الأحد, 25 مايو 2025 11:18 PM

جفاف غير مسبوق يضرب سوريا: الحكومة تتجه لاستيراد القمح وسط خسائر فادحة للمزارعين

جفاف غير مسبوق يضرب سوريا: الحكومة تتجه لاستيراد القمح وسط خسائر فادحة للمزارعين

تشهد سوريا حالة غير مسبوقة من الجفاف هذا العام، ما ألحق الضرر بالمزارعين بشكل كبير، وسط ارتفاع في معدلات الفقر، وتراجع البنية التحتية، فضلًا عن الدمار الواسع. وتشير التقديرات إلى أن سوريا بدأت تشهد موجات من الجفاف منذ ثمانينيات القرن الماضي، وهو ما أثر سلبًا على الزراعة، لكن العام الحالي هو الأسوأ منذ عقود طويلة، حيث أن كمية الهطول لم تصل إلى نصف المعدل السنوي، وهو ما قضى على محاصيل بأكملها.

ويقول مزارعون سوريون إنهم لم يشهدوا طيلة حياتهم جفافًا كالذي حصل هذا العام، حيث لم يقتصر أثره على الأراضي البعلية بل طال المروية أيضًا. يؤكد أبو خالد من سكان ريف إدلب، أنه لم يحصد من أرضه البالغة مساحتها 4 هكتارات شيئًا بالمطلق، حيث زرعها بالشعير فور تحرير المنطقة، لكن الزرع توقف عن النمو، ولم يعد يصلح سوى لرعي الغنم. وأوضح الرجل الستيني أن تحرير المنطقة جاء في الأيام الأخيرة للمواسم الشتوية، فيما كانت مزرعته مدمرة حالها حال باقي المزارع، ما يعني أنه لن يستطيع ريّها، وهو ما دفعه لاختيار الشعير فهو من المحاصيل التي يمكن أن تنمو بالاعتماد على مياه المطر.

وكان ذلك خيار نحو 90 بالمائة من مزارعي الشمال الغربي الذين عادوا من التهجير، لكنهم لم يتوقعو أن يصيب اليبس مزروعاتهم بهذا الشكل. وقد طالت الخسارة أيضًا القمح والزراعات الأخرى، كالحمص والكمون والعدس، كما طالت حتى من تمكن ريّ محاصيله في المناطق التي لم يطلها التهجير، حيث أن شدة الجفاف وقسوة الطقس أثرت سلبًا على معظم المحاصيل رغم سقيها بالماء.

وتوضح تقديرات وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي أن معظم المساحات البعلية خرجت من دائرة الإنتاج، وبالرغم من عدم وجود تقدير نهائي لكمية الإنتاج من محصول القمح حتى الآن؛ إلا أنها تتجه نحو الاستيراد بكل تأكيد. يقول محمد .ع من ريف حماة الغربي، إن المزارعين يريدون أن تكون الدولة قادرة على تعويضهم، فقد لحقت بهم خسائر فادحة، لكن علمهم بالأوضاع الصعبة جعلهم يمتنعون عن المطالبة بأي شكل من أشكال التعويض.

يروي الشاب كيف استأجر 9 هكتارات لموسم كامل، ودفع لقاء ذلك مبلغ 1800 دولار، ومبلغا يفوقه ثمنا للبذار والسماد والدواء، لكنه لم يحصد حبة واحدة في النهاية. المصيبة التي حلّت بمحمد لا تقف عند خسارة المبلغ، فقد أجّل إصلاح منزله المدمّر ودفع كلّ ما بحوزته أملا في تحقيق ربح قبل “تجميد” ماله في البناء، لكنه اليوم بات عاجزا عن فعل شيء.

وبحسب ما صرح به مدير مديرية التخطيط والإحصاء في وزارة الزراعة الدكتور سعيد إبراهيم، لجريدة الحرية، فإن إجمالي المساحة المزروعة بمحصول القمح (1029) ألف هكتار، والمساحة القابلة للحصاد (413) ألف هكتار والإنتاج المقدر الأولي بلغ (802) ألف طن، حيث إن معظم المساحات البعلية قد خرجت من الإنتاج بسبب الظروف المناخية، علماً أنه سيتم التقدير النهائي للإنتاج بعد الانتهاء من العينة العشوائية التي يقوم بها المكتب المركزي للإحصاء.

وتتم تغطية النقص الحاصل عن طريق الاستيراد إما من القمح الطري أو استيراد طحين بشكل مباشر، ويتم العمل بهذا الخصوص لتأمين هذه الاحتياجات، حيث قام الجانب العراقي بتزويد القطر بجزء من احتياجاته من الأقماح، بينما تم الاتفاق مع الجانب التركي لاستيراد الطحين في الفترات القادمة وعلى عدة دفعات، علما بأن الاتفاقيات الخاصة باستيراد القمح ليست من اختصاص الوزارة.

وكان خبراء قد رجّحوا أن موجة الجفاف الحالية، هي الأشد منذ أكثر من 100 عام خلت، وقد أدى ذلك لتراجع منسوبات الأنهار، فيما يهدد العطش العاصمة دمشق.

مشاركة المقال: