الأحد, 15 يونيو 2025 08:03 PM

تحليل استراتيجي: كيف تفوقت إسرائيل تكتيكياً في المواجهة المباشرة مع إيران؟

تحليل استراتيجي: كيف تفوقت إسرائيل تكتيكياً في المواجهة المباشرة مع إيران؟

في تصعيد هو الأعنف والأكثر مباشرة بينهما، كشفت المواجهة العسكرية الأخيرة بين إسرائيل وإيران عن فجوة تكتيكية وعملياتية واضحة، تمكنت من خلالها إسرائيل من الحفاظ على زمام المبادرة وعنصر المفاجأة، في حين بدت الردود الإيرانية، رغم كثافتها، محدودة التأثير ومفتقدة للفعالية العسكرية الحاسمة.

فجر الجمعة، الثالث عشر من يونيو/حزيران 2025، شنت إسرائيل هجوماً واسع النطاق ومباغتاً على عشرات الأهداف في العمق الإيراني، مستهدفة بنى تحتية عسكرية ونووية ومقرات للحرس الثوري، ونجحت في اغتيال قادة كبار. العملية التي وصفتها مصادر غربية بـ"الجريئة والمنسقة"، اعتمدت على عنصر المفاجأة الذي تم بناؤه عبر تكتيكات تضليل إعلامي واستخباراتي سبقت الهجوم بساعات.

تفوق جوي واستخباراتي

لعبت المقاتلات الشبحية المتطورة من طراز "F-35" دوراً محورياً في الضربات الإسرائيلية، حيث مكنتها قدراتها التخفية من اختراق الدفاعات الجوية الإيرانية وتنفيذ ضربات دقيقة وخاطفة. وأكد محللون عسكريون أن نجاح هذه الطائرات لا يكمن فقط في قدراتها التقنية، بل في منظومة القيادة والسيطرة المتكاملة التي تدعمها، والتي تشمل تفوقاً استخباراتياً كبيراً يسمح بتحديد الأهداف بدقة فائقة وتحديثها آنياً.

في المقابل، جاء الرد الإيراني ليل الجمعة وصباح السبت، بإطلاق موجات متتالية من مئات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة الانتحارية باتجاه إسرائيل. ورغم أن هذا الهجوم يمثل تحولاً في قواعد الاشتباك، كونه أول هجوم مباشر من الأراضي الإيرانية، إلا أن فعاليته الميدانية بدت محدودة.

معضلة الصواريخ الباليستية

واجهت الترسانة الصاروخية الإيرانية تحدياً كبيراً تمثل في أنظمة الإنذار المبكر والرصد التي تملكها إسرائيل وحلفاؤها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة. فمنذ لحظة إطلاقها، تم رصد الصواريخ والطائرات المسيرة، مما منح منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية متعددة الطبقات - "القبة الحديدية"، "مقلاع داوود"، و "آرو" (السهم) - وقتاً ثميناً للاستعداد والتعامل مع التهديدات. هذه الديناميكية، بحسب مراقبين، أفقدت السلاح الصاروخي الإيراني عنصر المفاجأة، وهو أحد أهم ركائز الردع. فمعرفة مسار الصواريخ وتوقيت وصولها التقريبي يحولها من أداة عسكرية قادرة على إلحاق ضرر استراتيجي إلى "رسائل سياسية" تهدف إلى حفظ ماء الوجه وتأكيد القدرة على الرد، أكثر من كونها أداة حسم ميداني. ورغم وصول بعض الصواريخ إلى أهدافها وإحداثها أضراراً، إلا أن التأثير العام لم يرق إلى مستوى التهديدات التي أطلقتها طهران.

حرب الظل والبعد السيبراني

بالتوازي مع المواجهة العسكرية التقليدية، أشار محللون إلى أن إسرائيل كثفت من استخدام أدوات الحرب السيبرانية لتعطيل قدرات إيران الدفاعية والاتصالية، مما ساهم في زيادة فعالية هجماتها المباغتة وشل قدرة طهران على الاستجابة السريعة والمنسقة.

توازن ردع رمزي لا عملياتي

في المحصلة، ورغم محاولة إيران إظهار القوة من خلال حجم الرد، إلا أن ميزان القوى التكتيكي يميل بوضوح لصالح إسرائيل حتى الآن. لقد أظهرت تل أبيب قدرتها على الوصول إلى أي نقطة في إيران وتنفيذ عمليات معقدة بدقة عالية، معتمدة على تفوقها التكنولوجي والاستخباراتي. وبينما تستمر حالة التأهب القصوى في المنطقة، وتتوعد إيران بردود أخرى، يبقى المشهد محكوماً بمعادلات الردع الرمزي من الجانب الإيراني، مقابل تفوق عملياتي واضح لإسرائيل، وهو ما يطرح تساؤلات حول مستقبل قواعد الاشتباك وقدرة طهران على استعادة توازن الردع في هذه المواجهة المفتوحة.

زمان الوصل

مشاركة المقال: