الأحد, 22 يونيو 2025 04:04 PM

انتخابات مجلس الشعب السوري: مسودة نظام انتخابي مؤقت يوازن بين الكفاءة والتمثيل

انتخابات مجلس الشعب السوري: مسودة نظام انتخابي مؤقت يوازن بين الكفاءة والتمثيل

عنب بلدي – عمر علاء الدين – يتابع السوريون باهتمام التفاصيل الصادرة عن اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، برئاسة محمد طه الأحمد، وذلك لما يحمله المجلس من أهمية في ذاكرتهم، بعد أن كان يُنظر إليه كبرلمان منفصل عن الواقع، يمثل مصالح أعضائه بدلًا من مصالح الشعب، ويؤيد القرارات التي يتبناها رئيس النظام السابق بشار الأسد.

تختلف الانتخابات الجديدة عن سابقاتها، إذ لن تعتمد على المشاركة الشعبية الواسعة بسبب غياب الوثائق الرسمية والبنية التحتية المناسبة، بالإضافة إلى تحديات المهجرين والنازحين، والمخاوف من عودة شخصيات من النظام السوري السابق. وقد وصف رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، محمد طه الأحمد، هذه الأسباب بأنها "مبررة".

تعمل اللجنة حاليًا على إعداد مسودة نظام انتخابي مؤقت يهدف إلى ضمان "التمثيل دون إقصاء، والتوازن بين الكفاءة وتمثيل المجتمع". كما تعمل على تحديد الشروط والمعايير اللازمة لأعضاء المجلس واللجنة الانتخابية.

في 14 حزيران، أعلنت الرئاسة السورية أن الرئيس أحمد الشرع اجتمع بأعضاء اللجنة العليا لمجلس الشعب، دون تفاصيل إضافية. وقبل ذلك بيوم، أصدر المرسوم رقم "66" الذي قضى بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات، والتي ضمت:

  • محمد طه الأحمد: رئيسًا للجنة
  • حسن إبراهيم الدغيم: عضوًا
  • عماد يعقوب برق: عضوًا
  • لارا شاهر عيزوقي: عضوًا
  • نوار إلياس نجمة: عضوًا
  • محمد علي محمد ياسين: عضوًا
  • محمد خضر ولي: عضوًَا
  • محمد ياسر كحالة: عضوًا
  • حنان إبراهيم البلخي: عضوًا
  • بدر الجاموس: عضوًا
  • أنس العبده: عضوًا

حدد المرسوم عدد أعضاء مجلس الشعب بـ 150 عضوًا، حيث يعين الرئيس الشرع ثلثهم، بينما تجري اللجنة انتخابات لاختيار الثلثين المتبقيين، وفقًا لفئتي الأعيان والمثقفين، ووفقًا للشروط التي تحددها اللجنة العليا للانتخابات. يتم توزيع المقاعد حسب عدد السكان في المحافظات، على النحو التالي: حلب (20 مقعدًا)، دمشق (11 مقعدًا)، ريف دمشق (10 مقاعد)، حمص (9 مقاعد)، حماة (8 مقاعد)، اللاذقية (6 مقاعد)، طرطوس (5 مقاعد)، إدلب (7 مقاعد)، دير الزور (6 مقاعد)، الحسكة (6 مقاعد)، الرقة (3 مقاعد)، السويداء (3 مقاعد)، القنيطرة (مقعدان).

شروط للترشح

أعلن رئيس اللجنة العليا، محمد طه الأحمد، في أول مؤتمر صحفي للجنة في 18 حزيران الحالي، عن الخطوات التي تعمل عليها اللجنة لتشكيل مجلس الشعب. بدأت اللجنة جولاتها في محافظتي دمشق وريفها لمناقشة العملية الانتخابية مع الجهات الرسمية والفعاليات المحلية والوجهاء، وتحديد اللجنة الانتخابية ومواصفاتها، على أن تستكمل بقية الجولات لاحقًا.

وفقًا للأحمد، سيتم تشكيل لجان فرعية في المحافظات تضم ممثلين عن المناطق المختلفة التابعة لكل محافظة، مهمتها انتخاب أعضاء اللجنة الناخبة، والتي تتكون من 30 إلى 50 عضوًا عن كل مقعد في مجلس الشعب. سيكون أعضاء مجلس الشعب من داخل الهيئات الناخبة نفسها، والتي ستتشكل من فئتين: الأولى للكفاءات وتشمل 70% من أعضاء المجلس، بينما تشمل النسبة الباقية الوجهاء والأعيان.

فيما يتعلق بشروط الترشح لانتخابات مجلس الشعب، أوضح الأحمد في لقاء متلفز مع قناة "الإخبارية" الحكومية في 19 حزيران، أن العمر الأدنى للمرشح هو 25 عامًا لإتاحة الفرصة للشباب لدخول المجلس. كما يجب أن يكون المرشح حسن السيرة والسلوك، وألا يكون محكومًا بجرم شائن، وأن يكون كامل الأهلية، وألا يكون محجورًا على أمواله، بالإضافة إلى شروط أخرى لم يوضحها الأحمد.

مجلس عالي المواصفات

أكد الأحمد في لقائه على الطموح للوصول إلى مجلس شعب عالي المواصفات الفنية، معتبرًا أن عضوية مجلس الشعب تكليف وليست تشريفًا، وأن هناك أعباء كبيرة تقع على عاتق هذا المجلس، خاصة فيما يتعلق بتعديل القوانين والقرارات لتلبية تطلعات الشعب السوري. وأشار إلى أن اللقاءات مع المسؤولين والوزراء كشفت أن أكبر عائق أمام العمل داخل الوزارات هو القوانين السارية التي تحتاج إلى تغيير وتطوير.

أضاف الأحمد أن غياب الوثائق الرسمية والعدد الحقيقي للسكان في سوريا يدفع اللجنة إلى اتباع هذه العملية الانتخابية للوصول إلى مجلس شعب تقني وفعال قادر على تحمل الأعباء المستقبلية.

في 15 حزيران، وجه رئيس اللجنة العليا لمجلس الشعب كتابًا إلى نقيب المحامين في سوريا، طالبًا تزويده بأسماء ثلاثة أعضاء من نقابة المحامين متخصصين في القانون الإداري والقانون الدولي والقانون الدستوري لضمهم إلى اللجنة القانونية المقررة لمرافقة أعمال اللجنة العليا.

رشحت النقابة، وفقًا لما نشرته عبر صفحتها في "فيسبوك" في 17 حزيران، عددًا من "أهل الاختصاص" وهم: الدكتور عبد الله العجمي (قانون دستوري)، الدكتور أحمد أسعد عمر (قانون دولي)، الدكتور خالد محمد بن خميس (قانون إداري)، الدكتور محمد بسام طبلية بن أحمد (قانون دولي وإنساني)، الدكتورة سميرة الوتار (قانون خاص).

على كامل التراب السوري

عندما سُئِل رئيس اللجنة العليا للانتخابات، محمد طه الأحمد، عن إمكانية إجراء انتخابات في مناطق "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، أكد أن اللجنة ترغب في إجراء انتخابات على كامل التراب السوري، بما في ذلك محافظتا الرقة والحسكة. وأعرب عن أمله في أن تنجز اللجان أعمالها الخاصة بالتفاوض بين "قسد" والحكومة السورية، لتتمكن من الدخول إلى هذه المناطق وإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن. وفي حال تعذر ذلك، ستوجه دعوات للوجهاء والأعيان في هذه المحافظات، ثم تجرى الانتخابات في أماكن يتم الاتفاق عليها مع هذه الشريحة من المجتمع.

تعيينات الشرع

وفقًا للمادة "24" من الإعلان الدستوري في سوريا، "يعين رئيس الجمهورية ثلث أعضاء مجلس الشعب لضمان التمثيل العادل والكفاءة". وأوضح رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات، محمد طه الأحمد، أن الرئيس الشرع كان لديه الفرصة لتعيين جميع أعضاء مجلس الشعب في مؤتمر النصر في 29 كانون الثاني الماضي، ولكن الإعلان الدستوري نص على أن يكون الثلث للرئيس والثلثين للانتخاب.

أكد الأحمد أن هذا الثلث الذي سيعينه الشرع سيسد الثغرات التي قد تحدث في الانتخابات، وسيركز على الكفاءات العلمية والعملية التي يمكن البناء عليها في مراجعة الخطط وسن القوانين والتشريعات.

مطالب بإشراك المجتمع المدني

يرى رئيس "المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية"، أنور البني، أن المعايير العامة للانتخابات لا تنطبق على المرحلة الانتقالية الحالية، مشيرًا إلى عدم وجود بنية لإجراء انتخابات شعبية حقيقية في سوريا. واعتبر أن المسار الذي اتبعته اللجنة العليا للانتخابات "مقبول جدًا" لتشكيل أول مجلس نواب سوري.

أضاف البني أن كل ما سيصدر عن هذا البرلمان المنتخب حاليًا قابل للإلغاء أو التعديل أو التأكيد في البرلمان الذي سينتخب شعبيًا في المستقبل. وفي ظل غياب العمل السياسي والأحزاب والنشاطات السياسية، من المفهوم وضع نسبة ضمن مجلس الشعب للوجهاء والأعيان والقيادات المجتمعية. وأكد أن هؤلاء الأعيان سيكون لهم دور في ترسيخ السلم الأهلي، وأن وجود الكفاءات بنسبة 70% من الهيئات الناخبة مسألة مهمة، مطالبًا اللجنة العليا للانتخابات بالاعتماد على منظمات المجتمع المدني الفاعلة في المجتمع السوري وإشراكها في الهيئات الناخبة.

يعتقد البني أن خطوة تشكيل الهيئات الناخبة جيدة وتناسب المرحلة الاستثنائية التي تمر بها سوريا، للبدء بأول خطوة في طريق بناء الدولة. وأشار إلى أن اللجنة حريصة على تمثيل الجميع في سوريا، وفي حال تغييب فئة ما، يأتي دور التعيينات التي يقرها رئيس الجمهورية لإعادة التوازن المفقود.

تواصلت عنب بلدي مع اللجنة العليا للانتخابات للحصول على معلومات تتعلق بالركيزة القانونية للنظام الداخلي المؤقت وعمله والشروط الأخرى المتعلقة باختيار أعضاء المجلس وأعضاء اللجان، لكن اللجنة حصرت الإجابة بالتقارير المصورة تحريًا لعدم الوقوع في الخطأ ولحساسية الموضوع، بحسب ما قاله المنسق الإعلامي للجنة.

مشاركة المقال: