الأحد, 25 مايو 2025 11:57 PM

برج ترمب في دمشق: مشروع عقاري يثير الجدل بين الطموح السياسي والواقع الاقتصادي

برج ترمب في دمشق: مشروع عقاري يثير الجدل بين الطموح السياسي والواقع الاقتصادي

ذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن مشروعاً عقارياً طموحاً تحت اسم “برج ترمب دمشق” يهدف إلى استمالة واشنطن وجذب الاستثمارات الأجنبية، على الرغم من التحديات الاقتصادية والعقوبات الدولية التي تواجهها البلاد. وأشارت الصحيفة إلى أن المشروع المقترح، الذي يضم 45 طابقاً في قلب العاصمة السورية بتكلفة محتملة تصل إلى 200 مليون دولار، يسعى إلى تحقيق انفراج سياسي إلى جانب أهدافه الاستثمارية، وذلك من خلال تسمية البرج باسم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب وتزيينه بواجهة ذهبية.

ستتولى مجموعة “تايغر” الإماراتية، برئاسة رجل الأعمال السوري الإماراتي وليد محمد الزعبي، تنفيذ المشروع. صرح الزعبي للغارديان قائلاً: “هذا المشروع هو رسالتنا بأن هذا البلد، الذي عانى وشعبه أُنهك لسنوات طويلة، يستحق أن يخطو خطوة نحو السلام”.

يستعد الزعبي لزيارة دمشق في الأيام القادمة لتقديم طلب رسمي للحصول على ترخيص بناء البرج، مؤكداً أن عدد الطوابق “قابل للتعديل حسب التخطيط”، وأن التكلفة الأولية للبناء تتراوح بين 100 و 200 مليون دولار. ومع ذلك، لا يزال المشروع بحاجة إلى موافقة منظمة ترمب لمنح حقوق استخدام الاسم التجاري، وهو ما لم يتم حتى الآن، حيث لم تتضمن النماذج الأولية شعار “ترمب” بسبب عدم توقيع اتفاق الامتياز. ويتوقع الزعبي أن يستغرق البناء حوالي ثلاث سنوات بعد الحصول على الموافقات القانونية والامتياز الرسمي من مجموعة ترمب.

يُقدم المشروع كمبادرة سياسية واقتصادية متزامنة، في سياق جهود دبلوماسية متعددة المسارات، بما في ذلك تقديم تسهيلات للولايات المتحدة في قطاع الطاقة السوري، وضمانات أمنية لإسرائيل، ومحاولات لجذب الاستثمار الخليجي، تحت إشراف مباشر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وفقًا لتقارير غربية.

في تطور ملحوظ، أعلن الرئيس ترمب الأسبوع الماضي عن رفع جميع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا منذ عام 1979، واصفاً الرئيس السوري بـ “القوي” و “الجذاب”، في إعلان يمثل تحولاً كبيراً في السياسة الأمريكية تجاه دمشق، مما يفتح الباب أمام مشروع البرج للانتقال من مرحلة الفكرة إلى الواقع.

على الرغم من الرمزية الطموحة التي يطرحها المشروع، إلا أن الواقع السوري يقدم صورة أكثر تعقيداً، حيث يعيش أكثر من 90٪ من السكان تحت خط الفقر، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، ويعانون من نقص حاد في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والرعاية الصحية. وقد أثار المشروع انقساماً حتى بين مؤيدي الحكومة، بين من يراه محاولة جريئة لجذب الانتباه والاستثمارات، ومن يراه خطوة “نخبوية” منفصلة عن الواقع اليومي للناس. وفي هذا السياق، شارك الزعبي صورة رمزية لدمشق، تقارن بين مشهد انفجار وآخر لناطحة سحاب من الزجاج والفولاذ، قائلاً: “المشروع يرمز إلى كيف أن البلد الذي دمرته الحرب يتحول إلى مكان للضوء والجمال… إنه رمز يساهم في الأمن والسلام”.

تعود جذور الفكرة إلى خطاب ألقاه النائب الجمهوري جو ويلسون أمام الكونغرس في ديسمبر، مما دفع الكاتب السوري المقرب من الرئيس السوري، رضوان زيادة، إلى اقتراح المشروع على الزعبي. ومنذ ذلك الحين، عملا معاً على وضع المخطط وتنظيم اللقاءات السياسية اللازمة لدفعه قدماً. وكان الوزير السوري أسعد الشباني قد اطلع على النموذج الأولي للبرج خلال لقائه بزيادة في نيويورك، وأبدى “حماساً كبيراً”، فيما عُرض النموذج أيضاً على السفير السعودي في دمشق في محاولة لإيصاله إلى فريق ترمب عبر الرياض. قال: “هكذا تكسب عقله وقلبه”، في إشارة إلى الرئيس الأمريكي. وكان ترمب قد نشر في شهر شباط/فبراير مقطعاً ترويجياً يُظهر “برج ترمب غزة” ضمن خطة مثيرة للجدل لإعادة إعمار القطاع، الأمر الذي أعطى زيادة وزعبي شعوراً بأن مشروع دمشق قد يجد صدىً في البيت الأبيض.

مشاركة المقال: