الأحد, 29 يونيو 2025 11:45 PM

نظرة نقدية للرأسمالية الغربية: كتاب "الرأسمالية الأسود" يثير تساؤلات حول المستقبل

دمشق-سانا: يقدم المفكر الألماني روبرت كورتس في كتابه "الرأسمالية الأسود" تحليلاً نقدياً معمقاً للنظام الرأسمالي، يجمع بين الاقتصاد والتاريخ والفلسفة. يرى كورتس أن الرأسمالية ليست نهاية التاريخ، بل هي أزمة مستمرة تتطلب حلولاً جذرية.

صدر الكتاب مؤخراً بنسخة إلكترونية عن الهيئة العامة السورية للكتاب ضمن المشروع الوطني للترجمة، وقام بترجمته الدكتور مازن المغربي. يعتبر الكتاب إضافة هامة للأعمال النقدية التي تتناول الرأسمالية من منظور تاريخي وفلسفي، حيث يستعرض تطورها ويكشف جوانب غالباً ما يتم تجاهلها في الأدبيات الاقتصادية التقليدية.

من وهم السوق إلى واقع الهيمنة

يوضح كورتس أن السوق الرأسمالية، منذ نشأتها، اختزلت العلاقات الاجتماعية إلى مجرد علاقات نقدية. ويؤكد أن قيمة الإنسان في السوق تقاس بما يملك، وأن ما لا يملكه يتحول إلى عبء. ويرى أن التبادل الحر ليس حرية حقيقية، بل هو شكل مقنع من الإجبار الاقتصادي، وأن الرأسمالية لا تقتصر على استغلال العمال، بل تشمل أيضاً إعادة تشكيل الطبيعة وفقاً لمنطق الربح.

الرأسمالية تعيد إنتاج الأزمات

يصف كورتس آليات الاقتصاد المعولم بأنها حلقة مفرغة من الابتكار والدمار، حيث يتطلب التراكم الرأسمالي المستمر خلق أسواق جديدة وتدمير أخرى. ويثير تساؤلاً حول ما إذا كانت الأزمات الرأسمالية مجرد ظواهر خارجية أم آليات داخلية ضرورية لاستمرار النظام. يناقش الكتاب أيضاً أزمة التكنولوجيا، مشيراً إلى أن الرأسمالية ألغت العمل البشري كضرورة، لكنها لم توفر بديلاً اجتماعياً له، مما أوقع المجتمع في فخ البطالة الدائمة التي تنتجها الآلة.

تركة النيوليبرالية في المجتمعات الرأسمالية

يرى كورتس أن النيوليبرالية، التي انتشرت بعد انهيار المعسكر الشرقي، وعدت بعالم من الحرية والرخاء، لكنها في الواقع حررت رأس المال من القيود وتركت البشر يواجهون المجهول. ويصف النيوليبرالية بأنها هندسة للعالم على صورة السوق، لكنها خلفت مجتمعات مفككة، وانعداماً للأمان الوظيفي، وتزايداً في اللامساواة.

نحو بديل حضاري

لا يقتصر الكتاب على النقد، بل يدعو إلى تفكيك الفرضيات التي تقوم عليها الرأسمالية واقتراح نماذج بديلة، مثل العودة إلى دولة الرفاه وتجاوز منطق السوق نحو اقتصاد تضامني لا يقوم على الاستهلاك بل على المعنى. ويدعو المؤلف إلى إعادة تعريف العمل والإنتاج والاستهلاك من منظور إنساني لا نفعي.

تابعوا أخبار سانا على ا و 

مشاركة المقال: