الأربعاء, 25 يونيو 2025 09:54 AM

عودة محدودة للاجئين السوريين من ألمانيا: تحديات ومعوقات في طريق العودة

عودة محدودة للاجئين السوريين من ألمانيا: تحديات ومعوقات في طريق العودة

يواجه السوريون المقيمون في ألمانيا مفترق طرق حاسمًا بشأن مستقبلهم، خاصة في ظل التحولات السياسية التي تشهدها سوريا. وبينما يفضل البعض الاستقرار في ألمانيا، يرى آخرون في العودة إلى الوطن خيارًا جذابًا.

في مدينة دريسدن الألمانية، على سبيل المثال، يقيم أكثر من 7 آلاف سوري، لكن وفقًا لبيانات بلدية المدينة، أربعة أشخاص فقط أعربوا عن رغبتهم في العودة إلى سوريا. يأتي ذلك على الرغم من البرنامج المالي الذي تقدمه الحكومة الألمانية للاجئين السوريين الراغبين في العودة، والذي يشمل تغطية نفقات السفر وتقديم دعم مالي بقيمة 1200 يورو للفرد لبدء مشروع تجاري.

التحديات التي تواجه السوريين في ألمانيا متعددة، بدءًا من التكيف مع الثقافة واللغة الألمانية، وصولًا إلى المخاوف من إلغاء الحماية الممنوحة لهم، وهو ما قد يؤثر سلبًا على مستقبلهم في ألمانيا. في المقابل، يرى البعض في العودة إلى سوريا فرصة لإعادة بناء حياتهم، خاصة مع التحسن النسبي في الأوضاع الأمنية. ويمكن للبرنامج المالي الحكومي أن يلعب دورًا في تسهيل هذه العودة.

الصحفي السوري المقيم في ألمانيا، عبد الرزاق صبيح، صرح لـ "حلب اليوم" بأن هناك عودة حذرة للسوريين من ألمانيا إلى سوريا، ويقدر عددهم بالمئات. وأشار إلى أن معظم العائدين هم من أولئك الذين لم يتمكنوا من إتمام إجراءات لم شمل أسرهم بعد قرار وزارة الداخلية الألمانية بوقف لم الشمل، أو من الذين لم يحصلوا على الإقامة في ألمانيا.

وحول تأثير تزايد العنصرية، أوضح صبيح أنها تمثل هاجسًا للعائلات المهاجرة منذ سنوات، لكن القوانين الصارمة تحد من تأثيرها، وغالبًا ما تقتصر على الأذى اللفظي، مع حالات نادرة من العنف الجسدي.

شاب سوري مقيم في برلين – فضل عدم ذكر اسمه – أكد أنه يفكر في العودة منذ اللحظة الأولى لما وصفه بـ "تحرير البلاد"، لكنه يواجه معوقات كبيرة، أبرزها الدمار الهائل الذي لحق بقريته في ريف إدلب الشرقي. وأوضح أن منزله مدمر بالكامل ويحتاج إلى حوالي 40 ألف دولار لإعادة بنائه، بالإضافة إلى مبلغ إضافي لبدء حياة جديدة.

كما أن غياب المدارس في المنطقة يثير قلقه بشأن تعليم أبنائه الثلاثة، الذين يحظون بتعليم جيد في ألمانيا. وفي المقابل، هناك فرص مغرية للبقاء في ألمانيا لمدة عام أو عامين على الأقل، حيث لا يرغب في خسارة دخله الجيد هناك والعودة إلى "المجهول" في بلده، معربًا عن أمله في تحسن الأوضاع خلال الفترة المقبلة.

ويقدر الصحفي السوري صبيح نسبة الراغبين في العودة إلى سوريا بنحو 20% فقط من إجمالي السوريين في ألمانيا، وهم في الغالب من الذين وصلوا بعد عام 2020. وأضاف أن هناك حوالي 50 ألف طلب لجوء معلق لدى وزارة الداخلية الألمانية، ولم يحصل أصحابها على إقامة أو لجوء، وقد ازدادت الأمور تعقيدًا بعد سقوط النظام في نهاية العام 2024.

ويعاني هؤلاء من صعوبات في تعلم اللغة الألمانية والاندماج والحصول على عمل أو فرصة للدراسة، خاصة لمن تجاوزوا الثلاثين من العمر. أما بالنسبة لغالبية السوريين الذين وصلوا في موجة النزوح الكبيرة بين عامي 2015 و 2017، فقد حصل معظمهم على الجنسية الألمانية وتعلموا اللغة، والتحق أبناؤهم بالجامعات والمدارس، وحصلوا على سكن وحياة مستقرة نسبيًا، واندمجوا في المجتمع.

وحول المعوقات التي تواجه الراغبين في العودة، يرى صبيح أنها كبيرة، حيث أن معظم اللاجئين هم من مناطق خارجة عن سيطرة نظام الأسد، وعانت من دمار كبير، ولا تتوفر فيها مقومات الحياة الأساسية من ماء وكهرباء ومدارس ومستشفيات وخدمات أخرى. ولا يزال الكثير من أقاربهم يعيشون في المخيمات ويعتمدون على المساعدات المالية التي يرسلونها إليهم.

ويبقى مستقبل السوريين في ألمانيا غير واضح، خاصة مع التغيرات السياسية والاقتصادية في كلا البلدين، وصعود اليمين المتطرف ووصوله إلى السلطة في ألمانيا.

مشاركة المقال: