الأربعاء, 25 يونيو 2025 01:09 PM

من مخيم اللجوء إلى كامب نو: قصة صعود السوري السويدي روني بردغجي إلى برشلونة

من مخيم اللجوء إلى كامب نو: قصة صعود السوري السويدي روني بردغجي إلى برشلونة

بينما يواصل نادي برشلونة الإسباني بناء مشروعه الجديد تحت قيادة المدرب الألماني هانسي فليك، تتجه أنظار الكتالونيين نحو المواهب الشابة الواعدة، حتى تلك التي تظهر في أقاصي شمال أوروبا. ومن قلب كوبنهاغن، يبرز اسم الشاب روني باردغجي، الجناح السويدي ذو الأصول السورية، الذي يقترب من ارتداء قميص البلوغرانا في صفقة تعتبر استثمارًا للمستقبل.

قصة روني باردغجي لا تقتصر على مسيرته الرياضية، بل تمتد إلى جذوره التي تحمل قصص اللجوء والمعاناة. ولد بردغجي في الكويت عام 2005 لعائلة سورية غادرت سوريا قبل اندلاع الثورة بحثًا عن ظروف معيشية أفضل، واستقرت في الكويت. لكن الحياة لم تكن سهلة بسبب وضع "البدون" الذي واجهوا فيه قيودًا قانونية حرمتهم من أبسط الحقوق، بما في ذلك الحصول على جوازات سفر، مما جعل الانتقال إلى أوروبا ضرورة ملحة.

في عام 2012، حصلت العائلة على حق اللجوء السياسي في السويد، حيث بدأت صفحة جديدة في حياة روني. استقرت العائلة في بلدة كاليغني الهادئة جنوب شرقي السويد، وهناك بدأ شغفه بكرة القدم يتبلور في ملاعب صغيرة وأحياء متواضعة. التحق بنادٍ محلي صغير، ثم انتقل إلى أكاديمية "روتيبي"، حيث تألق بسرعة وتفوق على لاعبين يكبرونه بثلاث أو أربع سنوات، مما لفت إليه أنظار كشافي الأندية الكبرى.

برشلونة لم يتحرك عبثًا، فمنذ كانون الأول 2024، كان اسم باردغجي مطروحًا على طاولة الإدارة الرياضية بقيادة ديكو، بعد أن لفت الأنظار بأدائه المميز مع نادي كوبنهاغن في دوري أبطال أوروبا. سجل هدفًا حاسمًا في الفوز المثير على مانشستر يونايتد بنتيجة 4-3. مع تسجيله 10 أهداف في النصف الأول من الموسم، دخل دائرة اهتمام أندية كبرى مثل ريال مدريد ويوفنتوس وتشيلسي وباير ليفركوزن، لكن برشلونة كان الأسرع والأكثر جدية.

وفقًا لتقارير "موندو ديبورتيفو" و"ESPN"، تم التوصل إلى اتفاق شبه نهائي مع كوبنهاغن لانتقال بردغجي إلى برشلونة مقابل حوالي 2 مليون يورو، بالإضافة إلى مكافآت مرتبطة بالأداء. هذا الرقم يعتبر متواضعًا بالنظر إلى موهبة اللاعب، لكن قرب نهاية عقده في كانون الأول المقبل ساهم في خفض قيمة الصفقة، مع احتفاظ النادي السويدي بنسبة من حقوق بيع اللاعب المستقبلية.

الخطة واضحة: سيلتحق بردغجي بتدريبات الفريق الأول في منتصف تموز، لكن سيتم تسجيله مع فريق برشلونة الرديف "برشلونة أتلتيك"، مع احتمال مرافقة الفريق الأول في جولته التحضيرية إلى آسيا، حيث سيقوم المدرب فليك بتقييم مباشر للموهبة الشابة. هذه الخطوة تأتي رغم بعض التردد، خاصة في ظل التحديات الأخيرة التي واجهها اللاعب، بما في ذلك خلافه مع ناديه حول تجديد العقد، مما أدى إلى تجميده لفترة، ثم إصابة في الركبة أبعدته حتى آذار 2025. ومع ذلك، بقي برشلونة على اتصال بوضعه الصحي وتلقى تقارير مطمئنة حول تعافيه.

في موسمه الأول 2021-2022، شارك بردغجي مع الفريق الأول، وخاض حتى الآن 84 مباراة، سجل خلالها 15 هدفًا، وشارك في دوري أبطال أوروبا، وحقق خمسة ألقاب محلية. كل هذا قبل أن يبلغ العشرين من عمره، وتقدر قيمته السوقية حاليًا بحوالي 7.5 مليون يورو. بالإضافة إلى ذلك، يتمتع بشخصية هادئة وناضجة، وهو قريب من عائلته وواعٍ بهويته. لم يتنكر بردغجي لأصوله السورية، بل تحدث عنها بفخر في لقاءاته وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. كان مشجعًا لبرشلونة منذ الطفولة، مما يجعل انضمامه إلى النادي حلمًا تحقق أخيرًا.

مع هذا الصعود، يثار سؤال حول مستقبله الدولي: هل سنراه يومًا بقميص منتخب سوريا؟ يحمل روني الجنسية السويدية منذ سنوات، وهو لاعب أساسي في منتخب تحت 21 عامًا، لكنه لم يلعب بعد مع المنتخب الأول، مما يترك الباب مفتوحًا لتغيير المنتخب، وفقًا لقوانين الفيفا. بدأت بعض الجماهير السورية تطالب الاتحاد السوري لكرة القدم بالتواصل مع اللاعب وتقديم مشروع مقنع له، على أمل أن يختار تمثيل بلده الأصلي. وحتى إذا استمر مع السويد، يبقى الانتماء العاطفي عنصرًا مهمًا، خاصة في حالة لاعب نشأ في بيئة لا تزال مرتبطة بهويته.

في النهاية، سواء قرر تمثيل سوريا أو السويد، فإن انتقال بردغجي إلى برشلونة يمثل نقطة تحول كبرى في مسيرته. قصة بدأت في الغربة، ومهدت بالألم والطموح، وها هي تصل إلى واحد من أعظم مسارح كرة القدم. في مشروع فليك الجديد، قد نرى مكانًا محجوزًا لروني إلى جانب أسماء مثل بيدري ويامال.

مشاركة المقال: