عنب بلدي – كريستينا الشماس
يقف الشرطي "أبو أحمد" بدءًا من الساعة الثامنة صباحًا كل يوم تحت جسر "فكتوريا" في دمشق، لتنظيم حركة المرور كما اعتاد منذ 55 عامًا، فما زال يمارس عمله منذ تعيينه في سلك الشرطة عام 1970 حتى الآن، ليصبح أقدم شرطي مرور في سوريا.
"مهنتي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتي"، بهذه العبارة بدأ الشرطي محمد زياد شهوان الشهير بـ"العم أبو أحمد" حديثه لعنب بلدي، ويبلغ من العمر اليوم 81 عامًا، وما زال مستمرًا بالعمل.
التحق "أبو أحمد" في سلك شرطة المرور منذ عام 1970، وجاء فرز عمله إلى منطقة "فكتوريا" التي استمر في تنظيم حركة المرور بها حتى إحالته للتقاعد سنة 1994، لكن خبرته في المنطقة التي كانت تجمعًا للوزارات سابقًا، وحبه للعمل جعله يعود بعقد استمر حتى سقوط النظام السابق.
"جلست في المنزل لما يقارب ثلاثة أشهر كانت الأثقل على قلبي، إلى أن جاءت مكالمة أخبرتني بإمكانية عودتي، لأتلقى أجمل خبر في حياتي"، هكذا وصف "أبو أحمد" سعادته عندما علم بعودته للعمل بعد سقوط النظام، رغم إخباره من قبل برفض طلبه نظرًا لتقدمه في السن.
علاقة ودية مع السائقين
واكب "أبو أحمد" التطورات التي مرت بها العاصمة منذ سنة 1970 وحتى الآن، لتصبح منطقة فكتوريا بتطوراتها تاريخًا راسخًا في ذهنه، بحسب تعبيره.
استطاع الشرطي خلق ألفة ومودة مع السائقين والمارين في منطقة فكتوريا، "أتبادل التحية معهم وأسمع كلمات داعمة تترك أثرًا طيبًا في قلبي"، قال "أبو أحمد".
ويتبع "أبو أحمد" أسلوب الحديث مع السائقين المخالفين عوضًا عن إجراء المخالفات بحقهم، على حد قوله، "الكلام الطيب قادر على تغيير سلوك الفرد أكثر من مخالفة قد لا تجدي نفعًا في بعض الأحيان".
ويلجأ "أبو أحمد" لإجراء المخالفات بحق من يتعدى على قوانين المرور أو يلحق الأذى بالآخرين، ومن لا يرتدع من التنبيهات التي يوجهها له.
رغم رفض "أبو أحمد" لمهنته في البداية وعدم حبه لها، فإن دعم والده له غيّر مفهومه في الحياة، فكرّس حياته في مهنة شرطي المرور.
حلم دخول "غينيس"
"عندما يأتي حفيدي أحمد لزيارتي، يرتدي الزي الرسمي لشرطي المرور ويقوم بتقليد حركاتي"، هكذا عبر "أبو أحمد" عن سعادته بحفيده البالغ من العمر خمس سنوات، والذي يحلم بأن يصبح في المستقبل شرطي مرور مثل جده.
ويتلقى "أبو أحمد" الدعم المعنوي من عائلته المكونة من خمسة أبناء وعشرة أحفاد، لتشجيعه على الاستمرار في عمله، وتحقيق حلمه وحلم عائلته بدخول موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية كأقدم شرطي مرور في العالم.
ولا يفكر "أبو أحمد" بالاستقالة من عمله طالما يتمتع بصحة جيدة، "عدو الإنسان الراحة، ولتستطيع ترك بصمة في عملك يجب أن تبذل مجهودًا"، قال "أبو أحمد".
ويأمل "أبو أحمد" من الحكومة الانتقالية تحسين الرواتب وتعويضه عن سنوات عمله الماضية، فالراتب الذي يتقاضاه لا يكفي لثلاثة أيام، ورغم ذلك يستمر في عمله حبًا ووفاء لمهنته.