في تطور يثير قلقًا إسرائيليًا، يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يتجه نحو بناء علاقات مع القيادة الجديدة في سوريا، وهو ما يعقّد الاستراتيجيات الإسرائيلية الرامية لمنع ظهور حكومة معادية على حدودها الشمالية، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز".
الصحيفة أشارت إلى أن دعم ترمب للرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، والذي تجسد في لقاء جمعهما في الرياض في 14 أيار/مايو، وتراجع واشنطن عن بعض العقوبات المفروضة على دمشق، أحدث تغييرًا في موازين القوى الإقليمية.
هذا التحول أدى إلى توقف ملحوظ للضربات الإسرائيلية في سوريا، بعد حملة استمرت أشهرًا واستهدفت البنية العسكرية للنظام السابق. مصادر إسرائيلية أفادت بأن الغارات، التي تجاوز عددها 700 منذ سقوط نظام الأسد في كانون الأول/ديسمبر، كانت تهدف لمنع وصول الأسلحة الاستراتيجية إلى جماعات متطرفة أو حليفة لإيران.
لكن مع انفتاح واشنطن على دمشق، يبدو أن إسرائيل تتريث وتبحث عن بدائل أقل تصعيدًا. كرميل فالنسي، الباحثة في "معهد الدراسات الأمنية الوطنية" في تل أبيب، ترى أن الانفتاح الأمريكي يمثل تحديًا للاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على استغلال الفوضى لتقويض أي حكومة معادية محتملة.
على الرغم من محاولات الشرع تقديمه كشريك موثوق، لا تزال الشكوك الإسرائيلية قائمة. مسؤولون إسرائيليون يصفون الحكومة السورية الجديدة بأنها "إحدى فروع الإسلام السياسي"، معربين عن خشيتهم من تحولها إلى دولة إسلامية متطرفة معادية لإسرائيل.
إسرائيل بررت ضرباتها بحماية الدروز في جنوب سوريا، لكن محللين يرون أن الهدف الحقيقي كان السيطرة على المناطق القريبة من هضبة الجولان المحتلة. اشتباكات وقعت بين الدروز وقوات الحكومة السورية الجديدة في نيسان/أبريل، دفعت إسرائيل للتلويح بتقديم دعم مباشر.
إلى جانب التحديات من الحكومة السورية، تنظر إسرائيل إلى النفوذ التركي المتزايد كتهديد استراتيجي. مسارعة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لبناء علاقات مع دمشق تثير مخاوف إسرائيل من استخدام سوريا كقاعدة ضدها.
يعقوب أميدرور، المستشار السابق للأمن القومي الإسرائيلي، حذر من أن تحول سوريا إلى قاعدة تركية لبناء قدرات عسكرية موجهة ضد إسرائيل قد يؤدي إلى تصعيد خطير.
إسرائيل واجهت انتقادات دولية متزايدة بسبب ضرباتها، بما في ذلك من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أكد أن الأمن الوطني لا يتحقق عبر انتهاك سيادة الدول الأخرى.
حتى داخل إسرائيل، بدأت أصوات تعبر عن قلقها من أن الحملة قد تخلق البيئة التي تمكن الجماعات المتطرفة من الظهور. تامير حايمان، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، دعا إلى إعادة النظر في هذه المهام.
الرئيس السوري الجديد أعرب عن رغبته في السلام مع جميع الجيران، بما في ذلك إسرائيل، لكن مع استمرار التوتر وتدخلات واشنطن، يبقى السؤال: كيف ستتعامل إسرائيل مع جار جديد تدعمه القوة العظمى؟