غرفة الأخبار – نورث برس
ألمح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، إلى قبول الرئيس السوري المبدئي بالانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية التي تقر بالسلام مع إسرائيل. وأمس الأربعاء، قال ترامب إن الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، أبدى تجاوباً حيال مسألة التوقيع على الاتفاقات الإبراهيمية مع إسرائيل، عقب لقاء بينهما في الرياض هو الأول من نوعه بين رئيس أميركي وسوري منذ 25 عاماً.
وذكر ترامب لصحفيين رافقوه على متن الطائرة الرئاسية أثناء توجهه من الرياض إلى الدوحة: “قلت له (الشرع) آمل أن تنضموا إلى الاتفاقات الإبراهيمية مع إسرائيل بمجرد أن تستقر الأمور، فقال نعم. لكن أمامهم الكثير من العمل”. وفي وقت سابق، أكد الرئيس الأميركي أن بلاده تدرس تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة، مشيراً إلى أن هذا المسار قد يبدأ باللقاء مع الرئيس أحمد الشرع.
واتفاق إبراهام أو الاتفاق الإبراهيمي؛ هو اسم يطلق على مجموعة من اتفاقيات السلام التي عُقدت بين إسرائيل ودول عربيه برعاية الولايات المتحدة. واستخدم الاسم لأول مرة فى بيان مشترك لإسرائيل والإمارات العربية المتحدة وأميركا، صدر في 13 آب/ أغسطس 2020، واستخدم بعدها للإشارة بشكل جماعي لاتفاقيات السلام الموقعة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة وبين إسرائيل والبحرين، وكذلك المغرب والسودان.
رغبة أميركية
في آذار/ مارس الماضي، كشف المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، عن وجود نية لتطبيع العلاقات بين سوريا ولبنان من جهة وإسرائيل من جهة أخرى. وقال ويتكوف إن تطبيع إسرائيل مع سوريا ولبنان “أصبح احتمالاً حقيقياً”، مشيراً إلى أن سوريا خرجت من دائرة النفوذ الإيراني.
وتطرق حينها لملامح رؤية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمستقبل المنطقة. وأعرب ويتكوف عن اعتقاده بـ “إمكانية تطبيع لبنان العلاقات مع إسرائيل من خلال إبرام معاهدة سلام بين البلدين، إن هذا ممكن حقاً. وينطبق الأمر نفسه على سوريا”. وأضاف أن تطبيع العلاقات بين لبنان وإسرائيل، ثم بين سوريا وإسرائيل، “يمكن أن يكون جزءاً من عملية أوسع نطاقاً لإحلال السلام في المنطقة”.
وأشار المبعوث الأميركي حينها؛ إلى أن إسرائيل “تتحرك داخل لبنان وسوريا، ورغم أن هاتين الدولتين ليستا جزءاً من إسرائيل، إلا أنها تسيطر عليهما ميدانياً”، على حد تعبيره.
واعتبر ويتكوف أن هذه السيطرة تفتح الباب أمام تطبيع شامل في حال تم القضاء على الجماعات المسلحة، مؤكداً أنه إذا طبعت سوريا ولبنان العلاقات مع إسرائيل، ووقعت السعودية اتفاقية سلام، “فسنكون أمام مشهد جديد بالكامل في الشرق الأوسط”. على حد تعبيره.
قنوات اتصال
في وقت لاحق، قالت “رويترز”، إن الإمارات فتحت قناة اتصال لمحادثات بين إسرائيل وسوريا، في الوقت الذي تسعى فيه الإدارة السورية الجديدة للحصول على دعم إقليمي لإدارة علاقة تزداد عداء مع إسرائيل.
وأفاد مصدر مطلع ومسؤول أمني سوري ومسؤول مخابرات إقليمي بأن الاتصالات غير المباشرة تركز على مسائل أمنية ومخابراتية وبناء الثقة بين دولتين لا تربطهما علاقات رسمية. ووصف المصدر الأول الجهود، التي بدأت بعد أيام من زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع للإمارات في 13 نيسان/أبريل، بأنها تركز حاليا على “مسائل فنية”، وأضاف أنه لا حدود لما قد يشمله النقاش في نهاية المطاف.
وأكد الرئيس السوري وجود محادثات مع إسرائيل خلال مؤتمر صحفي مع ماكرون من أمام قصر الإليزيه، قائلاً: إن “المفاوضات مع إسرائيل تجري من خلال وسطاء لكنه لم يحددهم”. وأضاف أن “هناك مفاوضات غير مباشرة تجري عبر وسطاء لتهدئة الأوضاع ومحاولة امتصاص الوضع بألا تصل الأمور الي حد يفقد السيطرة عليه كلا الطرفين”.
ورغم نفي الإمارات التوسط بين دمشق وتل أبيب، إلا أن “رويترز” أكدت نقلاً عن مصدر مخابراتي أن مسؤولين أمنيين إماراتيين ومسؤولين في المخابرات السورية ومسؤولين سابقين في المخابرات الإسرائيلية شاركوا في قناة الاتصال، من بين آخرين.
ولفتت الوكالة إلى أن جهود الوساطة جرت قبل ضربات إسرائيلية على سوريا، بما في ذلك غارة على بعد 500 متر فقط من القصر الرئاسي في دمشق.
وتبذل الإدارة السورية الجديدة، جهوداً لإظهار أنهم لا يشكلون أي تهديد لإسرائيل، إذ التقوا بممثلين عن الجالية اليهودية في دمشق وخارجها وألقت السلطات القبض على عضوين بارزين في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، والتي شاركت في هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
في غضون ذلك، وصل وفد من الكونغرس الأميركي إلى العاصمة السورية، حاملاً ما وصف برسائل سياسية مباشرة، في ظل تحركات متجددة لإعادة ترتيب الملفات الإقليمية، وخصوصا ما يتعلق بتوسيع “الاتفاقيات الإبراهيمية” وتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا.
وقال عضو الكونغرس الأميركي كوري ميلز، إن توسيع الاتفاق الإبراهيمي للسلام أمر مهم بالنسبة لإدارة الرئيس ترامب، وأن الأنظار تتجه إلى سوريا في هذه المرحلة الدقيقة.
وبينما تكثر التكهنات حول احتمال إدراج سوريا في الاتفاقيات الإبراهيمية، فإن المعطيات على الأرض لا تشير إلى تغير جذري. وقال الدبلوماسي الأميركي جيمس جيفري لقناة “سكاي نيوز”، إن “الحديث عن التطبيع مع إسرائيل مقابل رفع العقوبات غير محسوم”، رغم أن وفد الكونغرس الأميركي أكد من دمشق مناقشة هذا الخيار.
وبينما تجد دمشق نفسها أمام لحظة مفصلية، حيث إن المطالب الأميركية تتعاظم، والمشهد الإقليمي يتغير بوتيرة متسارعة، يؤكد ترامب أنه سيعمل على إضافة المزيد من الدول إلى الاتفاقات الإبراهيمية.