الأربعاء, 28 مايو 2025 08:52 AM

انتعاش محدود يعيد الأمل: تحسن أجور العمال في شمال سوريا مع عودة حركة البناء

انتعاش محدود يعيد الأمل: تحسن أجور العمال في شمال سوريا مع عودة حركة البناء

تشهد المناطق المدمرة في مختلف المحافظات السورية، وخاصةً في الشمال الغربي، حركة إعادة إعمار خجولة بجهود فردية، حيث يعمل السوريون على إصلاح منازلهم ومحالهم التجارية. وقد انعكس ذلك إيجاباً على الواقع الصعب الذي عاشه العمال السوريون طيلة السنوات الماضية.

عانت اليد العاملة السورية من انخفاض كبير في الأجور بسبب ندرة فرص العمل والمشاريع، سواء في مناطق سيطرة النظام السابق أو في الشمال الغربي الذي تقلصت مساحته جراء الاجتياح العسكري عام 2019 وأصبح شبه محاصر.

يقول العامل "فائز. ع" من ريف إدلب لموقع حلب اليوم، إنه لم يتمكن طيلة سنوات النزوح من إيجاد عمل مناسب يكفيه وعائلته، حيث كانت الأجور قليلة جداً، فقد يعمل اليوم بطوله ولا يدفع له صاحب العمل سوى مبلغ زهيد يتراوح حول 150 ليرة تركية فقط (أقل من 4$).

ويوضح الشاب أن ذلك الأجر لم يكن يكفيه لمصاريفه الشخصية والعائلية، حيث أن العمل لم يكن متوفراً بشكل يومي، مع الارتفاع الكبير في الأسعار، لكنه كان مضطراً للعمل في أي مجال والقبول بأي أجر، فقد باتت المعيشة اليومية صعبة بعد الحملة العسكرية التي قام بها النظام السابق بدعم روسي وإيراني، ما أدى لتهجير سكان أجزاء واسعة من محافظات حلب وإدلب وحماة.

اليوم، مع العودة البطيئة والتدريجية لحركة البناء والإصلاح، بات الطلب على اليد العاملة مرتفعاً، مما أتاح للعمال الحصول على أجور جيدة تساعدهم في تحسين واقعهم المعيشي.

يقول الشاب أحمد من ريف حماة، إنه اليوم بات قادراً على تحقيق دخل يومي يتراوح ما بين 1000 إلى 1500 ليرة تركية (نحو 30$ في المتوسط)، وهذا يعادل نحو 8 أضعاف ما كان يحصل عليه سابقاً، معرباً عن شعوره بالرضا تجاه الوضع الحالي.

ويوضح أن حركة البناء والإصلاح ما تزال في بدايتها، ما يعني أن الوضع الحالي لا يمثل طفرة مؤقتة، وإنما يتوقع الاستمرار في العمل بوضع جيد يمكنه من إحراز دخل يكفيه وعائلته وهو ما لم يكن متاحاً سابقاً.

تعرضت اليد العاملة في سوريا لمعاناة شديدة جراء الحرب المستمرة منذ سنوات، وسط فقدان الوظائف وتدهور الأجور مع توقف العديد من المصانع والشركات عن العمل، ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير، كما تدهورت الأجور وبات العديد من العمال يعملون بأجور منخفضة لا تكفي لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

بالرغم من قلة الدخل، فقد عمل العديد من العمال في ظروف غير آمنة وبدون أي حماية أو ضمان لحقوقهم المادية، ما يعرضهم للاستغلال من قبل أصحاب العمل، حيث يتم إجبارهم على العمل لساعات طويلة دون الحصول على الأجر العادل.

أثر ذلك بشكل كبير على حياتهم الأسرية والاجتماعية، فالصعوبة التي قاسوها في تلبية احتياجات أسرهم سببت نوعاً من التأثير النفسي والاجتماعي والتوتر في العلاقات الأسرية، فضلاً عن ارتفاع معدلات السرقة وفقدان الأمان.

مع تغير وضع البلاد، أصبح لدى العمال أمل في مستقبل أفضل مع تحسّن ظروف العمل، لكن يبقى على الحكومة توفير الحماية والرعاية وفرض الشروط المناسبة على أصحاب العمل.

كان لتحسّن حركة البناء في سوريا بعد توقفها لفترة طويلة بسبب الحرب تأثير إيجابي على العمال في البلاد، من خلال خلق فرص عمل جديدة في مختلف المجالات، مثل البناء والتشييد فضلاً عن الزراعة.

مع عودة الحياة الطبيعية تدريجياً إلى البلاد، لا تزال هناك تحديات تواجه العمال في سوريا، مثل الحاجة إلى تحسين ظروف العمل وضمان حقوقهم، ووجود نقابات أو جمعيات تمثلهم وسن تشريعات تمنع أرباب العمل من استغلالهم.

مشاركة المقال: