الخميس, 29 مايو 2025 04:56 AM

تداعيات إلغاء ضريبة "النكول العقاري" في سوريا: هل تنخفض الأسعار أم تزداد المضاربات؟

تداعيات إلغاء ضريبة "النكول العقاري" في سوريا: هل تنخفض الأسعار أم تزداد المضاربات؟

خاص || أصدر وزير المالية السوري محمد يسر برنية قراراً بإلغاء ضريبة البيوع العقارية وفقاً للقيمة الرائجة في حال التراجع عن عملية البيع العقاري، المعروفة اصطلاحاً بـ"النكول عن المبيع".

وبحسب نص القرار، طلب الوزير من مديريات المالية في جميع المحافظات اعتبار التراجع عن البيع، سواء كانت الضريبة مسددة أو غير مسددة، عملية مقبولة مالياً لا ترتب أية التزامات ضريبية على الأطراف المعنية.

خبير اقتصادي: السوق يعاني من فوضى تسعير واستغلال

تعليقاً على القرار، قال الخبير الاقتصادي عامر ديب في تصريح لموقع "أثر برس"، إن سوق العقارات في سوريا يشهد فوضى كبيرة في التسعير، سواء في البيع أو الإيجار، لا سيما في المدن الكبرى، حيث يُستغل المشترون والمستأجرون بفعل غياب الضوابط وسياسات غير عادلة ورثها السوق من الأنظمة السابقة، إضافة إلى أنماط سلوك شعبي غير منصفة.

وأضاف ديب أن سوق العقارات، إلى جانب سوق السيارات، يُعد من أكبر محركات التضخم في الأسعار، وهو ما ينعكس سلباً على سعر صرف الليرة السورية، مشيراً إلى أن العقارات تتنوع بين سكنية وتجارية وأراضٍ، ولكل منها تصنيفاتها الخاصة، لكنها جميعاً تتأثر ببيئة استثمارية وصفها بـ"الطاردة".

قرار قد يُشجّع المضاربات ويعمّق أزمة السكن:

وتناول ديب الآثار الاقتصادية المترتبة على إلغاء ضريبة البيوع العقارية، قائلاً إن لهذا القرار تبعات مباشرة على السوق، يمكن تلخيصها في عدة محاور:

  1. أولاً: زيادة الطلب وارتفاع الأسعار

    مع إلغاء الضريبة، يصبح بيع العقار أقل كلفة وأكثر ربحية للبائع، ما يشجع على زيادة الصفقات العقارية، ويرى أن هذا الطلب المرتفع على العقارات، لا سيما من قبل المضاربين والمستثمرين، يُسهم في .

  2. ثانياً: تشجيع المضاربات

    أوضح ديب أن غياب الضريبة يعني أن المشتري الذي يبيع بعد أشهر لن يتحمّل أي خسائر، وهذا يشجع على عمليات الشراء والبيع السريعة بهدف الربح فقط، وهو ما يخلق ارتفاعاً وهمياً في الأسعار لا يعكس الطلب الحقيقي للسكن.

  3. ثالثاً: تراجع الإيرادات العامة

    كانت ضريبة البيوع العقارية تُشكّل مصدر دخل مهما لخزينة الدولة، وإلغاؤها قد يقلل من الإيرادات العامة، مما قد يدفع الحكومة للبحث عن بدائل ضريبية أو رفع رسوم أخرى لتعويض النقص، وفقاً للخبير ديب.

  4. رابعاً: تأثير سلبي على الطبقة المتوسطة والفقيرة

    يرى "ديب" أنه مع الارتفاع المحتمل للأسعار، تتقلّص فرص التملك أمام محدودي الدخل، وتصبح السوق حكراً على أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين، مما يهدد العدالة السكنية.

  5. خامساً: زيادة العقود الوهمية

    أشار ديب إلى أن الإعفاء الضريبي قد يُغري البعض بإبرام عقود وهمية أو مؤقتة بهدف الاستفادة من الفجوة القانونية، ما يعزز من النشاط غير الرسمي ويُضعف الشفافية في السوق.

البيئة العقارية ما زالت طاردة للاستثمار:

ورأى ديب أن رغم التفاؤل لدى بعض الوسطاء الذين بدؤوا، حسب وصفه، "بحزّ طمعهم" بانتظار حركة عقارية كبيرة، فإن البيئة الاستثمارية ما زالت غير مشجعة، سواء لتأسيس شركات، أو إنشاء صالات عرض، أو تطوير مشاريع عقارية.

وشبّه الخبير حال الوسطاء العقاريين بمن وصفهم بـ"سائقي التاكسي الذين يترقبون المسافر ليطلبوا منه أجرة غير منطقية"، محذراً من تحوّل القرار إلى أداة جديدة للاستغلال والمضاربة.

واختتم ديب حديثه مع "أثر" بالتأكيد على أهمية وجود ضريبة معتدلة على البيوع العقارية تُستخدم كأداة لتنظيم السوق والحد من المضاربات، على أن تترافق مع استثناءات مدروسة لمحدودي الدخل والمستحقين الحقيقيين للدعم السكني.

يُذكر أن ضريبة البيوع العقارية، بحسب القانون السابق، كانت تُفرض حتى في حال عدم استكمال البيع في الدوائر العقارية، وهو ما اعتُبر ظلماً للكثير من المتعاملين العقاريين، ما دفع لإصدار القرار الأخير لتصحيح هذا الخلل القانوني والإجرائي.

مشاركة المقال: