الخميس, 26 يونيو 2025 10:41 PM

ترامب يعيد رسم خريطة الشرق الأوسط من بوابة العراق: خطة جديدة تتجاوز الانسحاب

ترامب يعيد رسم خريطة الشرق الأوسط من بوابة العراق: خطة جديدة تتجاوز الانسحاب

بقلم: المهندس نضال رشيد بكور

عندما يعود دونالد ترامب إلى الساحة، لا يهدف إلى مراجعة الأحداث الماضية، بل إلى إعادة كتابة كل شيء، معتبراً الماضي مجرد مسودة. فالعراق بالنسبة له ليس مجرد ساحة عسكرية أو نقطة عبور، بل هو المفتاح لمعادلة الشرق الأوسط بأكملها. يرى ترامب أن من يسيطر على بغداد، يستطيع التحكم في طهران ودمشق وحتى أنقرة.

ما لم يُعلن رسمياً، تم التفاهم عليه في الغرف المغلقة، في لقاءات جرت بعيداً عن الإعلام، أحياناً في أربيل، وأحياناً في عواصم أوروبية محايدة. شخصيات عراقية من مستويات مختلفة تلقت دعوات لحضور ما سُمّي في بعض الدوائر بـ "الورشة السياسية"، حيث طُرحت خريطة ترامب الجديدة. لا يتعلق الأمر بإنهاء النفوذ الإيراني فقط، بل بإعادة تعريف من هو الحليف ومن هو الخصم داخل العراق.

ترامب لا يريد من العراق أن يكون حليفاً طيعاً، بل منصة آمنة ومربحة. ولهذا جاءت الشروط قاطعة لا مجال للّف والدوران هذه المرة. المطلوب واضح:

أولًا: تفكيك كامل للميليشيات المسلحة، ليس عبر تفاهمات داخلية، بل بإشراف خارجي. من لا يُسلّم سلاحه يُصنّف إرهابياً فوراً، وتُفتَح بحقه ملفات في المحاكم الدولية.

ثانياً: جرد علني لمخازن السلاح المنتشر خارج نطاق الدولة. لا مزيد من المعسكرات السرية، ولا من الشحنات غير الرسمية. كل قطعة سلاح تُعرف، تُسجّل، أو تُدمّر. وبهذا يُعاد تأسيس جيش وطني حقيقي لا يحمل ولاءً عابراً للحدود.

ثالثاً: انسحاب ناعم لإيران من المؤسسات الاقتصادية والنقدية. رجال أعمال، مصارف، وشبكات تابعة ستُراقب وتُفكّك تدريجياً. لن يُقال ذلك في الإعلام العراقي طبعاً، لكن ما يُدار في الكواليس بدأ يظهر عبر تغييرات طفيفة في سوق العملة، وتبدّل غريب في سلوك بعض المصارف الخاصة.

أما على الأرض، فالتحرك بدأ بصمت. وحدات محددة من القوات الأميركية أُعيد نشرها ليست للحرب بل للتنفيذ السريع. من بين هذه القوات عناصر دلتا والفرقة 101 المحمولة جواً الذين لا يدخلون إلا لتنفيذ عمليات دقيقة من النوع الذي لا يُترك فيه أثر. الرسالة واضحة: إذا حاول أحد المواجهة، فسيُحسم أمره في دقائق.

ترامب أعاد أيضاً تفعيل قنوات تواصل كانت مجمدة منذ خروجه من البيت الأبيض. جهات عشائرية، شخصيات سنّية وشيعية، وحتى بعض التيارات المدنية التي ترى في إيران عبئاً طويل الأمد تلقت إشارات واضحة: الوقت قد حان لتغيير قواعد اللعبة، والمكافأة لمن يتعاون ستكون مقعداً في عراق ما بعد النفوذ الإيراني.

الأكثر إثارة أن بعض الاجتماعات لم تحصل في العراق بل في قبرص واليونان وصربيا حيث نُظّمت لقاءات سرية بين ممثلين عن الإدارة الأميركية الجديدة وشخصيات أمنية عراقية سابقة. لا شيء يُكتب، كل شيء يُناقش بالشفرة والذاكرة لكن مضمون الرسالة واحد: من يريد البقاء في الخارطة السياسية المقبلة عليه أن يختار الآن، لا لاحقاً.

ما يفكر به ترامب ليس انتقاماً بل إعادة صياغة تاريخية كما وصفها أحد مساعديه. العراق بالنسبة له لا يجب أن يكون تابعاً لإيران، ولا ملعباً لمليشيات بل دولة وظيفية تخدم الأمن الأميركي في الشرق الأوسط، وتضمن التوازن مع تركيا والخليج، وتمنح واشنطن أفضلية في المفاوضات القادمة مع الصين وروسيا.

من يظن أن هذه الشروط مجرد أفكار نظرية، عليه أن يراجع جدول زيارة عباس عراقجي إلى موسكو، ثم تصريحات ماكرون عن ضرورة الانتقال الآمن في العراق. فهذه كلها إشارات على أن ما يُطبخ أصبح قابلاً للتنفيذ.

ترامب لا يفاوض على الحاضر، بل يراهن على إعادة هندسة المستقبل والعراق هو الورقة الأكبر على الطاولة أما الآخرون؟ فهم مجرد لاعبين مؤقتين في مسرحية لا يملكون حتى نسخة من نصّها. 26/6/2025 للحديث تتمة (اخبار سوريا الوطن-١)

مشاركة المقال: