السبت, 26 يوليو 2025 09:32 AM

تفاصيل مروعة من السويداء: شهادات عائلة "سرايا" تكشف ملابسات إعدام مواطن أمريكي

تفاصيل مروعة من السويداء: شهادات عائلة "سرايا" تكشف ملابسات إعدام مواطن أمريكي

السويداء – نورث برس

تروي شهادات صادمة تفاصيل اقتحام مسلحين يرتدون زي الجيش السوري والأمن العام، بينهم عناصر يحملون رموز تنظيم "داعش"، لمنزل الضحية "حسام سرايا"، وهو أمريكي الجنسية ودرزي الأصل، والذي أُعدم فيما بعد مع أفراد عائلته في إحدى ساحات السويداء، جنوبي سوريا. وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أكدت أول أمس الثلاثاء مقتل مواطن أميركي خلال أحداث العنف الأخيرة التي تشهدها السويداء منذ منتصف الشهر الجاري. جاء هذا التأكيد بعد انتشار تقارير مروعة ومقاطع فيديو صادمة توثق عملية إعدام ميدانية جماعية، شملت الشاب الأميركي حسام سرايا وسبعة آخرين من أفراد عائلته الدرزية.

تم التعرف على الضحية الأميركية على أنه حسام سرايا، (35 عاماً)، وهو سوري درزي من ولاية أوكلاهوما، كان "سرايا" قد درس فيها وعاد إلى سوريا لرعاية والده المريض. وكان من بين ثمانية رجال تعرضوا لعملية إعدام وحشية في ساحة تشرين بمدينة السويداء بتاريخ 15 تموز/ يوليو الجاري. وفي هذا التقرير، تروي نساء ناجيات من عائلة حسام سرايا لنورث برس كيف اقتحم مسلحون منزل العائلة صباحاً بالرشاشات والقذائف، واقتيادهم الرجال إلى الخارج ليتم إعدامهم لاحقاً في عملية قتل جماعية في ساحة تشرين بالسويداء.

"بينهم مسلحون من الأمن العام"

تقول قريبة لحسام سرايا، طلبت عدم الكشف عن هويتها خوفاً على سلامتها، لنورث برس إن "جميع أفراد العائلة الذكور وعددهم 7 وأحد أصدقائه قد قُتلوا بعملية إعدام جماعي على يد مسلحين بينهم عناصر من الأمن العام". وتضيف "أنهم كانوا نائمين لحظة اقتحام المنزل وأن المسلحين اقتادوا الشباب وهم بلباس النوم وحفاة". وتروي الحادثة لحظة اقتحام المسلحين منزلهم، "في ساعة الفجر الأولى، وبينما كانت العائلات تغطّ في النوم، استيقظنا على أصوات مسلحين يطوّقون الحي، تلتها طلقات نارية وانفجارات بالقنابل والقذائف هزت الجدران وقلبت البيت رأسًا على عقب".

هكذا بدأت واحدة من أبشع المجازر التي هزّت الرأي العام، وتسببت في مقتل ثمانية شبان على الأقل، بينهم من يحمل جنسية أميركية، وسط عمليات نهب ممنهجة وتهديدات بالقتل والإبادة. وتضيف الشاهدة الأولى: "حاصرونا.. قصفونا.. وأخذوا شبابنا"، بهذه الكلمات وصفت إحدى قريبات الضحايا بداية الهجوم، وتقول إن أحد الشبان الضحايا "كريم سرايا" شعر بحركة غير طبيعية خارج المنزل، وبعد دقائق بدأ إطلاق النار باتجاه البيت.

وتضيف: "ركضنا نحو الكوريدورات (الممرات) لنختبئ، ألقوا قنابل وقذائف آر بي جي، ودمروا أجزاء من المنزل، عدد المهاجمين كان كبيرًا، وقد حاصروا المنزل من جميع الجهات". وتشير إلى أنه رافق الهجوم أصوات تكبير، وكان أحدهم ينادي على شخص يدعى "أبو قتيبة" ليسأله عن عدد الشباب في الداخل، ليرد "أبو قتيبة"، بأنهم ستة من أهل البيت، ومعهم ابن أختهم وصديق ضيف، ليصبح العدد ثمانية"، وفق الشاهدة.

"مسلحون برموز داعش"

تقول قريبة "سرايا" وهي ناجية من الهجوم المسلح، إن الشبان لجؤوا إلى الطابق العلوي، محاولين الدفاع عن أنفسهم رغم قلة السلاح، مشيرة إلى أنهم لم يرتكبوا أي جريمة، وبعد اشتباكات دامت نصف ساعة، أُصيب أحدهم، وطلبوا الأمان مقابل الاستسلام، وبالفعل سلّموا أنفسهم، لكن الرعب لم يتوقف هنا. تضيف الشاهدة: "بعد أن استسلموا، دخل مسلحون آخرون، أمرونا بدخول غرفة وهددونا، ثم بدأوا بتفتيش البيت بحثًا عن سلاح". بعض المهاجمين كانوا يرتدون ملابس عسكرية، وآخرون بملابس تحمل رموز تنظيم داعش.

وتتابع: "رأيت في مقطع فيديو لاحقاً أحدهم بلباس أسود بالكامل من الأمن العام يخرج من بيتنا، يدعى أبو جعفر، وهو من دير الزور، شرقي سوريا، ويبدو أنه مسؤول المنطقة". وتسرد الشاهدة أسماء الضحايا: وهم غسان سرايا وأولاده كلاً من حسام سرايا (الأميركي الجنسية) كريم سرايا وعلي سرايا ووليد سرايا ويحيى سرايا وابن شقيقتهم إسماعيل جنبي وصديق العائلة عامر الفقيه.

لم يتوقف الأمر عند القتل، بل رافقه نهب وتهديد، ظلوا يدخلوا علينا أربع مرات، يفتشوا وينهبوا وبعدها أخدوا مفاتيح السيارات، سرقوا ذهب ومصاري، وحتى السيارات، سرقوا 3 منها." في النهاية، لم تجد العائلة مفراً سوى الهرب عند الجيران، تقول قريبة حسام سرايا: "ما ضل شي ما عايشناه من رعب وتهديد وسرقة."

"الحرس الجمهوري"

تقول شاهدة أخرى وهي قريبة لحسام وناجية، إنه في تمام الساعة الخامسة والنصف صباحًا، استيقظت على حركة غير معتادة في ساحة "تشرين"، عندما نظرت من النافذة، رأيت مسلحين يرتدون ملابس سوداء ويتمركزون حول البناية وكان عددهم كبيرًا". وتضيف أنها أخبرت شقيقتها بأن المسلحين يبدون غرباء، لكنها أجابتها بأنهم "من جماعتنا"، ولم يأخذوا الأمر على محمل الجد في البداية.

لاحقًا، دوّى صوت إطلاق نار كثيف، وسمعت محاولة من أحد الأشخاص للخروج من مكان الاشتباك تحت وابل من الرصاص، توالت الانفجارات لتصبح أشدّ عنفًا، مما اضطر العائلة إلى الاحتماء في الحمام، مشيرة إلى أن "أحد أعنف الانفجارات وقع في المطبخ، ما أدى إلى تطاير بابه". وتبين أنه خلال الاقتحام، كان آخر اتصال بينها وبين زوجها، الذي طلب منها أن تتخفّى وألا تسأله عن شيء، مؤكدًا أن الوضع خطير، فيما بعد، ظهرت ابنة عمّها لتُخبرهم أن المسلحين "أخذوا الشبّان كأسرى"، وأرادوا النساء أيضًا.

تقدّمت مع بناتها نحو الباب وهي تبكي، لتصادف مسلحَين يمنعان خروجهن، جُمعت النساء في غرفة واحدة، وتم إقفال الباب عليهن. وبعد وقت قصير، دخل اثنان من المسلحين وطلبوا منهن الذهب ومفاتيح السيارات، وأمروا بتفريغ محتويات المنزل. تروي إحدى الشاهدتين أن آخر مجموعة مسلحة اقتحمت منزلهم كانت منهمكة في السرقة حين تفاجأت بوجود العائلة داخل المنزل، مضيفة أن أحد المسلحين وجه سلاحه نحوهم وسأل بغضب: "ليش ما حكيتوا إنكم هون؟"، فردّت العائلة أنهم ظنّوا أن كل المجموعات كانت تتحرك بشكل مشترك منذ الصباح، حيث كان المسلحون يترددون على المنزل بشكل مستمر.

عندها، أغلق أحدهم الباب وقال: "منعمل إبادة لإلن"، فيما لاحقًا، جاء مسلح آخر وفتح الباب وبدأ ينظر إليهم واحدًا واحدًا، ثم قال: "لا تقتلوهن، فيهن حلوات، اتركوهن." وتشير السيدة إلى أن المسلحين وضعوهم في زاوية بينما راحوا ينهبون المنزل وينقلون المسروقات إلى السيارات. وتضيف أنه لاحقًا، دخل شخص آخر وقال إنه من الحرس الجمهوري، وطلب منهن التوقف عن البكاء، مدعيًا أنه سيأخذهن إلى أهله في درعا، طلبن منه أن يسمح لهن بالذهاب إلى جيرانهن، وبالفعل سمح لهن بذلك.

قضت النساء الليل عند الجيران، بينما استمرّ النهب حتى الصباح، حيث وصلت فصائل مسلحة أخرى وطلبت منهن المغادرة. وعن الخسائر، قالت السيدة: "استشهد زوجي، وأربعة من أصهاري، وولدان من أولادهم، لم يتركوا أي شاب في المنزل، مضيفة: "وحده ابن سلفي (ابن شقيق زوجها)، الذي كان في الإمارات في إجازة، نجا من المجزرة."

الخارجية الأميركية تدعو لمحاسبة المتورطين

شهدت السويداء خلال الفترة الماضية، أحداثاً دموية جراء اشتباكات بين فصائل محلية درزية ومسلحين من العشائر العربية بدعم حكومة أحمد الشرع الرئيس الانتقالي لسوريا، أسفرت عن مقتل المئات العسكريين إلى جانب مدنيين شملت عمليات إعدام ميدانية. وأظهرت مقاطع الفيديو المتداولة الضحايا من عائلة "سرايا" وهم يُجبرون على الجثو على ركبهم قبل إطلاق النار عليهم بكثافة، وسط هتافات دينية من قِبل المنفذين الذين ارتدوا زياً عسكرياً.

وعبّرت وزارة الخارجية الأمريكية في تصريح خاص لوكالة "نورث برس" عن "قلقها البالغ عندما يتعرض أي مواطن أميركي للأذى في الخارج، أينما كان"، وقدمت تعازيها لعائلة الفقيد مؤكدة سعيها لتقديم المساعدة القنصلية لهم. كما شددت على أن الولايات المتحدة تدعو إلى محاسبة المسؤولين في جميع الحالات التي يتعرض فيها مواطنون أميركيون للأذى خارج البلاد.

ويأتي مقتل المواطن الأميركي في خضم اشتباكات عنيفة في السويداء، خلفت أكثر من ألف قتيل ومصاب دارت هذه الاشتباكات بين فصائل درزية ومسلحين من العشائر وقبائل البدو، وزاد من تعقيد الوضع التدخل الحكومي بينما تشهد المنطقة منذ يومين اتفاقاً هشاً لوقف إطلاق النار.

مشاركة المقال: