في خطوة وصفها مسؤولون لبنانيون بأنها "مفاجئة وصادمة"، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنها ستوقف، ابتداءً من الأول من كانون الأول/ديسمبر 2025، تقديم التغطية الصحية الاستشفائية للاجئين السوريين في لبنان. وسيشمل القرار توقف دعم الولادات والطوارئ، ما يهدد باندلاع أزمة صحية وإنسانية كبيرة تطال اللاجئين والمقيمين على حد سواء، وفق مصادر صحية لبنانية.
وأفادت المفوضية في بيان صدر عنها، مس الجمعة، بأن القرار جاء نتيجة النقص العالمي في التمويل، مما يجعلها غير قادرة على الاستمرار في دعم الخدمات الصحية التي كانت تقدمها عبر شبكة المستشفيات المتعاقدة مع شركة "نكستكير" (NEXtCARE). وبذلك، سيُمنع اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية من ولوج المستشفيات ضمن إطار الدعم الأممي، حتى في حالات الطوارئ أو الولادة، وفق البيان.
وأكد البيان أن المفوضية تبذل جهودًا مكّثفة بالتعاون مع الجهات المانحة والمنظمات الشريكة في القطاع الصحي، من أجل السعي إلى توفير دعم بديل لاستقبال اللاجئين في المستشفيات حيثما أمكن. من جهته، رئيس لجنة الصحة النيابية في لبنان، النائب بلال عبدالله، وصف القرار بأنه "مفاجئ وصادم"، مشيرًا إلى أنه سيؤدي إلى أزمة إنسانية وصحية حقيقية، خاصة بالنسبة للمرضى أصحاب الحالات المزمنة والحادة، إضافة إلى النساء الحوامل والحوادث الطارئة.
وأكد عبدالله أن الدولة اللبنانية تعاني أصلاً من عجز مالي كبير في موازنتي عامَي 2024 و2025، ولا تستطيع تغطية الحاجات الصحية للمواطنين اللبنانيين، فما بال الحال مع وجود نحو 1.5 مليون لاجئ سوري على الأراضي اللبنانية، حسب تعبيره.
وفي هذا السياق، أشار عبدالله إلى أن هناك تحركًا مرتقبًا من قبل الحكومة اللبنانية باتجاه المفوضية الأوروبية و، بهدف طلب إعادة النظر في القرار ولو بشكل تدريجي، إلى حين التوصل إلى خطة مشتركة لإعادة اللاجئين السوريين إلى المناطق الآمنة في سوريا، تحت رعاية الحكومتين اللبنانية والسورية. وأوضح أن ملف الدعم الصحي للاجئين سيكون محل بحث موسّع بين وزارة الصحة العامة والجهات المعنية في الحكومة اللبنانية، مع تواصل متوقع مع الجانب السوري، وذلك في إطار تشكيل خطة شاملة تراعي البعد الإنساني والصحي لكافة الأطراف.
النائب عبدالله ربط أيضًا بين القرار ومسألة الوجود السوري في لبنان، معتبرًا أنه قد يكون له انعكاسات غير مباشرة على حركة العودة الطوعية للاجئين، خاصة مع غياب التغطية الطبية الكاملة. ولفت إلى أن بعض اللاجئين قد يضطرون إلى التفكير بالعودة إلى سوريا بسبب عدم قدرتهم على تحمل تكاليف العلاج أو فقدانهم الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية.
في ظل الوضع الاقتصادي والصحي الصعب الذي يعيشه ، يُنظر إلى قرار المفوضية باعتباره نقطة تحول حرجة تتطلب تدخلًا دوليًا عاجلًا، وتنسيقًا إقليميًا ودوليًا لتفادي انهيار المنظومة الصحية، وحماية حقوق اللاجئين دون وضع أعباء إضافية على الدولة المضيفة.