الخميس, 12 يونيو 2025 08:13 PM

غضب حقوقي وصحفي في سوريا: تنديد بدور فادي صقر في قضية الإفراج عن ضباط النظام السابق

غضب حقوقي وصحفي في سوريا: تنديد بدور فادي صقر في قضية الإفراج عن ضباط النظام السابق

أصدرت كل من رابطة الصحفيين السوريين ونقابة محامي حمص واتحاد ثوار حلب بياناتٍ نددت فيها بما وصفته بـ”الانحراف الخطير في مسار العدالة الانتقالية”. جاء ذلك على خلفية تصاعد الجدل حول دور المدعو فادي صقر، المتهم بارتكاب جرائم حرب، في عملية الإفراج عن ضباط سابقين في النظام السابق. وجاءت البيانات الثلاثة وسط انتقادات واسعة تطال الجهات التي سمحت بظهور شخصيات متورطة في انتهاكات جسيمة ضمن سياقات رسمية، ما يطرح تساؤلات جديدة حول مستقبل مبدأ المحاسبة في البلاد.

خطر يهدد مسار العدالة الانتقالية

حذّرت رابطة الصحفيين السوريين في بيانها من خطورة المسار الحالي الذي تتخذه بعض الجهات غير المرخصة قانونيًا، مثل لجنة الحفاظ على السلم الأهلي، التي يبدو أنها تحاول التمادي في اختصاصات لا تملك شرعية ولا إطارًا قانونيًا لها. وجاء في البيان: “إن استمرار عمل لجان مثل (لجنة الحفاظ على السلم الأهلي) دون وجود إطار قانوني واضح أو مرجعية تشريعية معتمدة، يشكل خطرًا على مسار العدالة الانتقالية ويهدد بمزيد من التضارب والصلاحيات الموازية”. كما أكدت الرابطة أن هذه اللجنة ليست جهة مخولة بإطلاق سراح متهمين أو إصدار توصيات بشأن قضايا المحاسبة أو العفو، مشيرة إلى أن المرسوم الصادر بتاريخ 9 آذار 2025 لم يمنحها هذه الصلاحيات، بل نص فقط على اختصاصات تنفيذية محدودة ضمن حالة محلية خاصة. وحذّرت الرابطة من خطورة تعدد الهيئات وتداخل الصلاحيات بين لجنة السلم الأهلي وهيئة العدالة الانتقالية وهيئة ملف المفقودين. كما ركزت الرابطة على أن حرية الصحافة والتعبير ركيزة أساسية في بناء العدالة الانتقالية، وأن أي محاولة لإعادة تأهيل مجرمين أو طمس الحقيقة تشكل ضربًا لهذه الركيزة.

إهانة لدماء الضحايا

من جانبه، أصدر اتحاد ثوار حلب بيانًا شديد اللهجة أدان فيه بشدة المؤتمر الصحفي الذي عقده ممثل لجنة السلم الأهلي، والذي كشف عن دور فادي صقر في تسهيل الإفراج عن ضباط سابقين في جيش النظام السابق متورطين في ارتكاب جرائم حرب. وجاء في البيان: “إن ظهور المدعو فادي صقر – المسؤول الأول عن مجزرة حي التضامن التي وثقتها منظمات حقوقية دولية – في إطار رسمي، هو إهانة لدماء الضحايا، وتعدٍّ صارخ على أبسط مفاهيم العدالة”. وأكد البيان أن أي مصالحة حقيقية يجب أن تبدأ بـ: كشف الحقيقة كاملة، محاكمة المتورطين، تعويض الضحايا، وضمان عدم تكرار الانتهاكات. كما طالب الاتحاد اللجنة العليا للسلم الأهلي بتوضيح رسمي حول أسماء المفرج عنهم والمسار القانوني الذي تم اتباعه، وطالب أيضًا بموقف واضح من الجهات الرسمية تجاه المتورطين في المجازر وعلى رأسهم فادي صقر. ودعا البيان القوى الثورية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام الحرة إلى رفض هذه الإجراءات الخطيرة، التي وصفها بأنها “إهانة للضحايا”، والوقوف صفًا واحدًا في وجه محاولات التبييض والتسويات المشبوهة.

ضرورة تقديم مرتكبي الجرائم أمام العدالة

من جهتها، أصدرت نقابة محامي حمص موقفًا قانونيًا رسميًا دعت فيه إلى ضرورة فتح تحقيق قضائي مستقل في الإفراجات الأخيرة، وتحديد الجهة المخولة قانونًا باتخاذ مثل هذا القرار، وضرورة تقديم مرتكبي الجرائم أمام العدالة. وجاء في البيان: “إن الإفراج عن متهمين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية دون محاكمة أو تحقيق قضائي يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وخرقًا لواجبات الدولة في حماية حقوق الضحايا”. كما طالبت النقابة بتفعيل آليات العدالة الانتقالية المعترف بها دوليًا، وشددت على أهمية استقلالية القضاء الوطني وعدم تدخل اللجان غير الشرعية في الشؤون القضائية. وأشارت إلى أن دور النقابات المهنية، خصوصًا النقابات القانونية، هو ركيزة أساسية في تعزيز سيادة القانون وتحقيق العدالة، داعية إلى ضرورة تفعيل مبدأ “لا عفو دون موافقة الضحايا”، وهو المبدأ الذي تنتهكه التحركات الحالية.

الجدل حول “المصالحات” ومستقبل العدالة في سوريا

ويأتي هذا التطور في وقت تتصاعد فيه التساؤلات حول مصير العدالة الانتقالية في سوريا، ومدى جدية الجهات المعنية في تنفيذ معايير دولية تضمن محاسبة مرتكبي الجرائم، وتعويض الضحايا، وبناء دولة القانون. ويعكس ظهور شخصيات متهمة بارتكاب جرائم حرب في أدوار “وسيطة” أو “مصلحة” انحرافًا خطيرًا في مسار العدالة، ويهدد بتحويل المصالحات إلى غطاء لتطهير سجلات مجرمين، بدلًا من استخدامها كآليات لبناء الثقة بين المواطنين والدولة. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه عملية الانتقال السياسي في سوريا، فإن الدعوات المتزايدة من النقابات والمنظمات الحقوقية والنشطاء تؤكد أن هناك إصرارًا على إبقاء بوابة العدالة مفتوحة، بعيدًا عن المساومات السياسية والمصالح الآنية، “فالعدالة أولًا، والعدالة دائمًا”، كما ختمت رابطة الصحفيين السوريين بيانها.

مشاركة المقال: