الجمعة, 30 مايو 2025 03:10 PM

عطش مزمن: ألف عائلة في ريف دير الزور الغربي تواجه أزمة مياه مستمرة منذ 14 عامًا

عطش مزمن: ألف عائلة في ريف دير الزور الغربي تواجه أزمة مياه مستمرة منذ 14 عامًا

علي البكيع – دير الزور

"المعاناة صعبة للغاية على كل من يقطن قرية حوايج ذياب"، بهذه الكلمات المؤثرة يصف أحمد الذياب، من سكان القرية الواقعة في ريف دير الزور الغربي، واقعًا قاسيًا يعيشه السكان منذ أكثر من عقد. وبحسب سكان القرية، تستمر معاناتهم منذ 14 عاماً مع أزمة مياه مستمرة حوّلت حياتهم إلى معركة يومية من أجل تأمين أبسط مقومات الحياة.

شبكة مهترئة ومياه ملوثة

يقول الذياب لنورث برس، إن نسبة المستفيدين من المياه لا تتجاوز 40 بالمائة من سكان القرية، بينما يواجه الباقون انقطاعًا شبه تام نتيجة ضعف المحطة الرئيسية واهتراء شبكات التوزيع. ويستذكر كيف كانت محطة "الطريف" سابقًا تغذي مساحات شاسعة، مضيفًا بأسى: "اليوم، وبعد الاعتماد على الخط الأصغر، لم تعد المياه تصل لمعظم السكان، وحتى من تصله، فهي مياه غير منتظمة تأتي يومًا وتغيب في اليوم التالي". ويطالب سكان القرية بإنشاء محطة ضخ مخصصة للقرية ولو بطاقة إسعافية، علّها تخفف من معاناتهم المتفاقمة. ويضيف الذياب: "الكثيرون هنا مضطرون لشراء المياه من الصهاريج بأسعار مرتفعة قد تصل إلى 150 ألف ليرة سورية مقابل برميلين أو ثلاثة، وهو مبلغ لا يستطيع معظم السكان تحمّله، ما يدفعهم لاستخدام مياه الآبار الكلسية والملوثة، رغم ضررها الصحي".

"ألف عائلة بلا مياه"

يقول فهد كمال الحسين، وهو مدرس من سكان القرية، يؤكد بدوره على أن غياب المياه كان له أثر مدمر على حياة الناس، لدرجة أن كثيرين غادروا القرية بحثًا عن الحد الأدنى من مقومات العيش. ويقول "الحسين": "الماء هو عصب الحياة، وانقطاعه دفع العديد من السكان للنزوح، بل حتى من كانوا يرغبون في العودة تراجعوا بسبب سوء الخدمات". ويشير إلى التكاليف الباهظة المرتبطة بتأمين المياه، حيث يدفع الفرد ما لا يقل عن 150 ألف ليرة سورية أسبوعيًا، مشددًا على أن "أكثر من ألف عائلة في القرية تواجه صعوبة شديدة في تأمين المياه". فيما يضطر العديد منهم للاعتماد على صهاريج بدائية تنقل المياه مباشرة من نهر الفرات، ما يثير مخاوف كبيرة بشأن صحة وسلامة السكان.

جهود ومعوقات

من جهته، يوضح المهندس عبد المنعم العبد الله، مدير الاستثمار والصيانة بمؤسسة المياه في دير الزور، أن "السبب الرئيسي لانقطاع المياه هو ضعف ضغط الشبكة نتيجة لانقطاع الكهرباء المتكرر". ويضيف أن المحطات التي تعتمد على الطاقة الشمسية لا تعمل سوى في النهار، في حين تتوقف في المساء، مشيراً إلى أن بعض المحطات تعمل على الديزل إلا أن عدم استقرار الشبكات يعوق تشغيلها بشكل مستمر. ويبين مدير الصيانة أن المؤسسة تعمل على تركيب أنظمة طاقة شمسية مع خط خدمي بديل، إلى جانب خطط مستقبلية لدمج مولدات ديزل تعمل نهارًا على الطاقة الشمسية وليلاً على الخط الخدمي، مع إمكانية التشغيل الاحتياطي بمولدات مستقلة عند الضرورة. ويشير إلى أن قرب القرية من نهر الفرات يتيح فرصة لتغذية المحطات النموذجية مؤقتًا، في انتظار إعادة تأهيل المحطات العملاقة، التي يُمكن أن توفر مياهًا ذات جودة عالية تغطي احتياجات القرى الكبيرة. وينوه بأن "المحطة النموذجية يمكن أن تخدم قرية يصل تعداد سكانها إلى 15 ألف نسمة، بينما تحتاج القرى الكبيرة إلى محطات عملاقة". ويضيف: "لدينا محطات عملاقة في الريف الغربي (الطريف) والشرقي (البوكمال والميادين) وفي المدينة (الفرات)، وكانت هذه المحطات مصممة لتغذية كامل محافظة دير الزور"، مبيناً أن "إعادة تأهيل وتشغيل هذه المحطات سيوفر كميات مياه كبيرة وبجودة عالية، تكاد تضاهي مياه الينابيع". كما يقول إنهم بصدد إنشاء مناهل مياه عامة داخل المحطات بالتعاون مع البلديات، لتأمين صهاريج نقل صحية وبأسعار معقولة، مشيراً إلى أن الحل المستدام يتمثل في إعادة تأهيل المحطات العملاقة التي لا تزال صامدة إنشائيًا لكنها تحتاج لتحديث شامل.

تحرير: خلف معو

مشاركة المقال: