الثلاثاء, 6 مايو 2025 05:48 PM

وداعاً سكايب: كيف تحوّل تطبيق المحادثات إلى نافذة السوريين على العالم في سنوات الحرب؟

وداعاً سكايب: كيف تحوّل تطبيق المحادثات إلى نافذة السوريين على العالم في سنوات الحرب؟

أعلنت شركة مايكروسوفت عن إيقاف خدمة "سكايب" بعد أكثر من 20 عاماً من إطلاقها، لتطوي بذلك صفحة من أشهر منصات الاتصال عالمياً. لكن في سوريا، لم يكن الأمر مجرد خبر تقني، بل لحظة وجدانية أثارت الحنين والذاكرة، وحرّكت وجدان جيل عاش الثورة والحرب.

منذ اندلاع الثورة السورية في آذار 2011، تحوّل "سكايب" إلى وسيلة حياة، وشريان اتصالي ربط المدن المحاصرة بالعالم، وجسراً تواصلت من خلاله العائلات المشتتة والناشطون والمعارضون. في زمن انقطعت فيه خطوط الهاتف وراقبت السلطات كل مكالمة، منح التطبيق شعوراً بالأمان النسبي ومتنفساً لمن أراد أن يوصل صوته.

"كان معنا من سوريا عبر السكايب" — عبارة تكررت على الشاشات العالمية، حين كان الناشطون يطلّون من غرفهم المعتمة لإيصال الحقيقة بالصوت والصورة، موثقين، متواصلين، ومنسقين خلف أسماء مستعارة. من غرف السكايب خرجت بيانات التنسيقيات، وخُططت المظاهرات، وانتقلت الصور الأولى للمجازر.

سكايب لم يكن أداة تقنية فحسب، بل أصبح ذاكرة سورية مشتركة. كانت مكالماته وسيلة لتوديع الأحباب، لطمأنة الأمهات، لإيصال نداءات الاستغاثة، أو حتى لزرع بعض الأمل بين أصوات القصف. وفي لحظات كثيرة، كانت غرفه تتحوّل إلى مساحة للدعم النفسي والضحك رغم الألم.

بينما يودّع العالم "سكايب" في ظل تراجع استخدامه أمام تطبيقات أخرى مثل "زوم" و"واتساب"، يرى السوريون في رحيله نهاية مرحلة، وانطفاء شمعة كانت تضيء العتمة. فحتى مع إمكانية الدخول إلى "مايكروسوفت تيمز" بنفس الحساب، تبقى المشاعر معلّقة في تلك المحادثات القديمة، التي شهدت لحظات حب ووداع، وحياة وموت.

لقد غادر سكايب، لكن أثره باقٍ، شاهداً على كيف يمكن للتكنولوجيا أن تكون أكثر من مجرد وسيلة تواصل، بل رفيقاً في الثورة، ومرآة لذاكرة وطن لم تُكتب كل فصوله بعد.

مشاركة المقال: