الثلاثاء, 17 يونيو 2025 08:32 PM

حمص تستعيد ذاكرة الحرب: قصص مروعة لجرائم "الدريعي" ومطالب بالعدالة الانتقالية

حمص تستعيد ذاكرة الحرب: قصص مروعة لجرائم "الدريعي" ومطالب بالعدالة الانتقالية

في ظل الحديث المتزايد حول العدالة الانتقالية في المناطق السورية التي خرجت من براثن النزاع المسلح، يعود أهالي ريف حمص الشمالي اليوم ليذكروا بأسماء وجرائم بعض أبرز مجرمي الحرب الذين ارتكبوا مجازر بحق المدنيين خلال سنوات الحرب. ومن بين هذه الأصوات، تأتي شهادة إبراهيم ياسين من مدينة تلبيسة، كصدى قوي لمعاناة السكان تحت ظل الجريمة المنظمة التي تمت بدعم من جهات أمنية ومليشيات مسلحة.

مجرمو الحرب في حمص: أسماء وأفعال دامية

يؤكد إبراهيم ياسين أن مجرمي الحرب في المنطقة لم يكونوا شخصين أو ثلاثة، بل كانوا كثراً، لكن بعضهم أصبح رمزاً للإرهاب والدمار بسبب جرائمهم البشعة. ومن بين هؤلاء:

  • شجاع العلي: الذي كان معروفاً بمسؤوليته عن عمليات الخطف في حمص وريفها.
  • جعفر جعفر: أحد زعماء مليشيا “لواء الشيعة”، وكان متورطاً بشكل مباشر في عمليات القتل والخطف.
  • أبو جنيد الدريعي: أحد أخطر المجرمين الذين امتهنوا الخطف والقتل والابتزاز بضوء أخضر من الميليشيات الإيرانية وقوات أمن النظام السابق، وهو من أبرز الأسماء التي لا تزال تثير الرعب حتى بعد مقتله.

يقول ياسين: “الدريعي كان أول من بدأ عمليات الخطف المنظمة في المنطقة، وكان يقتل الناس فقط من أجل سرقة أموالهم أو الحصول على الفدية. لقد قتل وخطف المئات، وأنا شخصياً تعرضت لعدة تهديدات منه مقابل دفع المال”.

جرائم لا تُغفر: من الخطف إلى القتل والتعذيب

يتذكر إبراهيم ياسين واحدة من أكثر الجرائم بشاعة التي نفذها أبو جنيد الدريعي بالتعاون مع جعفر جعفر، وهي جريمة تقطيع شاب يدعى محمد الأسود وهو على قيد الحياة. ويصف ذلك بأنها “أحد أبشع المشاهد التي لن تُمحى من ذاكرة أهل المدينة”.

وبحسب ما ذكر، فإن الدريعي كان يملك مجموعة تتكون من نحو 10 أفراد، يعملون ضمن شبكة إجرامية منظمة، وتربطهم علاقة تعاون مع مليشيا “حزب الله” الموجودة في قرية المختارية، وكذلك مع أجهزة أمنية مثل الأمن العسكري وأمن الدولة.

وأشار إلى أن الضحايا كثيرون، ومن بينهم شاب من عائلة “بيت لوقا” وينحدر من مدينة النبك بريف دمشق، إذ تم اختطافه في بلدة الفرحانية الشرقية أثناء قدومه لزيارة قريب له، وقد دفع ذويه مبلغ 100 ألف دولار أميركي مقابل إطلاق سراحه.

تهديدات مباشرة: رسائل واتساب ورصاص في المنزل

لم تسلم شخصيات المجتمع المحلي من بطش هؤلاء المجرمين، حيث تعرض ياسين نفسه لمحاولات خطف وابتزاز متعددة: “أبو جنيد هددني عبر رسائل على الواتساب من أرقام أوروبية، وما زلت أحتفظ بهذه الرسائل. كما أنه أطلق النار على منزلي بهدف ابتزازي لدفع مبلغ 15 ألف دولار”.

ويضيف: “حاولوا اختطافي، لكن أحد عناصر المجموعة أرسل لي تنبيهاً قبل تنفيذ العملية، ففشلت المحاولة، وحتى الآن لا أعرف من هو الشخص الذي أنقذني”.

مقتل الدريعي: نهاية مجرم على أيدي الأهالي

انتهت حياة أبو جنيد الدريعي بطريقة غير متوقعة، عندما تم استدراجُه إلى منزل فتاة في بلدة تلبيسة، حيث تم قتله هناك على يد أهالي البلدة. ووفقاً لشهادة ياسين، فإن الدريعي كان قد قتل نحو 30 شخصاً وخطف حوالي 20 آخرين يعرفهم بنفسه، دون أن يتم الكشف عن عدد الضحايا الحقيقي حتى الآن.

العدالة الانتقالية: مطلب الشعب

وعند سؤاله عن رأيه في مدى تحقيق العدالة الانتقالية في ظل بقاء مجرمين مثل “جعفر جعفر” طلقاء أو فارين، يقول ياسين إن السؤال كبير، لكنه يضيف: “أهل تلبيسة يطالبون بتحقيق العدالة على كل من تسبب بالضرر لأي مواطن سوري، وجميع الأهالي ملتزمون بما يصدر من الأوامر من قبل القيادة السورية”.

ويشير إلى أن أهالي المدينة قاموا بعد تحرير المنطقة بإلقاء القبض على العديد من مجرمي الخطف وتجار المخدرات، فيما لا يزال البعض منهم متوارياً عن الأنظار وتتم ملاحقتهم من قبل الأجهزة الأمنية الداخلية.

بين الذكريات المؤلمة والآمال بالعدالة

تبقى شهادات مثل شهادة إبراهيم ياسين صوتاً حياً لضحايا الحرب ولكل من عاشوا سنوات الرعب تحت سيطرة مليشيات مسلحة وشبكات جريمة منظمة. ومع تصاعد الحديث عن إعادة الإعمار وبناء السلام، تبقى العدالة الانتقالية حجر الأساس لتحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية، وإعادة الثقة بين المواطنين والدولة.

مشاركة المقال: