الجمعة, 30 مايو 2025 07:44 AM

تكريم حماة المتحف الوطني بدمشق: هل يمثل بداية حقبة جديدة من التقدير في سوريا؟

تكريم حماة المتحف الوطني بدمشق: هل يمثل بداية حقبة جديدة من التقدير في سوريا؟

دمشق، سوريا - في خطوة نادرة ولافتة، شهدت دمشق تكريماً رمزياً لأبطال تصدوا لمحاولة نهب المتحف الوطني ليلة سقوط النظام السابق، مما أثار تفاعلاً واسعاً في الأوساط السورية. هذا الحدث، الذي يمثل خروجاً عن المألوف في تاريخ سوريا المثقل بتهميش الوفاء ونكران الجميل، يسلط الضوء على عقود من الإهمال والفساد والنهب الممنهج الذي ميز فترة حكم عائلة الأسد.

عقود من البذخ في القصر مقابل بؤس الشعب

على مدى أكثر من خمسة عقود، منذ انقلاب حافظ الأسد وحتى السنوات الأخيرة من حكم بشار الأسد، عانت سوريا من قمع وتهميش غير مسبوقين. تركز اهتمام النظام على استنزاف موارد البلاد وتكديس الثروات، بينما حُرم المواطنون من أبسط الحقوق الأساسية كالكهرباء والدواء والتدفئة وحتى الغذاء. وفي تناقض صارخ، عاش القصر الجمهوري في ترف وبذخ فاحش. فبينما كان الملايين من السوريين يصطفون للحصول على الخبز أو الوقود، كانت أسماء الأسد، زوجة الرئيس، تنفق ببذخ على أزياء من أرقى العلامات التجارية العالمية. ولم يقتصر الترف على ذلك؛ فقد كشفت تقارير أجنبية عن إنفاق ابنتها زين الأسد مبالغ طائلة على الأحذية الرياضية الفاخرة، في حين أن العديد من السوريين لم يتمكنوا من تحمل تكلفة شراء الخبز.

فساد اقتصادي وتهريب ممنهج للثروات

لم يكن بشار الأسد مجرد "مجرم حرب" في نظر الكثيرين، بل أيضاً "لص محترف ومجرم اقتصادي". فقد جمع ثروات طائلة من خلال غسيل الأموال والتهريب والسمسرة والاحتكارات والرشاوى ونهب المال العام. وكشفت تحقيقات دولية عن تورط نظامه في شبكات تهريب المخدرات والوقود، مما حقق له أرباحاً هائلة، بينما كان الشعب يعاني من الجوع والحرمان. لعبت أسماء الأخرس، زوجته والمصرفية السابقة، دوراً حاسماً في إدارة هذه العمليات المالية المشبوهة. وكشف تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" أن النظام قام بتحويل 250 مليون دولار نقداً إلى روسيا بين عامي 2018 و2019 على متن طائرات خاصة، لشراء عقارات فاخرة في موسكو، في الوقت الذي كان فيه البنك المركزي السوري يعاني من نقص في الدولار لتلبية الاحتياجات الأساسية مثل استيراد القمح والبنزين.

مكافأة الوفاء: بصيص أمل في زمن النكران؟

في بلد اعتاد على تهميش وتجاهل أصحاب المواقف النبيلة، جاء هذا التكريم لحماة المتحف ليكسر هذا النمط. لم يسبق لبشار الأسد أن قدم مكافأة حقيقية لإنجاز وطني، أو كرم عائلات الجنود الذين ضحوا بحياتهم من أجل بقائه في السلطة. كان كل ما يهمه هو ضمان بقائه في السلطة وتضخيم ثروته من الذهب. هذا التكريم، الذي يحمل دلالات غير مسبوقة، أثار ردود فعل إيجابية واسعة النطاق بين السوريين الذين اعتبروه علامة، وإن كانت متأخرة، على أن عصر الصمت عن الوفاء قد بدأ يتغير. فهل يمكن لمثل هذه المبادرات أن تمهد الطريق لإصلاح المسار في بلد أرهقته سنوات طويلة من الفساد والنهب؟

مشاركة المقال: