الإثنين, 2 يونيو 2025 12:51 AM

إيلون ماسك يغادر منصبه الحكومي: إصلاح الإدارة أصعب من الوصول إلى المريخ!

إيلون ماسك يغادر منصبه الحكومي: إصلاح الإدارة أصعب من الوصول إلى المريخ!

خضر خروبي

بعد سلسلة إخفاقات على مستوى عمله داخل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث سعى إلى خفض الإنفاق الفدرالي من موقعه على رأس «هيئة الكفاءة»، وعلى مستوى عمله خارج الإدارة، ولا سيما فشل شركته «سبيس إكس» في تجربة إطلاق صاروخ «ستارشيب» المخصّص لنقل حمولات ضخمة إلى الفضاء، بدا الحظ وكأنّه يعاند عملاق التكنولوجيا، إيلون ماسك. كان ماسك قد وصل إلى أعلى قمّة هرم السلطة في الولايات المتحدة، وأسهم في رفد ثروته بمليارات إضافية، حتى تجاوزت الـ400 مليار دولار (قبل أن تتراجع أخيراً بأكثر من 130 مليار دولار).

وسط مناخات ضبابية حول طبيعة العلاقة بين الرئيس «المزاجي»، ورائد الأعمال، والتي كانت محطّ شائعات ولا سيما بعد إقرار مجلس النواب، الأسبوع الماضي، مشروع قانون تضمّن إعفاءات ضريبية واسعة وتخفيضات كبيرة في الإنفاق، وهي بنود جاءت لتعاكس ما نادى به ماسك مراراً، لم يُفاجَأ كثيرون بمنشور الأخير، عبر منصة «إكس»، يوم الأربعاء، حين أعلن أن فترة عمله كموظف حكومي خاص على رأس «هيئة الكفاءة الحكومية» قد انتهت، معرباً عن شكره للرئيس ترامب، ومؤكداً أنّ مهمة الهيئة ستتطوّر مع الوقت، وستتحوّل إلى أسلوب عمل دائم في مختلف مؤسسات الحكومة.

بدوره، وانسجاماً مع سعيه إلى التقليل من شأن أيّ خلافات بينه وبين ماسك حول الإنفاق الحكومي، أشاد ترامب، عبر حسابه على منصة «تروث سوشال»، بالرجل، معلّقاً على قراره التنحّي، بالقول: «سيكون هذا يومه الأخير، ولكنه لن يكون كذلك في الواقع لأنه سيكون دائماً معنا ويساعدنا طوال الوقت». من جهته، أكّد الناطق باسم البيت الأبيض، هاريسون فيلدز، أنّ «هيئة الكفاءة الحكومية جزء لا يتجزأ من عمليات الحكومة الاتحادية، ومهمتها»، مشيراً إلى أنّ عملها «سيستمرّ تحت إشراف رؤساء الأجهزة والإدارات الرسمية المعنية».

ممّا استوقف اهتمام المتابعين، أن استقالة المدير التنفيذي لشركتَي «سبيس إكس» و»تِسلا»، من إدارة ترامب، جاءت بعد ساعات على تصريحات انتقد فيها توجّه المؤسسة التشريعية لإقرار مشروع قانون يعارضه، مشدّداً على أن مشروع القانون المذكور من شأنه أن يزيد من عجز الحكومة الفدرالية، ويقوّض جهود «هيئة الكفاءة» التي سرّحت، حتى الآن، عشرات الآلاف من الموظفين بغية خفض الإنفاق العام. ففي مقابلة مع شبكة «سي بي إس نيوز»، بُثّت مقتطفات منها مساء الثلاثاء على أن تُبثّ كاملة (غداً) الأحد، أبدى ماسك انزعاجه من تحوّل الهيئة إلى ما سمّاه «كبش فداء»، نتيجة الخلافات بينها وبين البيت الأبيض، مردفاً بالقول: «بصراحة، لقد شعرت بخيبة أمل لرؤية مشروع قانون الإنفاق الضخم، الذي يزيد عجز الموازنة ويُقوّض العمل الذي يقوم به فريق الهيئة».

ولفت إلى وجود «اختلافات في الرأي» مع إدارة ترامب، موضحاً أنّ «هناك أموراً لا أتّفق معها تماماً، ولكن من الصعب عليّ الإعلان عن ذلك»، قبل أن يستدرك، قائلاً: «حسناً، لا أريد التحدّث ضدّ الإدارة، ولكنني لا أريد أن أتحمّل مسؤولية ما تفعله».

ثمّة توقعات بانتهاء دور «هيئة الكفاءة الحكومية» مع رحيل إيلون ماسك.

وفي محاولة الرئيس الأميركي الحؤول دون ظهور أيّ خلافات جوهرية مع ماسك إلى العلن، لم يطل الأمر حتى خرج الرجلان، في مؤتمر صحافي مشترك من المكتب البيضاوي، حيث شرح الأول أن «هيئة الكفاءة الحكومية أدّت دوراً كبيراً»، وأنّ ماسك «تعامل باحترافية وليس بسوء نيّة»، مختتماً كلمته بتقديم درع تقديرية للوزير المستقيل، فيما اكتفى الثاني بكلام عام حول أبرز ما حقّقته «الهيئة» من خفض للنفقات العامة، محاولاً التهوين من قرار مغادرته منصبه. وفي معرض إجابته على سؤال حول مدى صعوبة المهمّة الموكلة إلى «الهيئة»، قال ماسك، بنبرة تهكمية، إنّ «الوصول إلى المريخ أسهل من إصلاح الحكومة».

ولفهم خلفيات واقع الأمر بين الرئيس والملياردير، رجّح محلّلون أن تكون استقالة ماسك مردّها إلى عدم تمكّنه من الوفاء بتعهداته بخفض النفقات العمومية بنحو تريليونَي دولار، خصوصاً أن تقديرات «هيئة الكفاءة الحكومية» أظهرت أن جهودها أسفرت عن تخفيضات بما هو أقلّ من ذلك الرقم بكثير، إذ لم تتجاوز، حتى الآن، الـ175 مليار دولار، بينما مال آخرون إلى أن يكون السبب يتعلّق بمَيل مدير «هيئة الكفاءة» إلى تعيين موظفين من صغار السن، ممَّن لا يتمتّعون بخبرات مهنية كبيرة، أو حتى مؤهلات دراسية مناسبة، ومن بينهم أشخاص في سنّ المراهقة، فضلاً عن قيامه بتفويض هؤلاء بمهامّ وصلاحيات تعادل صلاحيات كبار المسؤولين.

بالحديث عن مستقبل «هيئة الكفاءة الحكومية» بعد رحيل ماسك، توقّعت مجلّة «نيوزويك» أن يخلف مدير مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض، روس فوت، ماسك. وكشفت المجلة الأميركية أن فوت يُعتبر بمثابة العقل المدبّر لما يُعرف بـ»مشروع 2025»، وهو كناية عن مبادرة سياسية ترمي إلى إعادة تشكيل الحكومة الفدرالية في الولايات المتحدة وفق توجّهات تيار اليمين المتطرّف، مشيرة إلى قواسم مشتركة تجمع ما بين ماسك وفوت، على غرار اتفاقهما على ضرورة تقليص الإنفاق الحكومي، والخصومة التي يكنّها كل منهما للموظفين الفدراليين المحسوبين على ما تصفه إدارة ترامب بـ»الدولة العميقة».

في المقابل، توقّعت وكالة «رويترز» انتهاء دور «هيئة الكفاءة الحكومية» عقب رحيل ماسك. وأفادت، نقلاً عن مهندس البرمجيات ساهيل لافينجيا، الذي عمل في الهيئة إلى جانب مجموعة من خبراء التكنولوجيا قبل طرده في وقت سابق من الشهر الجاري، بأنّه من المتوقّع أن «تتفكّك» الهيئة على نحو «سريع» و»مفاجئ». وأوضح لافينجيا، في حديث إلى «رويترز»، أنّ «إيلون (ماسك) كان مصدر الجذب والجاذبية الأكبر» في عمل «الهيئة»، معرباً عن اعتقاده بأنّ «موظفي الهيئة سيتوقفون عن الحضور إلى العمل… ذلك أنّ الأمر أشبه بانضمام أطفال إلى شركة ناشئة ستتوقف عن العمل في غضون أربعة أشهر».

مشاركة المقال: