الأحد, 8 يونيو 2025 07:52 PM

الرقة: مزارعون يواجهون الخسائر بزراعات بديلة في ظل ارتفاع التكاليف وغياب الدعم

الرقة: مزارعون يواجهون الخسائر بزراعات بديلة في ظل ارتفاع التكاليف وغياب الدعم

في ظل الارتفاع الكبير في أسعار مستلزمات الزراعة من بذار وسماد وأجور عمال، وغياب الأسواق الثابتة لتسويق المحاصيل، لجأ العديد من مزارعي محافظة الرقة هذا العام إلى اعتماد زراعات صيفية بديلة عن المحاصيل التقليدية مثل القطن والذرة الصفراء. واتجه المزارعون إلى زراعة محاصيل أقل تكلفة مثل دوار الشمس، الجبس البذري، فول الصويا، السمسم، بالإضافة إلى محاصيل علفية كالفصة والسيسبان، وذلك هربًا من الأعباء المالية التي تفرضها زراعة المحاصيل الاستراتيجية، والتي لم تعد مجدية اقتصاديًا بعد سلسلة من الخسائر في السنوات الماضية.

تكاليف باهظة وإنتاج منخفض

وأوضح ذياب النادر، 41 عامًا، من قرية حمرة ناصر بريف الرقة الشرقي، في تصريح لموقع سوريا 24، أن كلفة زراعة دونم واحد من الذرة الصفراء تصل إلى نحو 85 دولارًا، تشمل ثمن البذار والسماد واليد العاملة، بينما لا يتجاوز إنتاجه 600 كغ للدونم الواحد. ومع إضافة تكاليف الحصاد والتعبئة والتجفيف، تصبح الزراعة خاسرة، خاصة في ظل تدني سعر طن الذرة الذي لا يتجاوز 200 دولار. وأشار النادر إلى أن الزراعة البديلة أصبحت الخيار الأكثر منطقية بالنسبة للمزارعين، موضحًا: “لزراعة دونم من الجبس أو السمسم أحتاج إلى حوالي 15 دولارًا فقط، ومهما كان الإنتاج منخفضًا، يبقى أفضل من زراعة الذرة التي لا تغطي نفقاتها”.

الإدارة الذاتية تتعامل كالتجار

من جهته، عبّر عبود العثمان، 25 عامًا، من قرية الغسانية شرق الرقة، عن استيائه من غياب الالتزام من قبل الإدارة الذاتية بشراء المحاصيل، واصفًا تعاملها مع المزارعين بأنه “بعقلية التاجر”. وقال في تصريح لـسوريا 24: “أي حكومة هذه التي تشتري المحصول عامًا وتتخلى عنه في العام الآخر؟ تتركونا تحت رحمة التجار، إما أن تلتزموا بشراء المحصول كاملاً أو اتركوه لنا بالمطلق”. وأضاف العثمان أنه تعرض لخسائر متكررة، أولها في محصول القمح العام الماضي نتيجة التسعيرة المنخفضة، ثم في الذرة الصفراء، ما دفعه هذا الموسم لتحويل كامل أرضه إلى زراعة الفصة كمحصول علفي، ريثما يجد دعماً حقيقياً من جهة رسمية تضمن تسويق المحصول بأسعار مجدية.

تراجع الزراعة في الرقة

تشهد الزراعة في محافظة الرقة تراجعًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بالمحاصيل الأساسية. فقد اختفى الشمندر السكري تمامًا من خريطة الزراعة رغم أن الرقة كانت تحتل المرتبة الثانية في إنتاجه بعد محافظة حماة. كما تراجعت بشكل كبير زراعة القطن والقمح نتيجة غياب الدعم الحكومي الكافي للمزارعين. ومع استمرار غياب خطط الدعم والاستقرار التسويقي، يواجه القطاع الزراعي في الرقة تحديات تهدد مستقبل الأمن الغذائي في المنطقة، وتدفع بالمزارعين نحو خيارات أقل كلفة وإن كانت أقل إنتاجًا، حفاظًا على بقائهم واستمرارية العمل الزراعي.

مشاركة المقال: