الثلاثاء, 3 يونيو 2025 10:33 AM

بعد 58 عامًا على نكسة حزيران: نظرة على الأدب العربي وتساؤلات حول الواقع الفلسطيني

بعد 58 عامًا على نكسة حزيران: نظرة على الأدب العربي وتساؤلات حول الواقع الفلسطيني

منذ حزيران 1967 وحتى الآن، كتب الكثيرون عن "الخامس من حزيران": دراسات وأبحاث، قصائد وروايات وقصص ومسرحيات وآلاف المقالات. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: إلى أين وصل العرب بعد كل هذه السنين والدروس القاسية؟ ما هو المشهد العربي والواقع الفلسطيني والضفة وغزة؟ وإلى أين العرب ماضون؟

مرت 77 سنة على احتلال فلسطين – النكبة – و58 سنة على احتلال الجولان – النكسة، الفضيحة – و43 سنة على غزو بيروت، و22 سنة على غزو العراق.

هل يتذكر القارئ العربي موضوعات الأدب قبل النكبة وما بعد النكبة؟ وهل يتذكر أدب ما قبل النكسة وما بعدها؟ وكذلك بعد غزو بيروت وغزو العراق؟

أذكر جيداً قصيدة بدوي الجبل بعد هزيمة حزيران النكراء: "رمل سيناء قبرنا المحفور – وعلى القبر منكرونكير يالذل الإسلام لا الجمعة الزهراء نعمى ولا الآذان جهير كل دنيا الإسلام والقدس مناحات -وويل لأهلها وثبور يالذل الإسلام والقدس نهب ٌ- هتكت أرضه فأين الغيور هتكوا حرمة المساجد لا – جنكيز باراهم ولا تيمور ارجعوا للشعوب يا حاكيمها- لن يفيد التهويل والتغرير".

في هذه القصيدة، يصور بدوي الجبل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وطغيان المحتل، وهتك حرمة المساجد، وحال الشعب الفقير، ويحمل هيئة الأمم المتحدة مسؤولية نكبة فلسطين، ويفضح المتشدقين بالاشتراكية.

وكتب نزار قباني الكثير عن هزيمة حزيران: "حرب حزيران انتهت /فكل حرب بعدها ونحن طيبون / أخبارنا جيدة / وحالنا – والحمد لله – على أحسن مايكون / جمر النراجيل .. على أحسن ما يكون / كتابنا على رصيف الفكر عاطلون / حرب حزيران انتهت / وضاع كل شيء /الشرف الرفيع / والقلاع والحصون / والمال والبنون / حرب حزيران انتهت / وكأن شيئاً لم يكن /…". ويقول: "خلاصة القضية / توجز في عبارة / لقد لبسنا قشرة الحضارة / والروح جاهلية / …"

ومن منا لا يتذكر مسرحية سعد الله ونوس: "حفلة سمر من أجل (5) حزيران"؟ فكم تبدو الحقائق دامية في هذه المسرحية. أكتفي بمشهد العجوز الذي يصعد الخشبة ليحكي قصة مدرس الجغرافيا الذي يبسط خريطته على الحائط ويقول: أترون إلى اتساعها، أترون غناها. في الورق يشم رائحة الأرض، وفي الخطوط تلامس أصابعه التخوم وتجمعات البشر. منذ عشرين سنة وهو يحاول أن يحس الآخرون هذا الاتساع وأن يستوعبوه، أن يكون في ذاكرتهم كما في ذاكرته.. والطلاب أمامه يتثاءبون أو ينامون أو يضحكون، حتى ولو لم يصغ إليه أحد.. يستطيع أن يبرهن على ما يقول: الورق يتمزق تماماً كما تتمزق الأرض التي لا تحمى. لكن الخريطة ورقة، وفي بلاد لا تحترم الجغرافيا، ما أصعب أن يكون لورقة على الحائط أهمية –يمزق طرف الورقة الشمالي الغربي – لواء اسكندرون. – يمزق الورقة من الوسط – فلسطين. – يمزق الوسط الغربي – الضفة الغربية. – يمزق الوسط اجنوبي – سيناء. يمزق الوسط الشمالي – الجولان. وهكذا تصبح الورقة – الخريطة – غربالاً..

وكتب أدونيس بعد الهزيمة: (بيان 5 حزيران) – يطرح أدونيس في هذا البيان أسئلة كثيرة موجعة، ويجيب عنها، وفي الوقت نفسه يحمل المسؤولية للفكر العربي والمفكرين العرب. يقول: "الفكر العظيم وحده، يصنع القضايا العظيمة. هل أنا في حياة لا تعرف الفكر العظيم؟ هذا الشبح الذي نسميه الفكر العربي المعاصر أتهمه. وأنا جزء منه، بأنه عاجز وجاهل،لا يعرف أحداً.. أتهمه بأنه تابع جبان مسحوق .. عبد الرجل السياسي. عبد الحزب والتحزب. عبد الرئيس والوزير، عبد المال والمصلحة. منافق سمسار…"

بيان أدونيس هذا مازال طازجا، كأنه قد كتبه الآن، وعن راهن العرب في هذه الأيام.. وعندما انتقل للحديث عن الشعر والحرية، يقول: "الفنان آخر من يحق له أن يندب حريته أو يطالب بها، لأنه جوهرياً، إما أ، يكون حراً، وإما أنه لا يكون فناناً".

بعد هزيمة العرب في الخامس من حزيران، استقبل رئيس فرنسا الجنرال ديغول وفداً صهيونياً قادماً من الأراضي المحتلة، وكان الوفد يتبختر تيهاً وزهواً، لأنه انتصر بأيام قليلة، على مصر وسورية والأردن، واحتل الجولان وسيناء والضفة الغربية. في أثناء الزيارة، سأل ديغول أعضاء الوفد: "إذا اتحد العرب وتطوروا وأصبحوا متقدمين جداً، يعني إذا أصبحوا قوة اقتصادية و عسكرية وثقافية، عندئذ: ماذا تفعلون؟؟؟".

لم ينس الصهاينة سؤال ديغول الذي يتضمن الجواب والنصيحة معاً.

مشاركة المقال: