الأربعاء, 30 أبريل 2025 06:19 AM

سوريا تحذر الأمم المتحدة: الاعتداءات الإسرائيلية تهدد الاستقرار وتُعيد الجماعات المتطرفة

سوريا تحذر الأمم المتحدة: الاعتداءات الإسرائيلية تهدد الاستقرار وتُعيد الجماعات المتطرفة

استنكر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الثلاثاء، الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على بلاده، محذرا من أنها تشكل تهديدا حقيقيا وتفتح المجال للفوضى ولعودة الجماعات المرتبطة بإيران لزعزعة الاستقرار.

جاء ذلك في كلمة ألقاها أمام جلسة لمجلس الأمن حول الأوضاع بالشرق الأوسط، استعرض خلالها النجاحات التي حققتها حكومته منذ إسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024.

وقال الشيباني بهذا الخصوص: “لقد شكلنا حكومة انتقالية تضم خيرة الكفاءات الوطنية وممثلين عن مختلف أطياف المجتمع السوري”.

ولفت إلى أن الحكومة السورية “حازت بالإجماع مؤخرا على تأييد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”.

وأضاف: “رغم التحديات الجسيمة، نجحنا في توحيد الفصائل العسكرية تحت إطار دستوري مشترك وبرنامج إصلاحي حقيقي”.

وتابع: “وفي أول حوار وطني شامل اجتمع ما يقارب ألف سوري في القصر الرئاسي ليناقشوا أبرز القضايا التي تمس مستقبل البلاد”.

وأشار في هذا الصدد إلى أن حكومة بلاده “على وشك إطلاق هيئة للعدالة الانتقالية، وهيئة مستقلة معنية بمصير المفقودين”.

وأفاد بأن حكومته “تتعاون مع الآلية الدولية المستقلة والمحايدة وسواها من الهيئات المعنية بالعدالة لتوثيق الجرائم وبحث أفضل للسبل الممكنة لتحقيق العدالة والمسائلة ومنع تكرار الانتهاكات”.

وتحدث كذلك عن الشراكة التي تقيمها حكومته مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لـ”تحديد وتدمير ما تبقى من ترسانة النظام السابق”.

وشدد على أن “هذه الخطوات كانت قبل نصف عام فقط (قبل إسقاط نظام الأسد) ضربا من ضروب المستحيل، إلا أنها اليوم واقع ملموس”.

** تهديد حقيقي

واستدرك الشيباني: “مع ذلك، فإن عملنا الوطني هذا يتعرض لتهديد حقيقي يتمثل في الاعتداءات الجوية الإسرائيلية المتكررة التي تنتهك أجواءنا وسيادتنا”.

واعتبر أن “الذرائع (الإسرائيلية) التي كانت تُستخدم لتبرير تلك الضربات من وجود جماعات مسلحة مدعومة من الخارج لم تعد قائمة”.

وقال: “الضربات (الإسرائيلية لبلدنا) لا تعد خرقا فاضحا لقرارات مجلس الأمن وخاصة القرارين 242 و497 فحسب، بل تدمر بنيتنا التحتية المدنية، وتفتح المجال مجددا للفوضى ولعودة المليشيات التي ناضل السوريون 14 عاما لمواجهتها”.

ويدعو القرار رقم 497 الذي أصدره مجلس الأمن في 17 ديسمبر/ كانون الأول 1981، إسرائيل إلى إلغاء ضم مرتفعات الجولان بحكم الأمر الواقع.

فيما ينص القرار 242 الذي أصدره مجلس الأمن في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 1967، على انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في حرب يونيو/ حزيران 1967، بما فيها الجولان السوري والضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء المصرية.

وأضاف الشيباني: “اليوم الشعب السوري يشعر بالقلق والتهديد من الجانب الإسرائيلي نتيجة الضربات المستمرة والقصف العشوائي والتوغل الجائر، وكل ذلك يدفع الناس إلى النزوح والهجرة من القرى والبلدات المحاذية للحدود في الجنوب السوري”.

ورغم أن الإدارة السورية الجديدة، برئاسة أحمد الشرع، لم تهدد إسرائيل بأي شكل، تشن تل أبيب بوتيرة شبه يومية منذ أشهر غارات جوية على سوريا، ما أدى لمقتل مدنيين، وتدمير مواقع عسكرية وآليات وذخائر للجيش السوري.

وأكد الشيباني أن “المسيحيين والأكراد والعلويين والدروز والعرب (في سوريا) متفقون بشكل كامل على عدم القبول بالتدخل الأجنبي في بلادهم، ويرفضون الممارسات الإسرائيلية ولا يقبلون أن يتم استخدامهم في اللغة الإعلامية الإسرائيلية التي تسعى لتقسيم سوريا وتركها هشة ومليئة بالفوضى وعدم الاستقرار”.

وأضاف:‎ “حتى اليهود السوريين الذين التقينا بهم مرارا وتكرارا يرفضون هذه المخططات وهذه السياسات”.

وبينما تؤكد الإدارة السورية الجديدة حمايتها لجميع طوائف البلاد دون تمييز ضمن وطن واحد، تُردد إسرائيل ادعاءات عن تعرض الدروز في سوريا لاعتداءات، ملوحة بالتدخل العسكري لحمايتهم.

الأمر الذي تعتبره دمشق ذريعة من تل أبيب لمواصلة انتهاك السيادة السورية.

** مزيد من العنف

وحذر الشيباني من أن “النهج التوسعي والمبالغة في المخاطر وعدم احترام أمن الجوار وسيادته (من قبل إسرائيل) سيؤدي بكل المنطقة إلى مزيد من العنف والصراع وعدم الاستقرار”.

كما حذر من أن “ممارسات إسرائيل تجاه سوريا هي التي تشجع وتوفر البيئة المناسبة للجماعات المرتبطة بإيران لزعزعة الاستقرار في سوريا”.

وشدد على أن “عدم اتخاذ قرارات حاسمة لنشر قوات فصل القوات في المنطقة العازلة سيقوض تلك المساعي الدولية ويضعف إمكانياتها ويجعلها تفقد الثقة أكثر”.

وتحتل إسرائيل منذ 1967 معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت الوضع الجديد في البلاد بعد إسقاط نظام الأسد، حيث احتلت المنطقة السورية العازلة، وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك بين الجانبين لعام 1974.

** تنفيذ القرار 497

وقال الشيباني: “اجتمعنا لعدة مرات مع مسؤولي يوندوف (قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في الجولان)، والذين يشعرون باليأس والإحباط والعجز نتيجة لتعطيل الجانب الإسرائيلي لمهامهم المبرمة من مجلسكم هذا”.

وذكّر الوزير مجلس الأمن بأن “مرتفعات الجولان لا تزال بعد قرابة 50 عاما على ضمها غير الشرعي تحت الاحتلال (الإسرائيلي) في تحد صارخ لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة”.

وجدد المطالبة “بتنفيذ القرار 497 بالكامل، وتمكين قوات يوندوف من استعادة خطوط ما قبل الرابع من يونيو/حزيران 1967”.

** وقف النار بغزة

وفي سياق آخر، أكد الشيباني “وقوف بلاده إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق ‎في غزة الذي لا يزال يتحمل عبء حرب ضروس تتوالى فيها الضربات الجوية ويُفرض عليه حصار خانق وتجويع متعمد واستهداف للمسعفين والصحفيين وهدم للبيوت وانتهاك متكرر للهدن الهشة”.

وحذر من أن “هذه الانتهاكات لا تسبب مأساة إنسانية فقط، بل تغذي أيضا دوامة عدم الاستقرار في المنطقة”.

وطالب بـ”وقف فوري لإطلاق النار لحماية المدنيين في غزة وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع بلا عوائق”.

** دعوة لرفع العقوبات

وجدد الشيباني دعوة مجلس الأمن والمجتمع الدولي بأسره إلى رفع العقوبات المفروضة على بلاده وتمكين السوريين في الخارج من العودة طوعا بكرامة وأمان.

وقال إن “العقوبات المفروضة على سوريا، والتي فُرضت في الأصل ردا على عنف النظام السابق أصبحت اليوم تعاقب ضحاياه وتحول دون حصولهم على المواد والتمويل والخدمات الضرورية لإعادة الإعمار”.

وأضاف أن “عودة اللاجئين تعد محورا أساسيا في جهود التعافي، فسوريا قبل كل شيء تنهض بأبنائها، لكن السوريين لن يعودوا إلى ركام أو إلى بيئة تخنقها العقوبات”.

واختتم كلمته قائلا: “أمام هذا المجلس مسؤولية تاريخية وفرصة حقيقية لدعم تعافي سوريا واستقرار المنطقة برمتها”.

وطالب المجلس بـ”دعم الآليات التي تحقق العدالة لجميع الضحايا، ووضع رؤية مشتركة واضحة ومنسقة لإعادة الإعمار، وفتح سبل التجارة وضمان عودة آمنة وكريمة للاجئين”.

وبسطت فصائل سورية في 8 ديسمبر 2024، سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاما من نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

مشاركة المقال: