في بلدة رنكوس بالقلمون الغربي بريف دمشق، يواجه مئات المزارعين كارثة تهدد أراضيهم الزراعية، حيث تحولت إلى مساحات جافة بعد أن كانت تشتهر بخضرتها ومحاصيلها الوفيرة. السبب؟ ردم ممنهج لمئات آبار المياه الجوفية خلال فترة سيطرة قوات النظام وميليشيات الشبيحة.
المزارعون يؤكدون أن عمليات الردم لم تكن عشوائية، بل متعمدة بعد سرقة تجهيزات الآبار من مضخات وأنابيب، ثم طمر الحفر بالصخور والحديد والردميات، مما أدى إلى جفاف المياه الجوفية.
أيهم قزح، أحد أبناء البلدة المتطوع لمساعدة المزارعين، يصف الوضع قائلاً: "معاناة المزارعين لا توصف، فقدنا الروح التي كانت تحيي هذه الأراضي. رنكوس كانت جنة، واليوم أصبحت أرضاً ميتة. كل مزرعة كانت تعتمد على بئر، لكن معظمها دمر وطمر بالكامل، حتى الأشجار لم تسلم."
يضيف قزح أن الأهالي يتوافدون إليه يومياً لإعادة فتح آبارهم، ويستخدم فريقه كاميرات مراقبة صغيرة لتحديد نوع الردميات في قاع البئر. ويشير إلى أنهم نجحوا في فتح ثلاثة آبار من أصل ثمانية خلال أسبوع، بتكلفة تتراوح بين 500 ألف ومليوني ليرة، وهو مبلغ يعجز عنه معظم المزارعين.
رئيس بلدية رنكوس، خالد القاسم، أكد أن الآبار العامة لا تعاني من مشاكل، لكن آبار المزارعين تضررت بشدة، وأن الفلاحين غير قادرين على تحمل تكاليف إعادة تأهيلها بعد خسارة محاصيلهم وأشجارهم.
أبو محمود، أحد الفلاحين العائدين من إدلب، صدم بحالة مزرعته: "الأشجار مقطوعة، والبئر مردوم بعد سرقة معداته، والبيت منهوب. الفلاح فقد كل شيء، ولا يملك المال لإعادة تشغيل بئره. الأشجار ذهبت، والمواسم جفت، ونحن أمام أزمة زراعية حقيقية."
في ظل غياب الدعم الحكومي، يواجه مستقبل الزراعة في رنكوس خطر الزوال، ويعتمد المزارعون على جهود فردية ومبادرات محلية لإنقاذ ما تبقى من أراضيهم.