الإثنين, 23 يونيو 2025 04:24 PM

تفجير كنيسة مار إلياس بدمشق يثير الغضب ويطرح تساؤلات حول الحماية والأمن

تفجير كنيسة مار إلياس بدمشق يثير الغضب ويطرح تساؤلات حول الحماية والأمن

"رائحة الدم عالقة في كل مكان، والذهول يخيم على الجميع، بينما يبحث البعض عن أحبته في المشافي"، هكذا وصفت الصحفية "زينة شهلا" الوضع مساء أمس الأحد عقب التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة "مار إلياس" بمنطقة الدويلعة في العاصمة "دمشق". وأسفر التفجير، بحسب وزارة الصحة، عن مقتل 22 شخصاً وإصابة 63 آخرين.

تروي "شهلا" في منشور لها عبر الفيسبوك، كيف أن أهالي الحي وأبناء الكنيسة وشباب الدفاع المدني، واصلوا العمل لساعات متأخرة من الليل لتنظيف الكنيسة ومحيطها، مشيرة إلى أن حجم التفجير كان كبيراً وآثاره واضحة في كل المنطقة المجاورة. وتضيف: «أي حديث عن "الوحدة الوطنية" و"الاستقرار" و"الصمود والتصدي"، يجب أن يسبقه الكثير من العمل على الأمان وحماية الحريات والحقوق، وإعلان الحداد العام، وغير ذلك هو مجرد كلام، قد لا يتمكن أحد من سماعه حالياً»، متمنية الرحمة للضحايا والشفاء للجرحى.

وبحسب الإعلام السوري الرسمي، فجر انتحاري نفسه بحزام ناسف داخل كنيسة "مار إلياس". وأكدت وزارة الداخلية في بيان رسمي أن الانتحاري الذي فجر نفسه داخل الكنيسة في دمشق يتبع "لتنظيم داعش الإرهابي".

وتحولت صفحات السوريين عبر الفيسبوك إلى منابر للعزاء والتضامن مع أسر الضحايا، بينما عمل السوريون في مختلف أنحاء البلاد على تناقل دعوات التبرع بالدم، التي استجاب لها الكثيرون في العاصمة. وقالت إحدى السيدات في مقطع فيديو متداول على الفيسبوك أثناء تبرعها بالدم، إنها جاءت لتتبرع لإخوتها في الوطن، مؤكدة على ضرورة انتصار الفكر السوري.

الأب ملاتيوس شطاحي: الدولة مسؤولة عن حمايتنا

وفي تصريح صحفي، قال الأب "ملاتيوس شطاحي" من كنيسة "مار إلياس"، إنهم كانوا من أوائل الداعمين منذ بداية التحرير، ومتفائلين بأن القادم أفضل. وأضاف: «كنا نواجه ونسمع، والشعب بكل أطيافه، تصرفات فردية، ودائماً ما كانوا يقولون لنا: هذه تصرفات فردية، ونحن كحكومة غير مسؤولين عنها». وتابع: «لكن للأسف، دولتنا تجاه هذه التصرفات لم تكن تقوم بحمايتنا، وهذا أعطانا انطباعاً أن هذه التصرفات الفردية أصبحت تصرفات فردية مؤسساتية، وليست تصرفات فردية فقط».

الأب "ملاتيوس"، الذي كان شاهداً على التفجير وروى مشاهد مروعة عاينوها، قال: «نحن مواطنون في هذا البلد، ومسؤولية الدولة هي حمايتنا، وليست امتيازاً تمنحنا إياه. هذه مسؤوليتها. والسكوت عن هذه التصرفات الفردية يقلل من كرامتنا».

جدل واسع حول طريقة التعاطي مع الهجوم الإرهابي

أثارت طريقة التعاطي مع التفجير الإرهابي على المستوى الإعلامي والرسمي جدلاً واسعاً بين الناشطين والإعلاميين على وسائل التواصل الاجتماعي. الإعلامي في قناة "سوريا"، "حازم عوض"، كتب عبر الفيسبوك: «اتضح بأن الترابط الحكومي في دمشق لم يبنى بعد، محافظ يتهم الفلول، ووزارة الداخلية تتهم دا ع ش، ووزارة الخارجية تدين التفجير وكأنه حدث في بلد آخر، وإعلام رسمي يقع في مطبات». واعتبر أن «المهم أننا لم نسمع تصريحاً واحداً حول محاربة التطرف الذي بات وجوده (مقبولاً) على الأرض والسوشال ميديا».

الصحفي والكاتب الساخر "فراس دالاتي"، انتقد طريقة التعاطي الرسمية مع الحدث، وقال إن بيان الرئاسة حول الجريمة كان يجب أن ينعي الضحايا لا أن يدين في بدايته كونها صاحبة العلاقة، وأضاف: «الاعتداء حدث بالدولة نفسها، وبغض النظر عن المعتدي، وبأي مكان بالعالم، الدولة هي المسؤول الأول عن القضايا الأمنية، أما "تحميل الجهات الداعمة لـ 11" يمكن تأجيله لاحقاً… معظم دول العالم تعلن الحداد في هكذا حالات، تعلن تقديمها كل الدعم لذوي الضحايا، تعلن مسؤوليتها عن المحاسبة، تعلن الكثير من الأشياء، غالباً كلها أهم من استجداء دعم جهود الدولة في أي ما كانت تفعله».

كذلك انتقد الكثيرون طريقة تعاطي الإخبارية السورية مع الهجوم، خصوصاً بعد تداول صور تظهر خبر إدانة فرنسا للهجوم بالعاجل مع أجواء طبيعية في الاستوديو، الأمر الذي وضع القناة في مرمى الانتقادات، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد. حيث قال الصحفي "محمد سليمان"، إنه سيتغافل عن الضحكة التي يتناقلها الناس عن الإخبارية السورية، ويبررها بأنها ربما أخذت بجانب معين ولحظة ما تم استغلالها، لكن ما لم يجد "سليمان" مبرراً له، هو التعريف عن ناشط بطائفته المسيحية على تلفزيون رسمي! وأضاف: «ماهي الرسالة من ذلك».

ونشر "سليمان" صورة من قناة الاخبارية، تظهر توصيف طائفي للناشط "حسام القس"، بينما كان ضيفاً على القناة أمس.

اتهامات لداعش

المتحدث باسم وزارة الداخلية، "نور الدين البابا"، قال في مؤتمر صحفي إن التحقيقات تشير إلى وجود منفذ واحد للهجوم الإرهابي الذي استهدف الكنيسة، وأضاف أن المستهدف هو كل السوريين وليست طائفة واحدة والهدف هو إظهار الدولة السورية أنها عاجزة عن حماية مواطنيها. وأكد أنهم سيحاسبون كل المتورطين بهذا العمل الإجرامي، كما سيعملون على ترميم الكنيسة، وقال: «فلول النظام البائد لديهم مصلحة في إشاعة الفوضى في سوريا إضافة إلى تنظيم داعش الإرهابي»، مؤكداً أن الأخير سيفشل في ضرب السلم الأهلي.

مشاركة المقال: