الأربعاء, 28 مايو 2025 10:51 PM

بعد رفع العقوبات: عودة العلم السوري إلى السفن وانتظار لعودة الخطوط الملاحية الدولية إلى الموانئ السورية

بعد رفع العقوبات: عودة العلم السوري إلى السفن وانتظار لعودة الخطوط الملاحية الدولية إلى الموانئ السورية

خسرت الوكالات البحرية الخاصة في سورية مئات الخطوط الملاحية البحرية خلال السنوات الماضية، مما أدى إلى تجنب السفن والبواخر القادمة لسوريا لهذه الخطوط بسبب العقوبات والرسوم والمضايقات. كما تضررت المهن البحرية الأخرى نتيجة لذلك.

وحسب المتداول، قامت الوكالات الملاحية البحرية الخاصة منذ تأسيسها في العام 2002 باستقطاب أهم الخطوط الملاحية العالمية الناقلة لمختلف البضائع، بما في ذلك الحاويات والبضائع العامة والشاحنات والآليات والسفن السياحية وسفن نقل الركاب. وقد تمكنت الوكالات من الاستمرار والتكيف مع الظروف الاقتصادية الصعبة، وتحملت بعضها خسائر فادحة نتيجة القرارات والسياسات النقدية والضريبية وانعكاسات العقوبات الاقتصادية. ونجح معظمها في الحفاظ على مقدراته من اليد العاملة وعلاقاته التجارية مع الخطوط الملاحية والناقلين العالميين، إيماناً بالانفراج الحتمي الذي تجسد بالتحرير المجيد وتعزز بالسياسات الاقتصادية المرنة التي تتبناها الحكومة، مما يؤهل لعودة سوريا لمكانتها الاقتصادية في ظل الموقع الجغرافي الاستراتيجي لمرافئها على الساحل السوري.

رئيس غرفة الملاحة البحرية القبطان محمد جمال عثمان بين أنه بالتزامن مع الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة السورية على كل المستويات، وقياساً مع متطلبات النقل البحري وخصوصيته، في دعم الاقتصاد في ظل نهج السوق المفتوح المتبع حالياً، فمن المتوقع أن يُحدث رفع العقوبات عن سوريا تحولات كبيرة في قطاع النقل البحري، يأتي في مقدمتها جذب الاستثمارات من شركات عالمية، ما سيؤدي إلى تحديث الموانئ وإبرام اتفاقيات، من شأنها إعادة تأهيل البنية التحتية للمرافئ وغيرها من المرافق، لتعزيز القدرة الإنتاجية، وتحسين الخدمات على مختلف أنواعها، وتوفير الكثير من فرص العمل.

وأضاف عثمان في تصريح لصحيفة الحرية أن رفع العقوبات عن مصرف سوريا المركزي والمصرف التجاري السوري علامة فارقة، ستنعكس إيجاباً على الحركة التجارية بالمجمل، نتيجة للقدرة على القيام بتحويل الأموال من وإلى الخارج بسهولة.

وبالنظر إلى المشهد التحليلي فإن هذا الإجراء يعني الكثير لمالكي السفن والبحارة وكافة مفاصل النقل البحري، الذي تفرض طبيعة العمل فيه الاحتكاك المتواصل مع مختلف مكونات التجارة الدولية، كما سيكون أيضاً بداية لعودة الأسطول التجاري السوري من خلال رفع علم البلاد على السفن، مع توفر القوانين الناظمة والتشجيعية الكفيلة باستعادة الألق لهذه الصناعة البحرية العريقة، التي تميّز بها السوريون منذ القِدَم، وفي الوقت ذاته، ستسهم إزالة العقوبات في زيادة الاعتراف العالمي بالشهادات البحرية السورية، ودعم البحارة السوريين المعروفين بكفاءتهم وتفانيهم، بالتزامن مع تفعيل وتحديث كل القوانين والقرارات المحلية مع المعاهدات والاتفاقيات الصادرة عن المنظمة البحرية الدولية IMO، ما سيرفع من سوية قطاع النقل البحري إلى مصاف الدول المتقدمة بهذا المجال، وسوريا لديها من الإمكانيات والخبرات ما يكفي بهذا الخصوص، ولا شك أنّ رفع العقوبات من شأنه أيضاً أن يضمن عودة سفن الخطوط الملاحية الدولية إلى المرافئ السورية، مشيراً إلى أن الغرفة تلمس حماساً منقطع النظير لدى هذه الخطوط لعودة العمل، لاسيما أنّ معظمها لديها وكلاء في سوريا هم أعضاء في الغرفة، تحملوا سنين طويلة من العقوبات، وضعف الإنتاجية وكانوا بانتظار رفع العقوبات لمتابعة عملهم الذي يعتبر إرثاً تجارياً مهماً للكثير منهم.

ونوه عثمان بأن كل ما سبق سيؤدي حتماً إلى انتعاش حركة التجارة من حيث صادرات البضائع الاستراتيجية كالفوسفات والنفط وزيت الزيتون وغيرها مع تحسن معطيات الإنتاج، وكذلك حال الواردات مع توقعات باستيراد مواد البناء (إسمنت، حديد) بكميات كبيرة، لدعم إعادة الإعمار بالتوازي مع دخول سلع كانت محظورة سابقاً (مثل قطع غيار مختلف الآليات والمحركات والمعدات التكنولوجية)، وبالتالي سيطرأ انخفاض ملموس على التكاليف، نتيجة انخفاض أقساط التأمين مع عودة ثقة التجارة العالمية بالسوق السورية يصحبه انخفاض في أسعار الشحن بسبب المنافسة وزيادة عدد السفن العاملة في المرافئ.

ولفت عثمان إلى أن الحكومة ينبغي عليها كسب المزيد من الفرص الاستراتيجية النوعية أمام الشراكات الدولية، التي من شأنها تحويل سوريا إلى مركز لوجستي هام وإنشاء مناطق حرة بحرية لجذب الاستثمارات، بحيث تصبح مركزاً لإعادة تصدير البضائع إلى دول الجوار (لبنان، العراق، الأردن…) وهذا ما سيحدث بالفعل، لاسيما بعد توقيع عقد استثمار محطة حاويات اللاذقية مع شركة CMA-CGM الفرنسية المعروفة، إلى جانب مذكرة تفاهم لإنشاء وتشغيل موانئ جافة في عدرا والمنطقة الحرة السورية – الأردنية، واتفاقية التفاهم مع شركة دبي العالمية (DP World) ومثلها مع شركة Fidi Contracting الصينية لاستثمار مناطق حرة بمساحة تتجاوز مليون متر مربع.

مشاركة المقال: