يرى حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، أن التطورات السياسية الأخيرة، وعلى رأسها رفع العقوبات عن سوريا، تمثل "فرصة نادرة" لإعادة بناء الاقتصاد السوري. وأكد في مقالة رأي نشرها موقع "المجلة" أن رفع العقوبات يفتح الباب أمام إعادة ربط سوريا بالنظام المالي العالمي واستعادة الثقة الدولية.
البنك المركزي… من الدفاع إلى التحفيز
أوضح حصرية أن العقوبات الغربية السابقة قيدت الوظائف الأساسية للمصرف المركزي، مثل إدارة العملة والاستقرار النقدي وتمويل الواردات. ويرى أن المرحلة الجديدة تتطلب تحولًا جوهريًا في وظيفة المصرف، ليصبح محفزًا للنمو لا مجرد أداة دفاعية.
أولوية أولى: تحديث السياسة النقدية
أشار حاكم المصرف إلى أن أولى خطوات الإصلاح تكمن في تبني نظام "استهداف التضخم"، بما يضمن استقلالية المصرف وشفافية إدارته للسيولة وفق المعايير الدولية. وأوضح أن استقرار سعر الصرف ضرورة اقتصادية، مشددًا على أن تقلباته تقوض ثقة المستثمر وتضعف فعالية السياسات الاقتصادية.
أولوية ثانية: إعادة هيكلة النظام المالي
رأى حصرية أن المصارف السورية يجب أن تتجاوز دورها التقليدي لتصبح محركات فعلية للإقراض والاستثمار، مع ضرورة إعادة هيكلة شاملة تشمل رفع كفاءة رأس المال، تحسين الحوكمة، وتوجيه التمويل نحو مشاريع إنتاجية. وكشف عن اهتمام مبدئي من بنوك سعودية، تركية، وإماراتية بالدخول إلى السوق السوري فور رفع العقوبات فعليًا.
أولوية ثالثة: الاندماج المالي العالمي
بين أن الموارد المحلية وحدها لن تكفي لإعادة الإعمار، داعيًا إلى فتح الباب أمام التدفقات الرأسمالية الخارجية. وقال: نعمل على تهيئة بيئة استثمارية شفافة، تحمي المستثمر، وتكافح غسل الأموال بصرامة، وتستوعب دور السوريين في المهجر. وأضاف أن هدفنا ليس فقط تحسين الأداء المحلي، بل تمكين النظام المصرفي السوري من الاندماج الآمن في النظام المالي العالمي.
وفي ختام مقاله، شدد حاكم المصرف على أن سوريا لا تطلب تبرعات ولا مساعدات مشروطة، بل شراكات تحقق المصالح المتبادلة، موضحًا أن استقرار سوريا يصب في مصلحة الأمن المالي الإقليمي والدولي. وأكد ترحيبه بأي تعاون مع المؤسسات الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، للاستفادة من الخبرات وتطوير القدرات المؤسسية.
مسؤولية المصرف المركزي… ورهان التعافي
ختم حصرية مقاله بالقول إن انتهاء الحرب لا يعني بداية التعافي، بل هذه البداية تحتاج إلى مؤسسات شفافة وقادرة على التخطيط للمستقبل. وأضاف: مصرف سوريا المركزي يحمل عبئًا مزدوجًا: كبح جماح التدهور، وتوجيه البوصلة نحو اقتصاد مستقر ومنفتح. واعتبر أن رفع العقوبات خطوة أولى، لكن النجاح الحقيقي سيتوقف على قدرتنا، كسوريين وشركاء دوليين، على تحويل هذه الفرصة إلى انطلاقة فعلية نحو مستقبل أفضل.