤكد أن الرواية ليست توثيقية، بل هي مزيج من الأحداث والشخصيات والمواقف والتحولات ومحاولات التمرد في عالم قاسٍ على الأدب، حيث كان الإجحاف بحق الأدباء الذين لم يحظوا بفرصهم، بينما سيطر مدعو الثقافة والباحثون عن الشهرة الزائفة على المشهد.

يرى حداد أن غياب الشخصية في هذا النوع من الرواية يفوق حضورها، فالإبهام والتساؤلات التي يثيرها الغياب تخلق هالة حول الشخصية، وتضخم تأثيرها، ويؤكد أن هذا الغياب الفعال يمنح الرواية ديناميكية وتصاعداً في الأحداث وتوتراً، ويجعل شخصياتها زئبقية، مما يناسب تعقيد المشاهد التي تدور في الخفاء.

يشير حداد إلى أن عبارة "مثقفي الضباب" تصف المثقفين الذين يخفون مواقفهم الحقيقية تبعاً للظروف السياسية، وينحازون لمصالحهم العلنية والسرية، ويتهمون المعارضين بالطائفية والإرهاب، بينما ينحازون للنظام الديكتاتوري.

يعزو حداد استخدامه للسخرية إلى قسوة الأحداث، معتبراً أن السخرية وسيلة لفضح انحطاط مدعي الأدب، وكشف أن الديكتاتورية ترعى ثقافة يحرسها أقزام أيديولوجيون وعملاء للسلطة، سيطروا على المشهد الثقافي بعقلية مخابراتية قمعية.

يذكر أن رواية "الروائي المريب" صدرت عن دار رياض الريس للكتب والنشر، وفواز حداد كاتب سوري من مواليد عام 1947، حاصل على إجازة في الحقوق، وصدر له 16 رواية ومجموعة قصصية ومؤلفات بحثية، ويعيش خارج سوريا منذ عام 2012.

مشاركة المقال: