الأحد, 22 يونيو 2025 09:52 PM

إسرائيل تضغط على واشنطن للتدخل المباشر في المواجهة مع إيران: هل اقترب الحسم؟

إسرائيل تضغط على واشنطن للتدخل المباشر في المواجهة مع إيران: هل اقترب الحسم؟

بينما تدخل المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران يومها السابع، تتضح الصورة بشكل أكبر: ما يحدث ليس مجرد عملية تستهدف قدرات إيرانية محددة لمنعها من تهديد إسرائيل في المستقبل القريب، كما قيل في البداية، بل هو مواجهة استراتيجية قد تحدد مستقبل الشرق الأوسط وتوازن القوى فيه لعقود قادمة.

على الرغم من تباهي إسرائيل بنجاحات تزعم تحقيقها في إيران، إلا أنها، للمفارقة، لا تخفي قلقها الحقيقي: عدم قدرتها بمفردها على تحقيق الهدف الاستراتيجي المعلن للحرب، وهو تدمير البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل. لقد أظهر الجيش الإسرائيلي قدرات عسكرية واستخباراتية، خاصة في الضربة الافتتاحية، لكنه لا يزال بعيدًا عن ضرب أهم هدف استراتيجي من وجهة نظر إسرائيل، وهو منشأة "فوردو" النووية المحصنة تحت طبقات سميكة من الأرض والصخور، ولا يمكن تحقيق النصر دون تدميرها.

في المقابل، تدرك الولايات المتحدة، التي أرسلت مؤخرًا مساعدات عسكرية لتعزيز الدفاعات الإسرائيلية ضد الضربات الإيرانية المستمرة، النقص الحاد في الذخائر الدفاعية الحيوية لدى إسرائيل – وخاصة صواريخ منظومة "حيتس" بأنواعها – (وفقًا لما كشفته مصادر استخباراتية أمريكية لوسائل الإعلام)، وهو ما يضغط على متخذ القرار العسكري والاستراتيجي الإسرائيلي للإلحاح على واشنطن بالتدخل المباشر.

لكن الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب تظل مترددة في الانخراط الكامل في الحرب، بسبب حسابات سياسية معقدة ومخاوف من الدخول في نزاع طويل الأمد لا يمكن التنبؤ بنتائجه. ومع ذلك، لا يستبعد البعض في واشنطن وتل أبيب احتمال التحرك الأمريكي المباشر "إذا توافرت الشروط المناسبة".

على أي حال، الوقت يداهم الجميع: إسرائيل والولايات المتحدة وحتى إيران، التي تواجه ضربات غير مسبوقة على جبهتها الداخلية، دون أن يعيقها ذلك عن الاستمرار في توجيه ضربات "ردية" صاروخية. هنا، يبرز تجاذب بين خيارين لدى الطرف المعادي الذي بدأ الحرب: الاكتفاء بما تحقق حتى الآن، مع المخاطرة بفقدان "الإنجاز" قيمته في المستقبل القريب، أو المضي قدمًا نحو إنهاء البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل، وربما أيضًا إنهاء النظام الإيراني نفسه إذا تهيأت الظروف، وهو أمر لا يمكن لإسرائيل تحقيقه دون دعم أمريكي مباشر. في هذا السياق، يحذر الخبراء العسكريون والأمنيون في تل أبيب من أنه إذا لم تتبلور "نهاية استراتيجية" لهذه الحرب، وإذا لم تدمر البنية النووية الإيرانية بشكل نهائي، فإن إيران ستمتلك قنبلة نووية في أقل من عام.

يعيد احتمال وقوع فشل كهذا، أو في أحسن الأحوال الوقوف عند نجاح نسبي، إلى الواجهة كلام رئيس "الموساد" السابق، مائير داغان، قبل 14 عامًا، إذ قال إن أي تدخل عسكري إسرائيلي ضد إيران سيكون بمثابة الذريعة التي تحتاجها طهران لإعادة تشغيل مشروعها النووي بجدية أكبر. فهل يتحقق مضمون هذا التحذير الآن؟ الواقع أن الضربات الإسرائيلية، ورغم أنها ألحقت أضرارًا بالمشروع النووي الإيراني، فإنها قد تستخدم بالفعل مبررًا لتسريع العمل نحو تصنيع القنبلة النووية، في اليوم الذي يلي الحرب.

من هنا، يحذر الكثيرون في إسرائيل من أن المضي قدمًا دون دعم أمريكي مباشر، ومن غير خطة سياسية واضحة ونقطة خروج من الحرب من شأنها ترجمة "الإنجازات" الموضعية إلى نجاحات على المدى الطويل، على رأسها تكبيل إيران وتهديداتها وقدرتها على ترميم نفسها، قد يؤدي – مهما كانت درجة الأذية التي ستلحق بإيران – إلى سيناريو كارثي بالنسبة إلى إسرائيل.

بناءً على ما تقدم، تبقى الأنظار شاخصة نحو واشنطن، بعد أن قالت تل أبيب كلمتها، وأفهمت حليفتها بأنها غير قادرة على تحقيق الهدف الاستراتيجي الوحيد الذي تسعى إليه، وهو إجبار إيران على الجلوس صاغرة إلى طاولة المفاوضات لتوقيع وثيقة استسلام شاملة. فهل تقرر الولايات المتحدة التدخل؟ القرار ليس سهلاً، وهو محفوف بالمخاطر، خاصة أن القدرة الإيرانية على الرد على المصالح الأمريكية وما يتصل بها في المنطقة ستكون بلا حدود في حال اختارت واشنطن الانخراط مباشرة في الحرب. ومع ذلك، تبقى شهية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لتحقيق انتصار كاسح في هذه المعركة، بلا أثمان، في ذروتها.

مشاركة المقال: