تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة تعزيز مكانتها كوجهة عالمية رائدة للعيش والعمل والاستثمار. تصدرت دبي وأبوظبي مؤشر "الثروة الديناميكية للأفراد" كأكثر المدن جاذبية للثروات الفردية، متفوقتين على مدن عالمية كبرى مثل نيويورك وزيورخ وسنغافورة.
يعتمد المؤشر على ثلاثة معايير رئيسية: القاعدة الشخصية للثروة، جودة الحياة، والحوافز الضريبية. وقد أظهرت النتائج تفوقًا واضحًا للإمارات، خاصة في بيئتها الضريبية الجاذبة. لا تفرض الدولة ضرائب على الدخل الشخصي، وتبلغ ضريبة الشركات 9% فقط، بينما تصل ضريبة القيمة المضافة إلى 5%، وهي نسب أقل بكثير من الضرائب في العديد من الدول الغربية (15% إلى 27%).
أكد خبير التحول الرقمي رودي شوشاني أن هذه السياسات الضريبية الذكية تجذب الأفراد ذوي الثروات العالية، ليس فقط المليارديرات، بل أيضًا أصحاب الثروات الكبيرة القادرين على الاستثمار والعمل في بيئة مستقرة وآمنة.
وأضاف شوشاني أن تطور الحياة في الإمارات يعتمد على مؤشرات متعددة مثل تطوير المدن الذكية، تحسين البنية التحتية، وتحديث شبكات الطرق. لكن النظام الضريبي يظل العامل الأساسي في التصنيفات العالمية، خاصة عند مقارنة معدلات الضرائب في الإمارات بنظيراتها عالميًا.
جودة حياة عالمية المستوى
إلى جانب البيئة الاقتصادية المحفزة، تتمتع الإمارات بجودة حياة تضاهي الأفضل عالميًا، حيث احتلت المرتبة السادسة عالميًا في هذا المجال وفقًا لاستطلاعات دولية. يعزو شوشاني هذا التصنيف المتقدم إلى النظافة، جودة الرعاية الصحية، أسلوب الحياة، السلامة الشخصية، والسياحة، وهي عناصر تشكل بيئة معيشية مثالية للأفراد والعائلات.
بنية تحتية واتصال ذكي
أشار شوشاني إلى التقدم الكبير الذي حققته الإمارات في البنية التحتية والاتصال، حيث تتوفر شبكات إنترنت عالية السرعة، مطارات حديثة، ومدن ذكية مدعومة بتقنيات الألياف الضوئية، بالإضافة إلى مبادرات مستقبلية مثل سيارات الأجرة الطائرة. يرى شوشاني أن هذا التقدم التقني يعكس طموحًا عاليًا في التحول الرقمي، ويؤكد استعداد الإمارات للمستقبل.
رؤية قيادية استراتيجية تستقطب الثروات والمواهب
أكد شوشاني أن هذه الإنجازات هي نتيجة قيادة حكيمة تمتلك رؤية استراتيجية واضحة، مثل رؤية الإمارات 2031 وبرنامج الإقامة الذهبية، الذي يستهدف استقطاب الكفاءات العالية والمستثمرين ورواد الأعمال والشركات الناشئة والمكاتب العائلية المتخصصة بإدارة الثروات. وقد ساهمت هذه السياسات في جذب أكثر من 5,000 مليونير إلى الإمارات خلال العامين الماضيين فقط، مما يعكس اتجاهًا عالميًا متصاعدًا للهجرة نحو الدولة. كما أصبحت الإمارات مركزًا إقليميًا مفضلًا للعديد من الشركات العالمية التي تنقل مكاتبها الإقليمية إلى دبي وأبوظبي، مستفيدة من الاستقرار الاقتصادي والسياسي والبيئة التشريعية المتقدمة.
نموذج حضاري عالمي يتجاوز المال
لا يقتصر النجاح الإماراتي على الجانب المالي، بل يشمل بناء مجتمع متنوع ثقافيًا، يعيش فيه أكثر من 200 جنسية بتناغم ورفاه. اختارت آلاف العائلات الإمارات كموطن دائم، لما توفره من بيئة حضرية نظيفة، وخدمات صحية وتعليمية عالية الجودة، واستقرار سياسي واجتماعي راسخ. في المقابل، تُظهر تقارير المقارنة الدولية تراجعًا في تنافسية مدن كبرى مثل نيويورك وسان فرانسيسكو، التي تعاني من ارتفاع الضرائب وتكاليف المعيشة، مقارنة بما توفره دبي وأبوظبي من توازن بين الازدهار الاقتصادي ونمط الحياة العصري.
استثمار في المستقبل
ختم شوشاني حديثه بالإشارة إلى أن ما يُميّز النموذج الإماراتي هو عدم الاكتفاء بما تحقق، بل الاستمرار في الاستثمار بالمستقبل، عبر الجمع بين الاستقرار والانفتاح والتخطيط الاستراتيجي، لبناء مدن ذكية وجاذبة للثروة والمواهب على حدّ سواء. وبهذا، تُقدّم الإمارات للعالم نموذجًا متقدّمًا في كيفية بناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار، مدعومًا برؤية قيادية رشيدة قادرة على التكيّف مع التحدّيات العالمية وقيادة دفّة المستقبل بثقة.