الإثنين, 12 مايو 2025 09:58 AM

في إدلب: قلق متزايد من اعتماد الطلاب على الذكاء الاصطناعي في كتابة التعبير.. هل يفقدون مهاراتهم؟

في إدلب: قلق متزايد من اعتماد الطلاب على الذكاء الاصطناعي في كتابة التعبير.. هل يفقدون مهاراتهم؟

إدلب – سماح علوش: عبّرت مدرّسة اللغة العربية رهف عن استيائها بعد أن شاهدت مواضيع التعبير لطالباتها في الصف السابع الإعدادي "معظمها متشابهة، وتخلو من الإبداع". ووجدت المعلمة المقيمة في مدينة إدلب أن معظم الطالبات استعنّ بأدوات الذكاء الاصطناعي مثل تطبيق "ChatGPT" في كتابتها.

واعتبرت المعلمة أن معظم الطلاب أدمنوا استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وخصوصًا أصحاب الدخل المحدود، فلا قدرة مادية لذويهم على تأمين دروس خصوصية لمساعدتهم بحل الواجبات، وفهمها وتقويتهم بالمواد التي يعانون ضعفًا فيها. "هنا تقع الكارثة"، وفق تعبيرها، لأن الطلبة يعتمدون على المواقع التي تتيح لهم حل جميع المواد وفق المناهج السورية، أو تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فيفقد الطالب القدرة على فهم القواعد النحوية والإملائية، وتتراجع مهاراته الإبداعية في صياغة جمل ونصوص تعبيرية، ما يقلل فرصه في تطوير أسلوبه في الكتابة، فضلًا عن استخدام المجيب الآلي في بعض الأحيان مفردات عاميّة، أو بلهجات أخرى ليست باللغة العربية الفصحى، ما يسبب خلطًا بينهما فيقع الطالب في الخطأ باستخدامها.

إيجابيات وسلبيات

وفقًا لرصد عنب بلدي لآراء بعض المعلمين والمعلمات في مدينة إدلب، تعددت الإجابات بين مؤيد للفكرة نظرًا لما فيها من إيجابيات، ومعارض لها بسبب تأثيرها السلبي على مستوى الطلاب وتحصيلهم العلمي.

من وجهة نظر زينة، وهي معلمة لغة إنجليزية في إدلب، فإن لمثل هذه التطبيقات والأدوات دورًا إيجابيًا في تعزيز تحصيل الطالبات للقواعد والمصطلحات اللغوية في مادتها، لما توفره من ترجمة تقوي لديهن المخزون اللغوي، والذاكرة الحفظية على إنشاء جمل بقواعد سليمة. أما من ناحية اعتماد الطالبات على التطبيقات في حل الواجبات، فأكدت أنها تقوم خلال الحصة الدراسية بحلها بمشاركة الطالبات بعد إعطائهن القاعدة، وذلك للتأكد من فهمها وتطبيقها، وتقتصر الواجبات على كتابة جمل أو مواضيع لأفكار معيّنة. وفي كلتا الحالتين، يكون أثرها لمصلحة الطلبة سواء اعتمدوا على التطبيق الذي يقدم لهم مفردات جديدة فيستفيدون من قراءتها وترجمتها بشكل صحيح وتخزينها، أو اعتمدوا على أنفسهم في كتابتها.

من جهتها، قالت مدرّسة اللغة العربية رفاه أحمد، إن الطالبات اللواتي قدمن من تركيا هم الفئة الأكثر استخدامًا لـ"ChatGPT"، لما يعانينه من صعوبة في تعلم اللغة العربية وقواعدها، ووجدنه أكثر يسرًا وسهولة في إيجاد حل للواجبات والقواعد دون تعب أو جهد. وقالت المعلمة لعنب بلدي، إنه بهذه الحالة يقع الطلبة في فخ المعلومات الخاطئة وعدم الفهم، حيث يكتبون دون فهم لها، ومع مرور الوقت ينتهي العام الدراسي دون أن يحققن أي تقدم أو يصبحن بمستوى أقرانهم الذين تعلموا في سوريا وتابعوا الدروس، فقواعد اللغة العربية مرتبطة ببعضها، وعليهم فهم قواعدها ليتمكنوا من الكتابة والقراءة بشكل صحيح.

حلول للتقليل من أثرها السلبي

المعلمة رفاه اعتبرت أن الخروج من الأسلوب النمطي المعتاد في المدارس يعتبر الحل الأمثل لتطوير العملية التعليمية في المدارس مع مراعاة مستوى الطلاب والفروق الفردية، وبالتالي إعطاء الطالب حقه في الحصة الدراسية للمشاركة في الحل وإظهار إبداعه سواء في حل الواجبات بتوجيه من المعلم، أو في الكتابة. هذا التفاعل يعزز ثقة الطالب بنفسه، مع استخدام المعلم عبارات تشجيعية ولو كان إنتاج الطالب قليلًا مقارنة مع المستوى المطلوب، وتحفيزه لتطوير مهاراته في المستقبل من خلال تقويم الأخطاء، فتلقي المعلومات وفهمها وحفظها يكون أفضل مع الجماعة، وبالتالي التقليل من الواجبات المنزلية كي لا يقع في ذات الخطأ ويعتمد على غيره في حلها، وفق المعلمة رفاه.

من جهتها، اعتبرت المعلمة رهف أن حصة التعبير هي مساحة لإظهار إبداع الطالب، ومع ضيق الوقت المحدد لها، لا يمكنها تصحيح المواضيع وتصويب الأخطاء في حال تمت كتابتها في المدرسة، ومع ذلك تحاول بين فترة وأخرى اتباع أسلوب الترغيب لتحفيز طالباتها الاعتماد على أنفسهن بمساعدتها عن طريق كتابة وترتيب أفكار مختصرة ليتوسعوا في شرحها، والترهيب حينًا باكتشافها لأي عملية نقل حرفي دون إعادة صياغة باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي أو مواقع إلكترونية من خلال تشابهها.

كما أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي يمكن استغلالها بشكل إيجابي من قبل المعلم، للبحث عن أهداف وأساليب تعليمية متطورة، والاستفادة منها وتطبيقها على الطلاب، وإعطاء الطلاب مشاريع تتعلق بموادهم الدراسية للبحث عن معلومات إضافية تغني دروسهم، وتشجيعهم عن طريق إضافة علامات في المواد، ومناقشة الأفكار مع باقي الطلاب لتعم الفائدة على الجميع.

وحذر باحثون من “Microsoft” وجامعة “Carnegie Mellon” الأمريكية من تأثير الاستخدام المفرط للذكاء الاصطناعي التوليدي في العمل على مهارات التفكير النقدي. وقال الباحثون إن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يؤدي إلى تقليص استخدام مهارات التفكير النقدي العليا مثل الإبداع والتحليل والتقييم، حيث يصبح التركيز فقط على التحقق من صحة استجابات الذكاء الاصطناعي.

مشاركة المقال: